إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

الاثنين، 26 أغسطس 2024

سلسلة مقالات: وَقَدْ يَجْمَعُ اللهُ الْشَّتِيْتَيْنِ 1- (المقدمة)

 وَقَدْ يَجْمَعُ اللهُ الْشَّتِيْتَيْنِ

سِيَاحَةٌ فِي مَرَابِعِ الأَدَبِ.. وَشَيءٌ مِنْ حِكْمَة المُحِبِّينَ

 

 

 

 

قَبْلَ الاسْتِهْلَالِ..

   المعنى اليتيمُ الأَخَّاذُ, باللفظِ السَّلِسِ الرَّائقِ, والكَلِم الجزلِ الفاخرِ, إن صادف البال الخليِّ؛ لنفسِ أَدِيبٍ شَذِيّ, فلا تَسَلْ عن عصفه لفؤادِهِ عصفَ الريح المرسلة, وهزِّهِ لمشاعرِه هَزَّ الرَّاح المعتّقِ بعنفوان الرحيق المعبَّقِ, وَوُرودِ قلبِه المُرْهَفِ عليه كالنِّيبِ الهِيم في النَّميرِ العَميم! فحيَّهلاً بك أديباً ذائقاً, ومُحِبّاً وامِقاً..

 

(المقدمة)

بسم الله الرحمن الرحيم

     أحمد ربي على ترادف نعمائه, وأشكره على تراكم آلائه, لا مستحقّ للحمد على التمام سواه, خلق فسوّى, وقدّر فهدى, أتمّ علينا النعمة, وألبسنا العافية, ومن كل ما سألناه أعطانا, فلك الحمد ربنا كما ينبغي لك, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, أحقُّ من عُبدَ, وأَولى من أُحِبَّ, وأكرمُ من أُطِيعَ, وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيّه وخليله وكليمه, خطيب الخلائق إذا وفدوا, ومبشر الناس إذا يئسوا, الأنبياء قد سكتوا لنطقه, والأملاك قد اعترفوا بحقه, إمام العابدين, وخاتم المرسلين, وقائد الغر المحجلين, الرحمة المهداة, والنعمة المسداة. أشهد أن قد كان نبيُّنَا محمدٌ محمداً في قوله وفعله وخَلْقِهِ وخُلُقِهِ, جامعاً لحذافير كمالات البشر, أرسله الله بالهدى ودين الحق, السعيدُ من اتّبعه, والشقيُّ من عصاه, جمع الله بيننا وبينه في أعلى جنته, وأحيانا وتوفانا على سنته, صلى الله وسلم وبارك عليه ما ذرّ شارق وما درّ بارق, وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان, أما بعد:

    فذات مساء ربيعي عَنَّ لي أن أرقُمَ شيئاً من ذكريات أدبيّة, وتباريح شعريّة, وملحٍ تاريخية, دبَّجَتْها في صدري الليالي وزخرفتها الأيام, جُلُّها في النَّسِيب, وهل خلا منه قلب نبيل, أو برأت منه نفس كريم؟! هي مُقطوعات ومنثورات مِسْكِيَّة, كَشَمِّ نسيم الرياحين النديَّةِ, وتنشُّقِ الأزهار المبلّلة بقطر الهتون الحنون, وكالخزامى المائس بأطراف الصِّبا بأنفاسِ نسائم الصَّبا, تَضَوَّعَ عبيرُها وفاح نسيمها بأطيب أرج شمَّه أنف عاشق.

    جعلتُ طُرَّتَها صدر قيسٍ البائس: وقد يجمع الله الشتيتين بعدما.. تاركاً لخيال القارئ اللمّاح اتباع الطريدة, والفوز بالخريدة. فلْتكن في صدرك الطّروب يا صاحِبِي غادةٌ, جمالها فائق وحسنها رائق..

    سطرتها على أديم الفؤاد, بمداد رحيقٍ مباح لا حرام مستباح, وأصل القصة من مأساة صاحبي وبعض أخبار سفرنا صحيح, وما عدا ذلك فمحض خيال دفَقَتْهُ القريحةُ المُضْناةُ في هذه الطروس, على صورة محاورات في تضاعيف الرحلة, حتى يستقيم المراد, فما من بدٍّ من تنضيد وتبجيد، وتدبيج وتنجيد. نظمت عقدها وألبسته جيد النفوس المرهفة، زففتها عروساً مزيّنة, مهداة لمن يستحقها من أهلها, مِنْ عشّاق الأدب الجزل والألفاظ الرقيقة, فاقبلوها أُهَيْل الرهافة واللطافة، وجوزوا عنا يا أهل الكثافة، فما لكم عندنا مشرب ومزمع، ولا لنا إليكم مطمع ومنزع, وليس هذا بعشّك فادْرُجِي, ويا بَعْضِي دَعْ بَعْضاً..

    وَلِمَنْ يفتلِ عند ذكر الأدب شدقه, ويلوي عن محاسنه كشحه: دع قارب أفئدتنا يُبحر رخاءً ويسير هوناً، كمشوق إلى لقاء مشوقة، وأنثارُ وبل إلى كبد يبابٍ صادي..

     وهل تسير قوافل الأدب إلّا على رواحل الخيال؟ وخلف سجف الحقيقة يكمن أبداع الذائقة, فدعني أُعْنِقُ في خيالي بلا طِوَلٍ, وهل استروح أهل النبل والرهافة إلا بعد أن كرعوا في ذلك المشرب؟ ومن رام رقَّة الطبع فليأخذ بسبيل ذلك المرتع, وليتجول بخاطره في ذلك المنتجع، فما لذة اللبانات إلا وصل ما هنالك. إن طيف الخيال يا عبل يَشفي..

    نظمتُ عقده من جواهر الكلم وروائع المعاني, محاولاً جهدي أن يكون اللفظ خادم المعنى لا أن تسترِقَّ فواتقُ الألفاظ أبكارَ المعاني, فقد تعاور البلغاء على أن المعنى إمامُ اللفظ، فإن أَمَّ اللفظُ؛ بَطلَ رونقُ البلاغة, وانتقض نسيج الفصاحة!

     رنوت له أن يكون من أسنى ما تحلّت به أجياد الطروس, رائقاً شائقاً, عبقاً شاهقاً, من ألذ ما سجعت به بلابل الأقلام, وصدحت خلاله خرائدُ الأفهام, فترتشِفُهُ رقائق الأسماع, وتطربُ لرحيقِ سُلَافِهِ هشاشاتُ القلوب, إذا جرت نفثاته في الأفهام؛ قالت: أهذه بنت فكرة, أم بنت كرْمة؟!

    حاولته لفظاً مشرقاً, على سجية طبعٍ عربي, بريء من العجمة طاقته, يرنو لنسج حلل قشيبة, وزرابي في رياض الأدب مبثوثة, عَلَّ رُعاةَ نجع البيان يصدرون ضحىً عن شبعٍ ورواء.

    تعمَّدْتُهُ لفظاً رقيق الحاشية مهدًى لرقيق الحاشية, وكلٌّ حنين لمُشاكِله, وللقلب على القلب دليلٌ حين يلقاهُ, لم أودع إلا ما حَسن إيداعه, ولطف مساغه وإبداعه, وقد استعرت له شيئاً من نثر السابقين ودرر الأولين, واختيار الرجل قطعة من عقله, كما لم يخل من افتراع أبكار الأفكار, وانتقاء أطايب الأنهار. ضَمَّنْتُه فِقَراً منوّعة, دفعاً للسآمة وطلباً للفائدة, أمّلْتُ نثره كنثر الورد, ونظمه كنظم العقد, ورصّعتُهُ بفرائدِ قلائدِ الأبيات اللائي لم يبتذلهن الانتشار, بادٍ على محيّاه رونق الطّلاوة, وتحت لسانه رضاب الحلاوة, وبين ثناياه العذوبة والسلاسة. إن كان وإلا فحاله مع نبلِ ذائقتك كحال امرئ القيس: أحاول ملكاً أو أموت فأُعذرا..

    أَلَا إن الفؤاد تَشْعَفُهُ بعض الأحايين قواصفٌ من عواصف العواطف، فأغيب عمن حولي فلا أحفل بالزمان والمكان, ‏بل قد يحدثني الجليس فلا أسمع ركزه وهمسه حتى يصيح بي مروّعاً ملوّعاً!

‏وذو القلب الحزين وإن تعزّى   ...  يهيّج حين يلقى العاشقينا

    وما كان عليك يا سليل الأدب _إن عاتبت محبك في بسط حروفه_ أن يكون للمحب ريحانة يشمّها وثمرة فؤاد يضمُّها؟! فللأدباء معاذيرهم, ومن لم يَرَ جمال يوسف لم يدر ما الذي أبكى يعقوب عليهما السلام؟ وهل واطئ الجمر كماشٍ على السندس؟!

    واعلم يا رائم الأدب أنّ من أسباب رقة الطبع؛ بَلُّ شغاف الفؤاد بندى أوصاف المحبين, وأريج أخبار العشاق, ‏وإشناف الأسماع بآهاتهم, وإمتاع البصر بعذب جواهم. وقد أرقلتِ الهمّة لذلك منذ سنين, ولكن قد حال همٌّ دون ذلك شاغلُ..

    فاصقل يا بن الأكرمين عارضتك باصطباح هذه الأحرف, وامذق واغتبق, واشرب عللاً بعد نَهَل. وهل يجتمع عطش وريّ؟ إن عرفت الجواب فأعنق راحلة عينيك ومركوب قلبك, وإلا عُدْ لأخلاطك, فلم تمشِ إلا فراسخ! ..واحذر يا من أَرْقَلْتَ نجيبَتَكَ في ذياّك السبيل من تآكُلِ الرّوحِ بعوامل التعرية!

     وتقبّل عذري لكريم جنابك من خلل تراه, أو لفظ لا ترضاه, إذ يستحيل خلوُّ إنسان من نسيان, أو قلم من طغيان, ولكن حسبي رشّ بعض الندى على قلبك, وإرواء لسان كبدك العطشى بفتح نافذةٍ وشقّ ساقيةٍ على من قد علمت من أهيلِ ذاك الوادي الأفيح, وفي التلميح غناءٌ عن التصريح. والله المستعان, وعليه اعتمادي والتكلان.

‏    ألا وإن بعض من بَسَطَ المداد في تيك السابلة, قد جاوز الغاية في التهتك وخلع العِذار, لكن محبّك من خطل ذلك على حذر. بل شعاره: إن لم يكن الأدب رافد عفاف وموقد شرف فلا كان. و جملة الكلام: لعل قُصارى هذه الصحائف أن تُذهب عن نفس المُعَنَّى قتامَهَا..

    ولا ريب أن من امتلأ قلبه من محبة الله استغنى عن محبة غيره, ومن أحب غير الله عُذّبَ به, وعلى حسب نقص محبة الإله الحق في القلب يكون حظّ الخذلان بحب غيره! وكفى بمحبة الله تعالى عن غيرها.. وكفى, ولو لم يكن من ذلك إلا مِدحةَ "يحبّهم ويحبّونه". ولحب الله ورسوله ودينه سطور قد رقمتُها في كتابِي "تعظيمُ علّام الغيوبِ بتوضيحِ أعمالِ القلوبِ" ومرادي هنا؛ أَنَّ حديث أهل المرابع النادية من حاضرة وبادية يسلو بالحزين الكئيب, ويجلو سحائب غمومه, ويذهب كدر أيامه, كما يزيدُ المنشرحَ انبساطاً وانطلاقاً وبِشْراً, ومُحِبَّ العربية زاداً ومتاعاً وذخراً, وسترى _يا رعى الله مُحيَّاك ومَحْيَاك_ أخباراً وأسماراً وأنواعاً من العلوم دَبَّجْتُ بها هذا الرَّقيمَ الموشّى, ومرادي الفائدة والإمتاع, وكلّ خفرة كريمة لن تعدم خاطباً نبيلاً. وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وآله عدد أنفاس أهل الجنّة.

إبراهيم بن عبد الرحمن الدميجي

عشيّة  7/ 10/ 1433

aldumaiji@gmail.com


 

السبت، 24 أغسطس 2024

علاج الوسواس

 

علاج الوسواس

 

الحمد لله، وبعد: فإن الشكوى من الوسواس عامة، والعجيج فيه معتاد.

وسبب الوسواس: الحرص على عدم الإخلال بالواجب.

ولا ينبغي التمادي في خطرات الوساوس، فهي تبدأ بالطهارة، وتُثنى بالصلاة، وتُثلَّث بالإلهيات إن لم تعالج باكرًا.

وهو يقع في العبادات وفي الاعتقادات.

أما الباب الأعظم لدفعه في العبادات بعد الاستعانة بالله تعالى فهو: العلم بأن أداء العبادات مبناه على غلبة الظن وليس اليقين. فلا تفتّش ولا تبالغ في التأكّد من إزالة النجاسة، ولا من الطهارة، ولا التكبير والقراءة ونحو ذلك، فيكفيك أن يغلب على ظنّك زوال النجاسة وذكر التكبير والقراءة ونحوها.

أما في الاعتقادات فعلاجه: إحسان الظن بالله تعالى بتدبُّر قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عفا عن أُمَّتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم»؛ متفق عليه.

فالخطب في خواطر الوسواس يسير، فلا تفزع منه فتقع فيه، كما قال الأول: "فَرَّ من الموت وفي الموت وَقَعْ". وبالله التوفيق.

إبراهيم الدميجي

صفر 1446

 

 

السبت، 17 أغسطس 2024

سجود الجمادات وقنوتها وصلاتها وتسبيحها

سجود الجمادات وقنوتها وصلاتها وتسبيحها

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنّ التفكر عبادة جليلة تقطع بصاحبها مسافات العمل والزمن، وتختصر له طرق الوصول بسلام للدار الآخرة بإذن ربه الأعلى، وهي من أسباب سلامة الصدر من جهة أنها توسّع آفاقه خارج الحياة الدنيا صلةً بالآخرة الحيوان. وقد أمرنا الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله بالتفكر والتدبر والتذكر، فالتفكّر هو إعمال الفكر لتحصيل مادة معرفية نافعة، وعلى ضوئها يكون التدبّر، أي: تلمّس طريقة إحسان العواقب، وإحسان تدبير الحال بما معه من العلم، فالعبد بين تفكّر وتذكر وتدبر، فيعمل فكره في الأدلة، ويتدبر مآلاتها، ويتذكر متّعظًا مستبصرًا خيره وهُداه.

ولذا فقد أُمرنا بالتفكر في النفس والآفاق، أما التدبر فللقرآن العظيم؛ لأن أصول العلم النافع بحذافيرها فيه، فهو مادّةٌ جاهزة للتدبر، أي دبّر حالك وتأمّل مآلك على ضوء هدايتك معانيه.

فالقرآن العظيم قد حوى أصول العلم النافع بإطلاق، فمنها ما هو واضح بيّن، وهذا حالُ معانيه التي يحتاج إليها عامة الناس للقيام بحسن التدين لله تعالى، ومنها معانٍ تحتاجُ إعمال الفكر في معانيها، وهي لأهل العلم بالشرع والفقه في الدين، وعلى قدر توفيق الله تعالى للعبد يكون تحصيل علوم القرآن وثمرتها على القلب والجوارح.

وبالجملة؛ فالتفكر نظرٌ في الدليل حِسِّيًا كان أو معنويًّا، أما التدبّر فهو النظر في العاقبة والمآل. وقد ذُكر التدبر في القرآن الكريم أربع مرات لضرورة المؤمن له، وغاية التدبر الذكرى، فهي حياة القلب وصحته وسلامته.

ولقد كان السلف الصالح من أئمة المتفكّرين المتدبّرين المتذكّرين، قال الحسن رحمه الله تعالى: «ما زال أهل العلم يعودون بالتذكُّر على التفكُّر، وبالتفكُّر على التذكُّر ويناطقون القلوبَ حتى نطقت، فإذا لها أسماعٌ وأبصارٌ»([1]). وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في بيان ذلك: «المتفكِّر ينتقل من المقدِّمات والمبادئ التي عنده إلى المطلوب الذي يريده، فإذا ظفر به وتحصَّل له تذكَّر به وأبصر مواقعَ الفعل والترك وما ينبغي إيثارُه وما ينبغي اجتنابُه، فالتذكُّر هو مقصود التفكُّر وثمرتُه، فإذا تذكَّر عاد بتذكُّره على تفكُّره فاستخرج ما لم يكن حاصلًا عنده، فهو لا يزال يكرِّر بتفكُّره على تذكُّره وبتذكُّره على تفكُّره ما دام عاقلًا، لأنَّ العلم والإرادة لا يقفان على حدٍّ، بل هو دائما سائرٌ بين العلم والإرادة» ([2]).

ومن التفكّر النافع: التفكر في عبادة الكائنات جميعها ربها تعالى وقنوتها له وسجودها وتسبيحها، فيمتلئ القلب حينها محبة إيمانية للمسكن والسكّان، ويعلم أن هذا الكون كله ناطق بحمد ربه، مسبح مقدس قانت لله رب العالمين، خلا عصاة الإنس والجن ممن خُذلوا عن موافقة الخليقة عبادة ربها تبارك وتعالى!

فقد صحت الأدلة من الكتاب والسنة على تسبيح وسجود وقنوت وطاعة الكائنات لرب البريات تعالى، والتسبيح أخصّ من السجود الذي بمعنى الخضوع، فهو تنزيه وتعظيم وثناء، وهذا محتاج لإدراكٍ، حتى وإن لم يكُ تكليف. فإن أريد بالسجود عبادة مخصوصة؛ فالسجود حينها أخصّ من التسبيح من جهة اشتماله على التسبيح وزيادة. قال تبارك وتعالى: ﴿وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَظِلَٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ۩ ١٥﴾ [الرعد: 15] ﴿وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن دَآبَّةٖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ ٤٩﴾ [النحل: 49] ﴿تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا ٤٤﴾ [الإسراء: 44] ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ١﴾ [الجمعة: 1] ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَٰٓفَّٰتٖۖ كُلّٞ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسۡبِيحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ ٤١﴾ [النور: 41]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.

إنّ التفكر في عبادة الكائنات جمعاء لله تعالى يقتضي تعظيم الله تعالى والثناء عليه بغِناهُ وسعة ملكه وعظمته وملكوته وسلطانه وألوهيته وربوبيته وتدبيره وعظيم حقه وقدره، وأن كل الكائنات مسبحة بحمده ساجدة له مطيعة مؤمنة.

 ومذهب أهل السنة أن كل الجمادات لها إدراك، ومن لوازم الإدراك العقل والعلم، فلها إدراك بحسَبها، وشعور خاصّ بها، وعقل يليق بها. ولا يعني ذلك أن لها إدراكًا تامًّا كالحيوان المختلفة إدراكاته فيما بينه، كما قال الخليل عليه السلام: ﴿ [مريم: 42].

وتأمّل ـــ مُسدَّدًا ـــ حنين جذع النخل، وتسبيح الطعام بين يدي رسول الله  ﷺ ويدي أصحابه، وسلام الحجر عليه بالنبوّة، وطاعة الشجر له بانقيادها له، وانضمامها على بعضها بأمره، وعودتها لأول مكانها بأمره، وشهادة العذق له بالرسالة، وهبوط الأحجار من خشية الله تعالى، ومحبة جبل أحد لنا ومحبتنا له، وشهادة الحجر الأسود يوم القيامة لمن استلمه بحق، وعرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال وإباءهنّ خشية لربّهن، بل إنّهن يغضبن حميّة لله تعالى فيغضبن لربهنّ حين أشرك المشركون وبغى الجاهلون وألحد السفهاء بوصف الصاحبة والولد له تعالى وتقدّس: ﴿تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا ٩٠﴾ [مريم: 90]، وكلام الجنة والنار وطلبهن وسؤالهنّ ربهن تعالى، والجبال والطير يسبّحن مع داود بالعشيّ والإبكار، والرعد يسبّح بحمده، والشجر والحجر يشهدان للمؤذن يوم القيامة كما قال ﷺ: «المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس سمعه» ([3]). والأرض تتحدث بشهادتها يوم القيامة: ﴿يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا ٤﴾ [الزلزلة: 4]، والموحِّد الحنيف يخاطب القمر شاهدًا أن ربهما الله وحده، فيقول عند إهلاله: «اللهم أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربُّكَ اللهُ» ([4]). وقال ﷺ: «والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده». ([5]). وقد أخبر النبي ﷺ أن الشجر والحجر يتكلم في آخر الزمان، بل وينصح للمسلمين فيخبرهم عمّن كان يتدرّأ بها من يهود خلا الغرقد، وكذا القلم العظيم الذي كُتبت به المقادير في اللوح المحفوظ، فإن الله تعالى لمّا أمره بأن يكتب قال: «ماذا أكتب؟" ([6]). فهو يعقل الخطاب والأمر والجواب. والسماوات والأرض أطاعتا الأمر:﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ ١١﴾ [فصلت: 11]، والعرش الكريم المجيد قد اهتزّ طربًا لروح سعد بن معاذ رضي الله عنه، والشمس تسجد كل يوم لربها وتستأذنه في الطلوع، وغير ذلك.

والله تعالى قد جعل للحيوان البهيم إدراكًا بحسبه، فما من حيوان ولا جماد إلا يعلم أن محمدًا رسول الله ﷺ خلا عصاة الثقلين، قال ﷺ: «إنهُ ليْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ إلاَّ يعْلَمُ أنّي رَسُولُ الله إلاّ عاصِيَ الجنِّ والإنس» ([7]). والذئب قد شهد له، والجمل، والغزال، والضبّ، والقُبّرة، وغير ذلك كثير، فلها إدراك وشعور ونطق بحسَبها.

وللعلم فثمَّ عوالم لها قواعد فيزيائية وكيميائية وغيرها داخلة في عالمنا ومخالفة له، بعضها متصل بعالم آخر ليس عالمنا، وبعضها من أصل عالمنا، ولكن لها قواعد كونية مختلفة، كالأرواح والجن والملائكة وغيرها، وقد نعلم بعض أمورها عن طريق إخبار من خلقنا وخلقها، وكل أمر نحتاجه من ذلك فقد ذكره لنا في وحيه تبارك وتعالى، والأمر يسير فهمه والإيمان به على من آمن بالغيب.

بل حتى المعنويات يجعل الله تعالى إذا شاء إرادة ونطقًا وإدراكًا كالرِّحِم حينما تعلقت بحقو الرحمن مستعيذة به من القطيعة فأعطاها طِلْبَتَهَا، ويؤتى بالموت على صورة كبش فيذبح بين الجنة والنار، ويأتي العمل الصالح مؤنسًا لصاحبه في قبره، والسيء كذلك، وتأتي البقرة وآل عمران تتقدمان أصحابهما إلى الجنة، وتظللان أهليهما كأنهما غمامتان أو فرقان من طير صواف، والقرآن والصيام يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، وغير ذلك أمثلة كثيرة، والمقصود ضرب المثال، وإثارة كوامن التفكر في أفئدة الأحباب، وقدح زناد الفكرة في قلب المؤمن الذكي الزكي.

قال ابن تيمية عن سجود الظلّال لله تعالى: «سجوده ذله وخضوعه» ([8]). وقال عن سجود الشمس: «فهي تسجد سجودًا يناسبها، وتخضع له، وتخشع»([9]). وقال عن قوله تعالى: وكذلكَ قوله: ﴿فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ٢٩﴾ [الدخان: 29]: «بكاء كل شَيْء بِحَسبِهِ، قد يكون خشيَة لله، وَقد يكون حزنا على فِرَاق الْمُؤمن» ([10]). وقال: «فإن قيل: الحجر لا يفهم، فكيف يخْشَى؟ قيل: الله يُفَهِّمُها ويُلهمها فتخشى بإلهامه». ثم نقل كلام البغوي رحمه الله تعالى مؤيدًا مُقرًّا: «مذهب أهل السنة أن لله علمًا في الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء لا يقف عليه غيره، ولها صلاة وتسبيح وخشية» ([11]).

وتأمل بركة العمل بالعلم ومعرفة عبادات الكائنات لرب البريات تبارك وتعالى، قال عمرو بن دينار رحمه الله تعالى: «إني ليلة أطوف بالبيت إذ سمعت حَنين رجل بين الأستار والكعبة، وبكاءه وتضرّعه، فوقفت لأعرفه، فذهب ليل وجاء ليل وهو كذلك حتى كاد يُسفر، فانكشف الستور عنه؛ فإذا هو طاووس، فقال: من هذا، عمرو؟ قلت: نعم، أمتع الله بك، قال: متى وقفت هاهنا؟ قال قلت: منذ طويل، قال: ما أوقفك قلت: سمعت بكاءك، فقال: أعجبك بكائي؟([12]). قلت: نعم، قال: وطلع القمر في حرف أبي قبيس، قال: ورب هذه البنية إن هذا القمر ليبكي من خشية الله، ولا ذنب له، ولا يُسأل عما عمل، ولا يُجازى به فعجبتَ أن بكيتُ من خشية الله، وأنا صاحب الذنوب، وهذا القمر يبكي من خشية الله، وقرأ ابن زيد: ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ۩ ١٨﴾ [الحج: ١٨].

قال: فلم يستثن من هؤلاء أحدًا؛ حتى جاء ابن آدم استثناه فقال: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ﴾ [الحج: 18]، قال والذي كان هو أحق بالشكر؛ هو أكفرهم ثم قرأ:﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ ٢٧ وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ٢٨﴾ [فاطر: ٢٧: ٢٨]» ([13]). وللقرطبي وابن كثير كلام حسن في ذلك في مواضع آيات تسبيح الجمادات وسجودها.

وبعد؛ فإنّ من جمال هذه اللحظات التفكّرية إحساس العبد باتساقه مع جميع الكائنات في عبادةِ وتعظيمِ ومحبةِ الله تعالى، فتبارك الله أحسن الخالقين، والحمد لله رب العالمين.

إبراهيم الدميجي

aldumaiji@gmail.com

6/2/ 1446

 



([1])  حلية الأولياء، (١٠/١٩)، وانظر: مدارج السالكين (١/٤٤١).

([2])  مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (٢/‏٦٠٨).

([3])  أبو داود (٥١٥) وأحمد (٧٦١١) وصححه الألباني.

([4])  الترمذي (٣٤٥١) وصححه الألباني لشواهده في «السلسلة الصحيحة» (١٨١٦).

([5])  أحمد (١١٨٠٩)، والترمذي (٢١٨١) وصححه الألباني.

([6])  الترمذي (٢١٥٥)، وأبو داود (٤٧٠٠) وصححه الألباني.

([7])  الطبراني في (الأحاديث الطوال ٥٤) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٢٤٠٩)

 ومسند الدارمي (١/‏١٦٩) وحسنه حسين أسد.

([8])  رسالة في قنوت الأشياء كلها لله عز وجل، لابن تيمية ص: (٢٨) ضمن المجلد الأول من جامع الرسائل، ت: د. محمد رشاد سالم.

([9])  رسالة في قنوت الأشياء كلها لله عز وجل، لابن تيمية ص: (37).

([10])   رسالة في قنوت الأشياء كلها لله عز وجل، لابن تيمية ص: (42).

([11])   رسالة في قنوت الأشياء كلها لله عز وجل، لابن تيمية ص: (42).

([12])   أي: هل عجبتَ منه.

([13])   ذكرها ابن تيمية في رسالة في قنوت الأشياء كلها لله عز وجل. ص: (37).

الجمعة، 2 أغسطس 2024

حفظ الله تعالى عقل صاحب القرآن العظيم من الخَرَف

 

حفظ الله تعالى عقل صاحب القرآن العظيم من الخَرَف

 

الحمد لله رب العالمين، إنّ من بركات القرآن الكريم أنه يرجى لصاحبه وتاليه حفظ عقله من الخرف حتى آخر ساعة من حياته ليرحل لمثواه بعقله، ولعل هذا راجع لأمرين:

 الأول: البركة القرآنية لصاحبها، فالعيش مع كتاب الله تعالى تلاوة وتدبّرًا وحفظًا ومراجعة وعملًا يفيض على صاحبه بركات ربانية خاصة بأهل القرآن، والأمر في ذلك واضح مشهور، ففيه بركة العلم والإيمان، فتغذّي علوم القرآن جوعة عقله للعلم النافع وتفتح بصيرة قلبه على ما يصلحها، وتملأ جوانح النفس بِشرًا وسعادة وسكينة وأمنًا.

الثاني: أن الاشتغال بالقرآن يحفز الذاكرة ابتداء عبر المحفوظ والمتدبر والمتلو، فمن أسباب الخرف كسل التذكر، ولكن تالي القرآن وخاصة ما كان عن ظهر قلب وكذا ما كان عن تدبر يبقى منشغلًا بإعمال الفكر والتذكر فيبعد عنه النسيان، فليس مع القرآن كسل ذهني، كما أن القرآن العظيم بذاته مناعة وعلاجًا، فكما أنه رقية بإذن الله من أدواء الجسد والقلب والروح، فهو كذلك للعقل.

 وعلى كلٍّ؛ فليس المعنى المقصود استحالة إصابة حامل القرآن بالخَرَف فهو وارد، ولكنّ حامل القرآن أبعد وأسلم في الجملة من غيره لما ذكرناه، والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

ولا أعلم أن امرأً لزم القرآن في كهولته إلا حفظ الله عقله في شيخوخته، وكل من وقفت عليه من كبار السن الذين أصاب عقولهم الخرف لا أعلم منهم واحدًا كان ملازمًا أوراده القرآنية الكثيفة في كهولته.

 وقد ورد عن السلف والخلف من ذلك وصايا وآثار، منها ما جاء عن الحبر ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من قرأ القرآن لم يُرَدّ إلى أرذل العمر، وذلك قوله تعالى: {ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا} قال: الذين قرؤوا القرآن» ([1]). قلت: معناه أي يحفظ الله له عقله من الخرف والزهايمر والخبل ونحوها بحسب تحقيقه التلاوة نيةً وقولًا وعملًا.

وعن عكرمة رحمه الله تعالى قال: «من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر». ثم قرأ: ﴿لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا﴾ ([2]). وعن السّديّ رحمه الله تعالى في قوله: ﴿ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر﴾ الآية قال: «أرذل العُمر هو الخَرَف». وعن طاووس رحمه الله تعالى قال: «إنّ العَالم لا يخرف». وعن عبد الملك بن عمير رحمه الله تعالى قال: «كان يقال: إنّ أبقى الناس عقولًا قراء القرآن» ([3]). وعن الشعبي رحمه الله تعالى قال: «من قرأ القرآن لم يخرف» ([4]). وقد أكّد العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي هذا المعنى بقوله: «وقد تواتر عند العامة، والخاصة، أن حافظ كتاب الله المداوم على تلاوته، لا يصاب بالخرف، ولا الهذيان» ([5]). والحمد لله رب العالمين.

إبراهيم الدميجي

aldumaiji@gmail.com

 



([1])  الحاكم (٢/ ٥٢٨)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في شعب الإيمان (٢٧٠٦).

([2])  المصنف لابن أبي شيبة ١٦/‏٤٠٢

([3])  الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٥/‏١٤٦

([4])  موسوعة ابن أبي الدنيا ٧/ ٥٧١

([5]) أضواء البيان ٩/ ٣٣٤