ولتكن
منكم أمة
حينما يكون المجتمع هو صِمَام أمان إنكار
المنكرات فلا يمكن لأحد من الخلق تغييره بالقوة مباشرة.. ولكن بالمكر طويل الأمد مع
بطش السلطة بالمخالفين قد ينالون مرادهم أو بعضه، ولله حكمة في ابتلاء الخير بالشر،
فالدنيا دار بلاء وابتلاء، والعاقبة في الدارين للمتقين. (ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض).
فقد تتغير أخلاق ومبادئ المجتمع بقوة السلطة
وطول الأمد؛ كما ذكروا عن باسل الأسد أنه كان ينزع الحجاب بيده من وجوه العفيفات في
الميادين العامة في دمشق حتى استمرأ الناس ذلك التبديل، وكما غير أتاتورك الأحرف العربية
بجرة قلم رئاسي، ثم أتبعها بقرارات تبديلية للدين جملة.. بل كيف غير البويهيون والصفويون
ديانة جلّ المسلمين السنة في فارس إلى دين الرافضة بقوة السلاح!
وبالجملة فمن سنن الله تعالى في المجتمعات
أنها عصيّة على التبديل المباشر بالقوة إن كان لديها تديّن - مهما كان الدين - فكيف
إن كان الدين المرضي من رب السماء سبحانه..
وحتى لو صُكّت الأمة بالبطش واندفن الناس زمانًا
تحت ركام خوفهم فلا يزال العزيز الحميد سبحانه يستغرس منهم فئامًا يستعملهم في عظيم
مراضيه، قد جعلهم ذخائر عزم وحصون عفاف وبحار علم وسحائب رحمة وشموس هدى مهما ولوَل
اليائسون ونشَج القانطون.. فعلى المؤمن أن يُحسن الظن بربه وأن يستفرغ وسعه في
مدافعة منكرات نفسه وأمته لعل الله أن ينتظمه في حزبه السعيد (ألا إن حزب الله هم
المفلحون).
وتأمل ما ذكره الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته
قال:
"وكانت النصرانيات واليهوديات من أهل
الشام يلبسن قبل الحرب الأولى الملاءات الساترات كالمسلمات، وكل ما عندهن أنهن يكشفن
الوجوه ويمشين سافرات، أذكر ذلك وأنا صغير، وجاءت مرة وكيلة ثانوية البنات المدرسة
سافرة فأغلقت دمشق كلها حوانيتها، وخرج أهلوها محتجين متظاهرين حتى روّعوا الحكومة
فأمرتها بالحجاب وأوقعت عليها العقاب، مع أنها لم تكشف إلا وجهها، ومع أن أباها كان
وزيراً وعالماً جليلاً، وكان أستاذاً لنا".
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا
يعلمون.
إبراهيم الدميجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق