إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

الاثنين، 8 سبتمبر 2025

لفتة سعدية عظيمة جدًّا

لفتة سعدية عظيمة جدًّا

 

قال السعدي رحمه الله تعالى:

الأمل بالرب الكريم، الرحمن الرحيم، أن يرى الخلائق منه، من الفضل والإحسان، والعفو والصفح والغفران، ما لا تعبر عنه الألسنة، ولا تتصوره الأفكار، ويتطلع لرحمته إذ ذاك جميع الخلق لما يشاهدونه، فيختص المؤمنون به وبرسله بالرحمة، فإن قيل: من أين لكم هذا الأمل؟ وإن شئت قلت: من أين لكم هذا العلم بما ذكر؟

قلنا: لما نعلمه من غلبة رحمته لغضبه، ومن سعة جوده، الذي عم جميع البرايا، ومما نشاهده في أنفسنا وفي غيرنا، من النعم المتواترة في هذه الدار، وخصوصًا في فصل القيامة، فإن قوله: ﴿وخشعت الأصوات للرحمن﴾ [طه: 108]، ﴿إلا من أذن له الرحمن﴾ [طه: 109] مع قوله: ﴿الملك يومئذ الحق للرحمن﴾ [الفرقان: 26] مع قوله ﷺ: «إن لله مئة رحمة أنزل لعباده رحمة، بها يتراحمون ويتعاطفون، حتى إن البهيمة ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه»، أي من الرحمة المودعة في قلبها، فإذا كان يوم القيامة، ضم هذه الرحمة إلى تسع وتسعين رحمة، فرحم بها العباد، مع قوله ﷺ: «لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها» فقل ما شئت عن رحمته، فإنها فوق ما تقول، وتصور ما شئت، فإنها فوق ذلك، فسبحان من رحم في عدله وعقوبته، كما رحم في فضله وإحسانه ومثوبته، وتعالى من وسعت رحمته كل شيء، وعم كرمه كل حي، وجلّ من غني عن عباده، رحيم بهم، وهم مفتقرون إليه على الدوام، في جميع أحوالهم، فلا غنى لهم عنه طرفة عين». أهـ. تفسير السعدي (513).

قلت: وتدبر قوله تعالى: (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون لشيطان وليًّا) كيف ذكر اسمه الرحمن في جانب الوعيد بالعذاب، فمن لم تدركه رحمة الرحمن أرحم الرحمين فليس له من الخير نصيب.

وقد روى الطبراني بسند صحيح أن النبي ﷺ قال: «أتاني آتٍ من ربي فخيّرني بين أن تكون أمتي شطر أهل الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة» وفيه: «إن شفاعتي لمن لا يشرك بالله شيئًا». صححه الألباني والأرناؤوط.

فالحمد لله أن جعلنا من أتباعه، ونسأله سبحانه أن يوفقنا ويهدينا سبلنا ويحسن ختامنا إنه سميع قريب مجيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق