التبشير الليبرالي بالدولة السعودية
الرابعة.. ماذا وراء الأَكَمَة؟
الحمد لله وبعد: فيُطلق مسمى الدولة السعودية الرابعة ويراد به واحد من
أمرين: الأول قطيعة زمانية كما حدث مع الدولتين
– المرحلتين - الأولى والثانية, ولكن هذا – منطقيًّا - غير مراد هنا لأننا لازلنا في
ظل الثالثة ولم تنقطع بعد! فلم يبق إذن سوى القصد الثاني
وهو: القطيعة المنهجية عقديًا وفكريًّا وأخلاقيًّا
مع الدولة الثالثة, فهذا هو مرادهم وأمنيتهم, وقد ألمح منظروهم لذلك كثيرًا
وصرّحوا تارات. وبالطبع فهذه القطيعة سيعقبها - في
أذهانهم - قطع الصلة بسلطة الأسرة الحاكمة عبر مرحلتين:
الأولى:
بردّها لتكون ملكيّة تشريفية بلا سلطان ولا قيادة.
الثانية:
عبر هدم المؤسسة السياسية كليًّا وبناء هيكل سياسي وثقافي وقيمي ليبرالي جديد لا
يمت بصلة لما سبقه!
لذلك فمسماها الذي وضعوه (السعودية الرابعة) لا يعدو أن يكن رمادًا للعيون
القلقة والعقول المترقبة, فلا خير في فتنتهم هذه, فلا دين محفوظ ولا دنيا صالحة.
يا سادة: المسألة ليست إشارت بعيدة من هنا وهناك استدعاها الذهن المتوجس
وأكمل فراغاتها بخياله, كلّا بل إن دخان الفتنة راء للعيان, ومن له أذنان فليسمع!
خطورة ذلك في التالي:
1- أن هذا الفكر يستبطن فكرًا ثقافيًّا
دخيلًا على أمة الإسلام, ويقوم على تراث وأصول غربية المنشأ والنتاج, وثمارها خلاف
غاية الخلق الإنساني "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
2- أن سنن الله لا تتخلّف, وإن تأخّر وقوعها في
نظرنا القاصر المقصّر فهو راجع إلى أسباب لم تكتمل أو موانع لم تزل, وكلٌّ بقدر
الله وحكمته. "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في
الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من
بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا" وبالمقابل في الطرفين: "إن
الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" إن
خيرًا بخير منه أو شرًّا بعاقبته. ويا قوم: الوَحا فليس كل برقٍ خلّب!
3- أن البناء القائم هو الأصلح للسلم الاجتماعي والرفاه
الشعبي إن تم ضبطه بمعايير شرعية صحيحة وأيدي صادقة مخلصة.
وهنا
ننبه لأمر مهم وهو أنهم في ابتداء مطالبهم لا يكثرون الحديث فيما يغضب السواد الأعظم
للشعب عليهم من النداء بتنحية الشريعة والإلزام بالتغريب الثقافي والسلوكي, فهذا وإن
كان هدفًا حاضرًا واضحًا لديهم إلا أنهم يرون أن من الصالح لهم تأجيل الحديث فيه ريثما
يرون قابلية الساحة لذلك (الوباء) أما المرحلة الراهنة فهي
الكلام العام المجمل عن الحقوق والحريات ونحوها بطريقة رمادية حمّالةَ أوجه, فيلقون
كلامًا يقوله الصِّدِّيق والزنديق, بلا تفصيل وإيضاح إلا لما لا بد منه لاختراق لُحمة
الشعب وسُداه, ويأبى الله إلا أن تخرج من أفواههم من حين لآخر فلتات محرجة فاضحة.
4- الديمقراطية فاسدة على مر العصور, وإن كانت في زمننا قد أصلحت كثيرًا
من عيوبها, بل قد فاقت - بكل مرارة - كثيرًا من تطبيقات المسلمين! وليس العيب في الإسلام,
إنما في الانحراف عنه, فكثيرٌ مما نراه هي نماذج مشوّهة لشرعته. أما الديمقراطيات الحديثة فإنها - وإن أصلحت جانبًا من الدنيا -
فأنّا لها إصلاح الدين, فأساسها الذين تقوم عليه هو المادية المطلقة. وهذا أمر
لا بد أن يكون واضحًا بين عيني كل من يعاني أمر السياسات وفقه المقارنة بينها.
إن المتتبع لحال دول العالم عبر التاريخ يرى أن كثيرها قد تأرجح - في
متوالية حقيقة بالدراسة والتعجب - بين استبداد مطلق ألجركي أو فردي شمولي ديكتاتوري
وديمقراطية بحرية شبه فوضوية. فالأول يثمر الأمن والسلم مع خنق الحريات وسلب
الحقوق, والثاني بضده حلاوة ومرارة, أما الإسلام فقد جمع حسنتيهما في نظام متسق
فريد "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"
وملاك القول أن هؤلاء الذين يبشرون بالدولة الرابعة
لا بد أن لهم إيحاء وتوجيه من الشرق أو الغرب ممن يرومون إبدال الدولة من جذورها بما
فيها هيكل الأسرة الحاكمة, وتنفيذ هذا في العادة يكون تاليًا للمرحلة الاولى في حالة
نجاح تلك المرحلة وإلا كان هو الأول وهي تالية له.
والشعب بأغلبية ساحقة مؤمن سلفي بالفطرة, ويحب
السكينة والطمأنينة, ويكره تغير الحال واضطراب الأمن, وكلما رفع أحد عقيرته بالتغيير
صاح به الشعب من كل جانب قائلا بلا مثنوية: قد بايعنا هؤلاء على الكتاب والسنة فلن
يكون الانتقاض من جهتتا, فمن وفى وفينا له, ومن نقض فعلى نفسه, فالقضية قضية دين وآخرة
قبل أن تكون حظوظ دنيا.
ومضة: من أسباب نشر معتقد أهل السنة والجماعة في العالم الرفاه
المالي الذي امتن الله به على الدولتين السعوديتين الأولى والثالثة فالمال رافد
مهم للدعوة إلى الله سواء بالكتب أو الدعاة.
إبراهيم الدميجي
aldumaiji@gmail.com
أنى بالالف المقصورة كما هو في المصحف
ردحذفهداك الله هل تريد استمرار الوضع الحالي بما فيه من فساد وسرق وسوء إدارة وتغريب وانحلال وسفور
ردحذف