يا وزير الثقافة والإعلام: لا تَبْعَثْ
وثنيةَ أبي لهب!
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على
خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:
فهذه تعقبات على القصيدة الموسومة بـ"في
حضرة النور"التي جادت قريحة الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة
والإعلام بقصيدة في مدح إمام المرسلين صلوات الله وسلامه عليه, وهي ميميّة على روي
قصيدة البوصيري المشهورة التي سارت بها الركبان وطار بها الطرقية وأهل الخرافة في
احتفالهم البدعي بمولد رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه, وقد رأى كثير منهم أن حفلة
المولد لا تكمل إلا بتلاوة تلك القصيدة. وقد سطّر العلماء الرسائل في بيان ضلال
بعض أبياتها, وخروج بعض معانيها الى الشرك في الربوبية والألوهية, فزعم أنه يمدح
رسول الله بما هو في الحقيقة عين المشاقة له والمحادة لسنته!
فلم يُبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا
بالحنيفية والتوحيد والشريعة الكاملة, لا بالشرك والتنديد والخرافة والأساطير
البالية! ومن مدحك بما ليس فيك فقد ذمك, وأظلم الظلم الشرك, وكم من بدعة أفضت إلى
التشريك والتنديد! ويكفي في شؤمها الحديث الذي خرّجه مسلم مرفوعاً:"كل بدعة
ضلالة" ومن ابتدع فقد اتهم ضمناً _وإن لم يشعر_ رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأنه لم يبلغ الرسالة حق البلاغ وأن دينه ناقص! والله تعالى يقول: "يا أيها
الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" (المائدة:
67) وهذه أمثله عابرة على الغلو والإطراء
المذموم الذي نهى عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تطروني كما أطرت
النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله" رواه البخاري. ومما
قاله البوصيري في محادة ومشاقة لهذا النهي الصريح:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ...
سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ...
إذا الكريم تجلّى باسم منتقم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ...
فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ...
ومن علومك علم اللوح والقلم
ومن له أدنى علم ببدهيات التوحيد ومعاقد
الإيمان وصفاء المعتقد؛ رأى بعين بصيرته مواطن الضلال القبيح في هذه الأبيات.
ورسول الهدى صلوات الله سلامه عليه غني عن مدحه
بالكذب, فقد حباه ربه تعالى من الكمالات ما قد أغنته عن تزيّد وإطراء, وهذا بشهادة
العدو الكاشح ناهيك عن المحب الناصح.
هذا, والعجب ممن أعطاهم الله قدرة شاعرية
وبوحاً منظوماً وقريحة عذبة كشوقي _ولم تسلم قصيدته من غلو وسوء أدب مع الله تعالى_
ثم القرني وخوجة في كثير من الشعراء, ثم نراهم ينظمون على ذاك الرويّ البوصيري
بعينه, وليس في ذلك محذور مباشر, لكن ذلك الفعل لا يسلم من الاحتفاء بقصيدة
البوصيري والتسليم لها بالقيادة في المدائح النبوية على ما فيها من مهلكات! نعم
فيها جزالة وبلاغة ورقة, لكن شانها الغلوّ, بل الشرك الصريح, والأمة غنية بالقرائح
الحنيفية, فعلام خضوع الفضلاء للمشوب وقد أغناهم الله بالمحض الصافي؟! فإن أبيتم
إلا اتّباع الرويّ ومعارضة القريض؛ فهل ثمّت أقوى وأمتن وأجزل وأصدق وأرقّ من
دالية حسان رضي الله عنه؟!
وبالجملة؛ فخير ممدوح من الخلائق هو نبي
الهدى صلوات الله وسلامه عليه, وخير الشعر وأصدقه هو ما مُدح به وكان واصفاً لهديه
مرغّباً في سنته منافحاً عن دينه
وملته..ولكن باتباع وإحسان, لا ابتداع وخرافة وجهل وغلو.
وقد سار الشاعر الدكتور خوجة _وفقه الله_ على
هذا السنن, فمدح رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بقصيدته, وقد وُفّق في بعضها
وأخطأه الصواب في أخرى, والظنّ أن بصدره الرحب انشراح لهذه الملحوظات, ومراجعة
لتيك التعقبات, فصديقك من صدقك ونصحك لا من صدّقك وغشك, والمؤمنون نَصَحَةٌ
والمنافقون غَشَشَةٌ.
والخوف عليه من أن يطير مطير بأبياته على هنّاتها
فتكون عليه لا له, فيأتيه الخلل من حيث رام الخير والصواب, فالظن به _وفقه الله_
نقض ما خالف فيه السنة بما يبنيها ويحوطها. مع التنويه إلى أني قد أكون أسأت الفهم
فيما طرحه, ولكن رائدي النصح وحسن الظن, بل أزعم حسن الطوية, والله الحافظ الموفق الهادي.
وقد
تعمدت في نقدي لقصيدته أن يكون ظاهرياً, لأنه الأصل في الكلام دون دخول في
الاحتمالات والمجازات, مع مراعاة مآلات مواضع الكلم في الأبيات لما قد يحتج به
جاهل في تبرير بدعته وتقرير ضلاله اتكاء على أبياتٍ للدكتور لم يقصد بها مارامه
أولئك..والله من وراء القصد وبه التوفيق.
وقد ذكر معالي الشاعر أبياتاً رائقة كقوله:
فالطيب في وجهك الوضاء نفحته .. والصدق وحيٌ على
إفصاحك العصم
أسرى بك الله تفضيلا ومكرمة .. ليلا إلى المسجد
الأقصى من الحرم
أراك ربك من آياته عجبا .. فوق البراق فلم تفتن ولم تهم
صحبت جبريل والرحمن يُقرؤه .. وحيا إليك جليا غير منكتم
أراك ربك من آياته عجبا .. فوق البراق فلم تفتن ولم تهم
صحبت جبريل والرحمن يُقرؤه .. وحيا إليك جليا غير منكتم
وقد أورد الشاعر أبياتاً
بعضها عائم غير واضح الدلالة, وبعضها يحتمل أكثر من معنى, وأخرى باطلة ضالة..قال:
والنفس تصبو فتستشفى وتمخر في .. بحر الهوى دونما خوف
من التهم
التعليق: ليس من التأدب مع نبي الهدى صلى
الله عليه وسلم أن يصفه المحب بالهوى وأنه يهواه, فالهوى عند المحبين من مراتب
العشق, والعشق حب بشهوة ورسول الله يجل عن تلك الأوصاف, وقد تجاوز بعض الجهلة ذلك
حتى ذكروا ما أسموه بالعشق الإلهي!..أما مطلق المحبة فهو شرط الإيمان والذي من
لوازمه الإجلال والطاعة وحسن المتابعة.
فالله يعلم لم أشرك بوحدته .. والله يمحو بنور
المصطفى ظلَمي
التعليق: إن كان يقصد بنور المصطفى صلى الله
عليه وسلم نور الدين والهدى, وأن متابعته سبب في خروجه من ظلام الجهل والمعصية إلى
نور الهدى والطاعة فصحيح. أما إن قصد إسقاط هذا المعنى على المعنى الصوفي الخرافي,
كاعتقاد بعض الجهلة أن الخلائق خُلقت من نور النبي صلى الله عليه وسلم ويروون
أحاديث مكذوبة عليه في هذا المعنى الباطل, وبعضهم يزعم أنه نور ذاتي من نور الله
فهذا باطل محض, بل هو بشر من دم ولحم وعظم وعصب, وهو عبد رسول, عبد لا يعبد ورسول
لا يكذّب, ونوره معنوي وهو ما جاء به من الوحي والهدى, ومن توابع ذلك ما زعموه أن
لولاه لما خلق الله الأفلاك! ويروون أحاديث موضوعة وأخباراً مصنوعة ليس لها من
الصدقية نقيرٌ.
يا خير مرتغب في الحشر نأمله .. يوم القيامة حسبي خير
مُعتَصم
التعليق: الرَّغَب عبادة, وصرف العبادة لغير
الله شرك. قال جل وعز: "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً
ورهباً" (الأنبياء: 90) وقال سبحانه: "وإلى ربك فارغب" الشرح: 8)
والقاعدة: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. وفي الصحيحين من حديث أخذ المضجع
عن حديث البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً: "رغبة ورهبة إليك".
الرغبة من قبيل الرجاء والطمع, وهي من أفراد
الدعاء, بل هي من دوافعه, لذلك يجري عليها ما يجري على السؤال والدعاء, فمن رغب
إلى غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد أشرك.
وعليه؛ فإن قَصَدَ الشاعر بهذا وصف الشفاعة
المحضة يوم القيامة, وأن السؤال المذكور لن يكون إلا هناك فحق, أما إن قصد سؤاله
الشفاعة في هذه الدنيا من دون الله فهذا شرك لأنه دعاء ميت, والله تعالى يقول:
"وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً" (الجن: 18) فقوله: أحداً, نكره في سياق النهي؛ فتعم جميع
الخلق ولا يخرج منهم أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. والشفاعة والطلب تجوز مع اتحاد
دار الطالب والمطلوب لا مع اختلافهما.
كما ذكر الشاعر الحسْب, وأن رسول الله حسبه,
وهذا باطل, فلا يوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك, فالحسْب هو الكفاية, قال
تعالى: "يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين" (الأنفال: 64)
أي الله كافيك وكافي المؤمنين. وبما أن الله هو الوكيل فهو حسب المتوكلين عليه
"ومن يتوكل على الله فهو حسبه" (الطلاق: 3) أي كافيه ومتولي أمره. وتأمل
كيف فرّق الله تعالى بين الحسب وبين التأييد في قوله: "فإن حسبك الله هو الذي
أيدك بنصره وبالمؤمنين" (الأنفال: 62) كذلك فرّق بين الحسب والإيتاء في قوله:
"وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون"
(التوبة: 59) وتأمل كيف جعل الرغبة إليه وحده في تمام الآية. وقد بسط القول في ذلك
شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى في غير ما موضع.
يا سيد الكون دع روحي بتوبتها .. تطوف مرضية في روضك
الفغم
التعليق: النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف
نفسه بذلك إنما قال: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" رواه البخاري, وسيد
الكون في الحقيقة هو الله تعالى, فالسيادة المطلقة من خصائص الربوبية, أما ما ذكر
في الحديث فهو سيادة شرف ومدح لا سلطان وقهر, لذا فالوقوف على ما وصف به نفسه
بسيادته على بني جنسه هو الأولى حسماً لمادة الغلو, وسدّاً لذريعة الإطراء
الممنوع.
في حضرة النور تبقى الروح هائمة .. والله بالنور يهدي
الخلق كلهم
التعليق: العبارة فيها توسع, فما مراده بحضرة
النور؟ إن أراد حضرة نور الوحي والهدي فحق, ولكن بالعقل عن الروح لا بهيامها, ولا
يخلو هذا التعبير من إسقاط فلسفي هندوكي, _ربما غير مقصود_ وإن أراد المعنى
الخرافي من الحضرة النبوية في احتفالات الموالد النبوية وأن رسول الله يحضر بنفسه؛
فباطل وضلال. فليت الشاعر يورد الألفاظ الواضحة المباني السليمة المعاني.
والنور طه نبيٌ، من يلوذ به .. يلقى شفاعته في صد
مُقتَحم
التعليق: طه, ليس من أسمائه صلى الله عليه
وسلم ولا من أوصافه, بل هي من الحروف المقطعة في أوائل السور كأمثال: حم, ألم,
ألر, يس..ولم يصب من عدّه من الأسماء النبوية.
أما عبارة: "من يلوذ به" فمجملة, فاللياذة
من أفراد التعلق والاعتصام واللجوء, فالقول فيها كالقول في الاستعانة والاستعاذة,
فلا تجوز فيما هو مختص بالله تعالى. والشاعر قد حدّد موضع اللياذة هنا فجعلها في
صدّ المقتّحم, ولعله أراد جهنم, فإن أراد وصف حال المؤمنين يوم القيامة في طلب
الشفاعة منه إلى الله فحق, وإن أراد طلبها منه بعد موته فباطل وضلال.
ما ردّ طه البرايا إن هم طلبوا .. تخفيف أوزارهم من
واسع الكرم
التعليق: كأن الشاعر أراد بذلك أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم استجاب في حياته لمن طلب منه الاستغفار, أما إن أراد استجابته
بعد موته فالكلام عليه كالكلام على ما سبق.
لا رب إلا إله واحد أحدٌ .. لا عهد إلا على عهدٍ من
الشيم
التعليق: تفسير كلمة التوحيد بلا رب إلا الله
خطأ, بل الحق تفسيرها بالألوهية كما في قواعد الاشتقاق, فمعنى: لا إله إلا الله,
أي: لا معبود بحق إلا الله, واسم "الله" أصله المألوه أي المعبود, فمن
فسرها بالربوبية فقد أبعد. فظاهر عبارة الشاعر هي ما ذكرنا بدليل وضعه كلمة رب
بدلاً من إله, ولعله أُلجئ إلى ذلك بدافع الوزن الشعري, لكنه لم يصب إن أراد ما
ذكرناه. أما إن كان قصده كلاماً مرسلاً قصد به لا رب في الحقيقة إلا الله فحق,
وهذا ما نرجوه, وليته يتجنب المشتبهات اللغوية.
أما عبارة: لا عهد إلا على عهد من الشيم: فإن
أراد العهد والميثاق الأول فما الداعي لإقحام الشيم, إلا إن كان السبب ضرورةً
شعرية.
ألفوك تهتف بالرحمن مجتليا .. فحصنوك ضحى من شهوة
القرَم
التعليق: شهوة القرم هي شهوة أكل اللحم, فما
الداعي لهذا الوصف, فليس من إجلال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من حسن التأدب
معه وصفه بأن الملائكة قد حصنوه من شهوة أكل اللحم. وقد يفسر القرم بالصغير فما هي
شهوة الصغير المعنيّة بالتحصين؟!
يا أشراف الناس خلْقا زانه خلُقٌ .. وأرحم الناس خصما
عف كالحَكَم
التعليق: لعل أشراف خطأ طباعي عن أشرف.
فكنت أول خلق الله قاطبة .. مَن هَل بالنور في
الأفلاك والسدم
التعليق: الكلام عليه كالكلام على ما مضى من
النور المحمدي في التصورات الطرقية الخرافية. وفي هذا البيت تأكيد للمعنى الباطل,
ولم أجد محملاً آخر, فعلى الشاعر الأوبة من هذه الحوبة والبيان دامَهُ في زمن
الإمكان.
جاوزت أفق طباق ما تجاوزها .. جِن ولا مَلَك أو خارق
النسم
التعليق: هل يقصد بخارق النسم الهواء؟ فإن
كان كذلك؛ فما دليله؟ وإن كان غيره؛ فما معناه؟
يا سيّدي عُدْتُ محزونا وبي كَدَمٌ .. فمن يعيذ من
الضرّاء والكدم
التعليق: الكَدَم هو أثر العض أو الضرب
ونحوه, وفي البيت استعاذة واستغاثة ظاهرة, فماذا بقي لله تعالى بعدها من
إخلاص الدعاء؟! قال تعالى: "قل ادعوا
الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً" (الإسراء: 56)
بباب جاهك لاذت روحنا وبكت .. إن الدموع حديث العابد
الكَلِم
التعليق: التوسل بجاه النبي صلى الله عليه
وسلم بدعة ضلالة, ولو كانت حقاً لكان أسبق الناس إليها صحابته المرضيين. وقد زاد
الشاعر على التوسل بالجاه اللياذة الممنوعة, وسبق الكلام عنها. وقدحرر الأمرين شيخ
الإسلام في سفريه الرد على البكري "الاستغاثة" والرد على الإخنائي
"الإخنائية", كذلك تلميذه ابن عبدالهادي في رده على السبكي في "الصارم
المنكي".
إليك أشكو وصايا الغدر في زمني .. وبعض شكواي جرحٌ
نافٌ الحُمَم
التعليق: وهذا البيت مشابه لما أسلفه من
أبيات لا تخلو من شرك وبدعة, أسأل الله أن يهدي الشاعر للحق وأن يعيذني وإياه من
مضلات الفتن, وهل فتنة كفتنة الشرك والبدعة؟!
يا سيد الخلق لا تغضب على خَلَفٍ .. كثيرهم ضل في
الصحراء كالبَهَم
التعليق: وهذا كسابقه في الضلال وسؤال
الأموات, فإن قال أنا لا أعتقد سماعه لهذا النداء, إنما هي مجرد خواطر وحديث نفس
سطره مداد القريض, قلنا: العبرة بما ظهر لا بما خفي ورُكب لأجله مركب المجاز. وإن
احتج بالسلام عليه في جلسة التشهد في الصلاة بصيغة الخطاب, فتلك الصيغة صيغة سلام
لا دعاء "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" وفي حديث ابن
مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن لله ملائكة
سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام" رواه النسائي وصححه الألباني,
والسلام عليه من جنس الصلاة عليه, كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"
رواه أبوداود وصححه الألباني.
أما عبارة "سيد الخلق" فحالها حال
ما سبق في الكلام على سيد الكون.
فاشفع إذا ظلموا لعلهم ندموا .. كم يغفر الله رُحْمى
ذنب مُتهَم
التعليق: هذا دعاء وسؤال وطلب للشفاعة منه,
وما هذا إلا ذبح للحنيفية من معاصمها, وإحياء للوثنية من مراقدها! والله تعالى
يقول: "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم" (آل عمران: 128)
وقال سبحانه: "قل لله الشفاعة جميعاً" (الزمر: 44) قال الإمام ابن باز
رحمه الله: "..لا تقل: يا سيدي فلان اشف مريضي, أو اقض حاجتي, أو أنا في
حسبك, أو أنا في جوارك...لا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا مع غيره, فهذا حق
الله سبحانه وتعالى... _ثم بين الأدب معه,
ثم قال_ أما الزيادة على هذا بأن تقول: يا رسول الله اشفع لي, أو انصرني, أو اشف
مريضي, أو أنا في جوارك, أو أنا في حسبك, أو أنا مظلوم فانصرني, أو أمتك قد أصابها
ما أصابها فانصرها, أو اشفها مما أصابها, أو ما أشبه ذلك؛ هذا لا يجوز؛ لأنه من
الشرك بالله سبحانه وتعالى, ولكن هذا يطلب من الله, تطلب في صلاتك في المسجد
النبوي وغيره.." مجموع مقالات وفتاوى متنوعة (2/ 79_80)
أنت الذي لا يرد الله دعوته .. فاغسل ضمائرنا من حوبة
السأم
التعليق: هداك الله أيها الوزير! أين ما
تعلمته من علوم الشريعة؟! وأين فطرتك وعلمك؟! وهل تظن أنك تعظم رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالغلو فيه؟!
أسأل الله لي ولك الهدى والتقى, وأن يرينا
الحق حقاً وأن يرزقنا اتباعه, والباطل باطلاً وأن يرزقنا اجتنابه, وأن لا يجعله
ملتبساً علينا فنضل, اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل, عالم الغيب والشهادة,
أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون؛ اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك,
إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
وختاماً أقول: إن تسنّم من يدعوا بشعره
للوثنيّة وزارة الثقافة والإعلام, لهو غش للأمة وخزي وهوان, لا يجوز السكوت عليه
وإقراره, فالمأمول من ولي الأمر أن يسند مثل هذه الثغور لأهل السنة والهدى, لا
البدعة والضلال. وياليت أن من شروط تسنم الولايات والوزارات _ومنها ا لإعلام_
تزكية المفتي للمرشح, حتى لا يُسند الأمر لمن لا يحفظ على الناس ثغورهم, وهل أخطر
من ثغر الثقافة والإعلام؟!
ألا وإن الحال مخيف والواقع مقلق, فثمّ تيّار
تغريبي لحوح لجوج صفيق, يثلم في شعب الأمة, دخلوا من كُوّة حسن ظن ولي الأمر بهم؛
فأضحوا وأمسوا يفتلون في ذروة الأمور وغواربها, فحيناً باستفزاز الأمة بقرارات
وبرامج واحتفالات ونحوها, وتارة بإقرار الاختلاط والفساد, وتارة بابتعاث الأغرار ذكوراً
وإناثاً وهم دون سن النضج وفي نقص لكفاية الرشد والتحصين, مع عدم متابعتهم
المتابعة الكافية, وتارة بتمكين من لهم قدم حرب لله ورسوله على ثغور هي من أخطر ما
تكون! كما نأمل من أولي الأمر أن ينزعوا فتائلاً هم أدرى بقدر تدميرها للُّحمة
والاجتماع, من مظالم واعتقالات وعسف وفساد في الإدارة والمال. وقديماً قال طَرَفة
بن العبد محذراً من التهاون في البدايات التي ربما آلت إلى هَلَكات:
قد يبعثُ الأمرَ الكبيرَ صغيرُهُ ...
حتى تظل له الدماء تصبّبُ
وكم من ناقم قد شق العصا وفرّق الصف وشتّت
الكلمة بتبريرات توهّمها حين رأى أموراً لم يجد لها مساغاً, ولم يطق حِلمه لها احتمالاً,
ولم يُوفّق لحكيم يأخذ بيده لبر الأمان وشاطئ اليقين, بأن لا ينازع الأمر أهله,
وأن لا يعنق في الفتنة التي أعجبه مقدمها, ولو علم خبايا أعجازها لتأخر وسكن وأحجم,
ولكن لا تحين مناص, كما قال نهشل بن حري:
ومولى عصاني واستبد برأيه ...
كما لم يُطع بالبقّتين قصيرُ
فلما رأى ما غب أمري وأمره ...
وولت بأعجاز الأمور صدورُ
تمنّى بئيساً أن يكون أطاعني ...
وقد حدثت بعد الأمور أمورُ
اللهم احفظ بلادنا وبلاد الإسلام من كل نقص في
الدين والدنيا, واكبت أعداءك أعداء الدين, وارزق ولاة أمر المسلمين الهدى والتقى,
وخذ بنواصيهم للبر والتقوى, وأصلح بطانتهم ووزراءهم وشعوبهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال
والإكرام, وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.
إبراهيم الدميجي
2/ 1/ 1433
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق