مقترحاتٌ لجهات التربية
والتعليم
الحمد لله العليم المؤمن المهيمن, والصلوات والبركات على النبي المعلّم,
وعلى آله وصحبه وسلّم, أما بعد:
فإن اللبنة الأولى لبناء أمة, والشبر الأول في مسيرة إصلاحها لا بد أن يبدأ
من هنا؛ "التعليم" فالأُمّة التي يكون تعليمها قويًا متكاملًا؛ يكون
صلاحُها على قدرِه, في الدين أو الدنيا, والذي يقود البلاد بعد عشرين سنة فقط هم
الجلوس على مقاعد الدراسة الآن _بمشيئة الرحمن_ فهلّا أعطينا الأمر أًهبته؟!
وهذه مقترحات مُبْدَاة لمن بيدهم دفّة التربية والتعليم, سائلًا ربي
التوفيق والسداد لي ولهم وللمسلمين:
الأول: العنايةُ بالأصول التعليمية
المعتبرة, على امتداد مسيرة الأمة منذ القرون المفضلة إلى هذا العصر, في المعتقد
والفقه والسلوك والأخلاق, ثم في المناهج التجريبية التطبيقية المتنوعة بحيث أن لا
تزاحم الثانية الأولى, بل يكون هناك سقف جامع للأربع الأول حتى إذا استتمّهُ
الطالب أُخِذ بيده شيئًا فشيئًا في علوم الدنيا, مع وجود سقفٍ ثانٍ لهذه العلوم
التي لا تنفكّ عنها حاجةُ الناس, وبعد ذلك يكون التخصّص وفق مواهب الطلاب, بحيث لا
تزاحم علوم الدنيا الدين.
ومن فروع ذلك الحذر من تقليص مقرّرات التربية الإسلامية واللغة العربيّة,
فهذا دين رب العالمين, وهو غير قابل لاجتهادات من شاء, وإذا أصيبت الأمة في محاضن
تعليمها فلا تسل عن تردّيها وهلاكها!
الثاني: الرقابة الصارمة فيما يخصّ مكر بعض
من لا خلاق له من إفساد فلذات الأكباد, ببرامج وقرارات مخالفة لمقاصد شريعة
الإسلام, كالعفاف والفضيلة ونحو ذلك,
الثالث: العناية بالمعلّم وردّ اعتباره
السليب من عدّة نواح:
1- العناية
بتأهيله منذ أيام دراسته, ووضع قيود صارمة للجان قبول المعلمين, حتى لا يدخل
للتربية والتعليم من هو مُحتاجٌ لتربية وتعليم!
2- مشكلة
حقوق المعلّمين والمعلمات الماديّة, التي استهلكها الناس من كل الجوانب في الحلول
خلا التطبيق والعدالة! وإن كان الوزير الخويطر قد سعى مشكورًا مأجورًا في تثبيت
30% في أصل راتب المعلم قديمًا, فقد تآكلت هذه النسبة بعد زيادات نسبة الوظائف
المدنية والعسكرية خلا المستويات التعليمية!
إن
المعلّمَ والطبيب كليهما ... لا ينصحان إذا هما لم يُكرَما
3- وضع حدّ حاسم لتطاول
الطلبة على حُرْمَةِ التعليم, سواء المعلّم أو المدرسة وغيرهما, وسنّ لوائح
سلوكيّة حازمة. فقد كثر فساد التفاح يا صاحب البضاعة! وصار وضع المدرّس في كثير من
الفصول أشبه بمسرحيّة هزْلية, وليس كل معلّم متمكن من مادته وخلقه قادر على منع
تجاوزات غير أخلاقية, أو حتى قضايا عنف وإهانة, واسألوا أَضَابِير قضايا السلوك
والاعتداء لدى إدارات التربية والتعليم.
ومن هذا الباب نقول: ما المانع من إعادة النظر
بقرار منع الضرب في المدارس؟! مع أن السنّة قد جاءت به, فمشكلتنا أنا نظرنا
لتجاوزات المعلمين في استخدام العصا, فأعنقنا خوفًا من تكرار تلك الحوادث, فصرنا
كمن منع استيراد اللبن خوفًا من التسمّم!
والحلّ
ليس في إطلاق أيدي المعلّمين _خاصة مع وجود آحادٍ اللهُ وحدَهُ يعلم كيف مُكِّنوا
من حمل هذه الأمانة!_ إنما الحلّ يكمن _بنظري القاصر_ في تفعيل اللائحة السلوكية
الأولى, مع إضافة بندِ السماح لمدير المدرسة (فقط) بالضرب _بقيود معينة كنوع العصا
وعدد الضربات_
4- تمكين
مدراء المدارس من هامش حريّة أكثر مما هو موجود الآن, سواء من ناحية جهة الطلاب أو
المعلمين, مع إمدادهم بحوافز جاذبة للكفاءات الإدارية المتميّزة.
5- ابتعاد
الوزارة قدر الإمكان عن استفزاز المعلّم بقرارات تُخسِرها قطاعًا كثيفًا من
المجتمع كان الأحرى أن تكسبهم إليها لا تطردهم عن (جنابها العاجي!) وهذه القرارات
الثقيلة ليست قليلة.
ومن المقترحات عند فئام من
المعلمين إعادة النظر في أمر موعد عودة المعلمين, وأن يكون بقرب عودة طلابهم
بثلاثة أيام ونحوها.
الرابع: أن يكون الدوام ثمانية أشهر من بداية
محرم لنهاية شعبان سنويًا, مع جعل إجازة الربيع أُسبوعين. فيكون محصّل كل فصل
دراسي خمسة عشر أسبوعًا. وفي
ذلك مزايا تفوق كمًّا وكيفًا العيوب. فمن المزايا:
1- ترتيب أوقات
منسوبي التعليم معلمين وإداريين وطلاب, طوال السنة برتابة وانتظام.
2- تسلسل أيام
التعليم بلا انقطاع مخلّ, إذ صار الانقطاع سببًا للارتباك الشديد في منظومة
التعليم جملة من جهتين:
الأولى:
ظاهرة ما يُسمّى بالأسبوعين الميّتين, وهما الأسبوعان السابق واللاحق لأي إجازة,
سواء حج أو ربيع أو منتصف العام ونحو ذلك. ونفي ذلك عن الواقع مكابرة!
الثانية:
اختلال منظومة التدريس وتوزيع المنهج, وترتيب السابق على اللاحق, وأكثر ما يظهر
هذا الخلل في المناهج التطبيقية (المسماة العلمية كالرياضيات والفيزياء ونحوهما...)
3- ثبات
الإجازات على مدار العام له دور في ترتيب حياة الناس وفق السنة الهجرية (سَنَةُ
الأُمّة المُسلمة وسُنَّتُها) ومن فروع ذلك معرفة الناس لأوقات الإجازات بدون كُلفة
وسؤال, وترتيب أمورهم على ضوئها بلا لبس.
هذا ويُعاب ذلك المقترح بطروء شهور يونيو ويوليو وأغسطس على الدراسة في بعض
السنين, وهي أشهر اشتداد الحرّ.
ودفعُ ذلك يكون باهتمام الوزارة بقضية
التبريد هواءً وماءً, وهي القادرة _بإذن الله_ على تكييف جميع مرافق التعليم. بل قد
رصد لذلك ولغيره أموال وصُرِفَت له ميزانيات لا يتخيّلها القارئ الكريم!
وبالمقابل: فشهور الشتاء ديسمبر ويناير وفبراير لم يُراعَ فيها موعد الإجازة,
مع تضرّر الكثير بها, ووفاة عدد من الطلاب في الطابور الصباحي أثناء تلك تلك
الأشهر!
فالأمر إذن مُحتاج لإعادة النظر والتأمّل من
جميع الجوانب.
الخامس: إلغاء إجازة منتصف الفصل الثاني, وإضافتها
لإجازة الربيع, بحيث يكون أسبوعين بدلًا من أسبوع. وهو الأسبوع الذي أثبت بالفعل
ما رآه غالب المُربّين بالقول, فقد قضى على أسبوعين أحدهما قبله والآخر بعده, واستنطق
المدارس في ثلاثةِ أسابيعِهَا البائسة! وليت شِعري ما المُخرجات المفيدة, والثمار
السعيدة من ذلك؟! إن هي إلّا ضياع المعلومات التي يرتبط أولُها بآخرِها, ويحدث فيها
الخللُ عند فكّ ارتباط بعضها ببعض؟! وهو ما فعلته بجدارة تلك الإجازة!
ولا أظنّ من الحصافة في شيء تقديمُ مصلحة السياحة المتوهّمة على ضرر
التربية والتعليم المتيقن, في أعزِّ موارد البلاد على الإطلاق _بعد دينها_ فلذات أكبادهاو
ولبنات بنائها, وبُناة مستقبلها بإذن مولاهم الحقّ.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه, وصلى الله
وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.
إبراهيم الدميجي
27/ 5/ 1434
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق