وصية
حبيب
صح عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ « يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّى
لأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّكَ ». ثم َقَالَ « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ
فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ أن تَقُول اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ
وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ». والحديث
مسلسل بالوصية
ألا ما أعظمه من موصٍ وما أشرفها من وصية. حقيق بكل مؤمن أن يحفظها
ويلزمها.
قال شيخ الإسلام: تأملت أنفع الدعاء فإذا
هو سؤالُ العونِ على مرضاته، ثم رأيتُه في الفاتحة في: "إياك نعبد وإياك نستعين"
فالعون على الطاعة هو جماع الخير.
وقال عنه ابن القيم: كان يقول في سجوده وهو محبوس
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله –أي يلحُّ على الله بها
ويكررها- وقال لي مرة: المحبوس من حُبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسورُ من أسره هواه.
فرطّب قلبك ولسانك بهذا الدعاء الجامع
وخاصة في صلاتك في السجود وقبل السلام.
إن مبنى الدين على قاعدتين: الذكرِ والشكر،
قال تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"
وليس المراد بالذكر مجردُ الذكر باللسان بل بالقلب والجوارح، فالدين كله ذكر. وأما
الشكر فهو القيام بطاعته والتقربُ اليه بأنواع محابه ظاهرا وباطنا.
وهذان الأمران هما جماع الدين، فذكره مستلزمٌ لمعرفته،
وشكرُه متضمن لطاعته، وهذان هما الغايةُ التي خَلَق لأجلها الجنّ والإنس والسموات والأرض،
ووضع لأجلها الثواب والعقاب وأنزل الكتب وأرسل الرسل.
فحق الله أن يذكرَ فلا يُنسى ويشكرُ فلا
يُكفر، وهو سبحانه ذاكرٌ لمن ذكره شاكرٌ لمن شكره. والذكرُ رأس الشكر، وإذا ذكر العبد
نعمة الله تعالى عليه هاج من قلبه هائج الشكر، فالذكر والشكر جماع السعادة والفلاح.
وبالجملة فأنفعُ الدعاء طلبُ العون على
مرضات الله، وأفضلُ المواهب إسعافُه بهذا المطلوب، وجميعُ الأدعية المأثورة مدارُها
على هذا، وعلى دفعِ ما يضادِّه، وعلى تكميله وتيسير أسبابه.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله
وصحبه عدد أنفاسِ أهلِ الجنة.
إبراهيم الدميجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق