نظرةٌ فاحصةٌ في الكتابِ المقدَّسِ "البيبل" (1/ 2)
الجزء الأول:
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, اللهم إياك نعبدُ, وإياك نستعين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله, خاتم النبيين, وسيد المرسلين, صلى الله عليه وسلم وبارك وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فهذه رسالة في نقد الكتاب المقدّس لدى أهل الكتابين التوراة والإنجيل, لننتهي إلى كشف حقيقته, وإماطة اللثام عن مدى صِدقيّته بالبراهين الدامغة, والوثائق المقبولة. أما نَخْلُ العقائدِ المسيحية (النصرانية الحاليّة) فلها رسالة أخرى موسومة بـ(العقائد المسيحيّة في الميزان) وكفى بالله شهيداً, وبكتابه مهيمناً حاكماً.
وهذه الرسالة مقسومة على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تمهيد ومدخلٌ.
الفصل الثاني: العهد القديم (التوراة وما أُلحق بها)
الفصل الثالث: العهد الجديد (الأناجيل المنسوبة لتلاميذ المسيح عليه السلام وما أُلحق بها)
على الله توكّلتُ, وبه استعنتُ, وإليه أنيب, فنعم المولى ونعم النصير. رب يسّر وأَعِنْ وتقبّل يا كريم.
الفصل الأول:
تمهيد
|
لا شك أن المسيح | قد جاء بكتاب من عند الله تعالى، وهذا الكتاب هو الإنجيل([1]) وهو من الكتب المنزلة المقدسة التي أوحاها الله لأنبيائه هداية للبشرية وإخراجًا لها من التيه والظلام إلى الهدى والنور، كذلك أنزل الله تعالى على نبيه وكليمه موسى | ([2]) التوراة، وعلى نبيه داود | الزبور، والسؤال؛ هل الكتاب المقدس المكوّن من التوراة والكتب السماوية والأسفار (العهد القديم)([3])والأناجيل الأربعة والرسائل والرؤيا (العهد الجديد) باق محفوظ كما أنزله الله تعالى أم أن أيدي التحريف والتبديل قد طالته، فزادت فيه ونقصت منه وحرفته وبدلته وطمست نوره وهداه؟
وهذا سؤال كبير سنجيب عنه في هذا الباب بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه.
وعليه فنقول إن هناك فرقًا شاسعًا بين العهد القديم والجديد في أمور كثيرة وكبيرة كالتوحيد والإيمان والأحكام والمحرمات وما شابه ذلك من القضايا الأساسية، مع ذلك يصر المسيحيون على أنهما وحي مقدس محفوظ. وأن العهد الجديد مكمل للقديم!
وفي عام (1893م) أصدر البابا ليو الثالث عشر منشورًا عامًا مصدقًا فيه ما قرّره مجمع ترنت قبل ثلاثة قرون ونصف عن الكتاب المقدس، فقال في منشوره: «جميع الأسفار التي اعترفت الكنيسة بصحتها وقداستها، وكل جزء من هذه الأسفار أملاها الروح القدس».
فهل يا ترى صدق هذا المنشور؟
والجواب ستراه في هذه الصفحات محاولًا عرض هذا المنشور على الأدلة العلمية والعقلية والتاريخية والخروج بنتيجة محايدة بإذن الله تعالى.
العهــــد القــــــديم
|
لا يتفق جميع المسيحيين على محتويات الكتاب المقدس([4])؛ فالبروتستانت لا يقبلون من العهد القديم إلا تلك الأسفار التي يعتقد اليهود العبرانيون أنها منزلة من الله تعالى وهي (39) سفرًا([5])، ويرون مثل اليهود أن ما عداها ليس وحيًا ولا يصح الاعتماد عليها، وبالتالي يسمونها الأبوكريفا أي: الأوراق المستترة عن عيون الناس والمخفية([6])، وتسمى المنحولة، أي غير المعترف بها. وبعضهم يراها مجرد نماذج صالحة وبارة لإصلاح الناس وتهذيبهم ولكن لا دخل لها في إثبات العقائد والأساسيات([7]).
أما الكاثوليك والأرثوذكس فعلى العكس من ذلك على اختلاف بينهم، وثمة خلاف في عدد هذه الأسفار الزائدة (الأبوكريفا) فبعضهم يعترف بسبعة فقط وبعضهم يزيدها للضعف. ولا يقتصر الخلاف على عدد الأسفار فقط بل يتعداه إلى الآيات في الأسفار المعترف بها، فسفر أستير مثلًا يزيد في نسخة الكاثوليك على مئة آية زائدة على نفس السفر عند البروتستانت الذين يعتبرونها أبوكريفا. ولعل معرفة قصة تدوين التوراة تحل لنا بعض الإشكالات وتقرب لنا الفهم.
قصة تدوين التوراة:
|
التوراة كتاب عظيم من كتب الله تعالى المنزلة([8])، قال تعالى: ﴿ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [المائدة: 44]، وقد أنزلها الله على
|
أعظم أنبياء بني إسرائيل موسى |، وقد نزلت مكتوبة في الألواح، وبعد وفاة موسى | بفترة فُقدت الألواح، ثم رد الله بعضها عليهم في التابوت في عهد طالوت (شاول) ثم فقدت مرة أخرى، وبعد وفاة نبي الله سليمان | تنازع الـمُلْك بعده رحبعام ويربعام فاستقل رحبعام بسبطين من أسباط بني إسرائيل هما يهوذا وبنيامين وأسس المملكة الجنوبية وأسماها يهوذا وعاصمتها القدس. أما يربعام فتبعه بقية الأسباط العشرة وأسس المملكة الشمالية وأسماها إسرائيل وعاصمتها شكيم (نابلس) وكانت تسمى السامرة.
وفي عام (722ق.م) هجم الآشوريون على السامرة فدمروها وقتلوا الكثير وأسروا من بقي منهم ولم ينج منهم إلا القليل الذي اندمج مع مملكة يهوذا التي هاجمها بختنصر عام (586 ق.م) فدمرها تمامًا وسواها بالأرض وهدم المعبد (الهيكل) واقتلع أساساته من أصلها حتى لا تقوم له قائمة، وأحرق كتبهم المقدسة وأسرهم ثم ساقهم إلى بابل.
|
وبعد قرابة خمسين سنة أطلقهم الملك الفارسي قورش (كيخسروا) ولكن لم يعد لفلسطين منهم إلا القليل لأنهم ألفوا حياة الرغد والترف في بابل وفي فارس.
وذهب بعضهم لمصر، وقد ضيعوا كتبهم الدينية في السجن والنفي والتشريد وخراب الوطن.
|
وبعد قرابة مئة عام من النفي قام حبر من أحبارهم يقال لهم عزرا([9])(458ق.م) فدوّن نسخة عبرانية([10]) لليهود الذين عادوا لفلسطين، وقد حاول جمعها من مصادر شتى بعد أن فُقدت التوراة الأصيلة بفعل المآسي المتتابعة لليهود، فكتب لهم عزرا صحفًا لا تـخلو من تحريف
|
ونقص وزيادة، بعضها بسبب عامل النسيان وبعضها من إملاء الأحبار الذين أضافوا إليها آيات لا تمت إلى الوحي الأصيل بصلة، إنما هي من قبيل غضبهم على ربهم تعالى الذي كتب عليهم تلك العقوبات التي نالتهم بسبب طغيانهم وفسادهم، فأضافوا آيات فيها من سب رب العالمين والافتراء على أنبيائه المرسلين، وأضافوا لها بعضًا من أساطير البابليين والفرس والفينيقيين وقصصهم وأخبارهم وصبغوها بصبغة الدين العبري (وقد يكون عزرا بريء من تلك التحريفات وأنها قد أحدثت بعده)، وفي سنة (161ق.م) ضاع ذلك المخطوط الذي كتبه عزرا بسبب أحد خلفاء الإسكندر وهو أنطيوكس (وكان مشهورًا بظلمه وقهره وبطشه) فحمل على أورشليم ونهب المعبد المركزي بها، وجمع جميع كتب اليهود المقدسة ثم أحرقها، وأصدر قرارًا بإعدام كل من وجد عنده كتاب من هذه الكتب أو الصحف المقدسة.
وبعد سبعين سنة من الميلاد قضى ملك الروم طيطس على جميع ما طالته يده من نسخ العهد القديم وتراجمها اليونانية([11])، ودمّر الهيكل مرة أخرى، وقُتل الألوف من اليهود في عهده.
إذن فأسفار العهد القديم قد نالها من التحريف والتبديل والضياع مع السنين الرهيبة مع الملوك الطغاة، وهذه الأسفار الموجودة حاليًا ليست هي التوراة الأصلية([12])، بل أكثرها من كلام الأحبار([13])، وقد ذكر بعض المحققين أكثر من أربعة وعشرين مؤلِّفًا لهذه الأسفار([14])!
والآن إلى الأدلة على وقوع التحريف في العهد القديم:
1_ كتبة الأسفار مجاهيل:
وقد حوى العهد القديم ذكر أحداث لم تحدث إلا بعد وفاة موسى | «فمات موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب ودفنه في الجوار... وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة... فبكى بنو إسرائيل في عربات موآب ثلاثين يومًا...» (تثنية 34: 5 وما بعدها)، كذلك قصص ملوك روما (تكوين 36: 31 وما بعدها)، ومعلوم أن الملك لم يكن في بني إسرائيل إلا بعد موت موسى | بقرون طويلة([16]).
ولما جمع عزرا ومن معه تلك الأسفار نسبوا الأسفار الخمسة الأولى لموسى|، ونسبوا البقية للأنبياء وغيرهم بلا دليل.
ولقد قام اثنان وثلاثون عالمًا لاهوتيًا تساعدهم خمسون طائفة مسيحية بالبحث المسهب الطويل للنصوص المنقحة، وراجعها ودققها القس ج. فانت السكرتير العام لجمعية الكتاب المقدس في نيويورك وقد خرجوا بالقائمة التالية المذكورة في طبعة كولينز للكتاب المقدس:
1- سفر التكوين: يقال إنه أحد كتب موسى الخمسة، كذلك بقية الأسفار الأربعة.
2- سفر يشوع: ينسب معظمه ليشوع.
3- سفر القضاة: يحتمل أن يكون لصموئيل.
4- سفر راعوث: المؤلف ليس معروفًا.
5- سفر صموئيل الأول: المؤلف مجهول.
6- سفر صموئيل الثاني: المؤلف مجهول.
7- سفر الملوك الأول: المؤلف مجهول.
8- سفر الملوك الثاني: المؤلف مجهول.
9- سفر أخبار الأيام الأول: المؤلف مجهول، ويحتمل أن يكون عزرا.
10- سفر أخبار الأيام الثاني: المؤلف مجهول، ويحتمل أن يكون عزرا.
وهكذا فالمؤلف إما أن يكون مجهولًا أو محتملًا أو مشكوكًا فيه، فإذا كان المؤلف بهذه الجهالة فكيف يقال بقداسته، فضلًا عن عصمته؟!
وقالت هيئة العلماء المسماة (راشنلشت): «إن هذه الكتب محرفة، ولا يمكن الاعتماد عليها»، وقال كيرت هوكل: «إن الكتاب المقدس المتداول حاليًا لا يحتوي على التوراة والإنجيل المنزلين من الله».
وقال آدم كلارك وهورن: «حرّف اليهود التوراة لتصبح الترجمة اليونانية غير معتبرة من أجل عناد المسيحيين، كما كانوا قد حرّفوها سابقًا من أجل عناد السامريين، هذا بالإضافة إلى ما ضيعوه ومزقوه وحرفوه...» واستشهد بقول المسيح |: «كل الذين جاؤوا قبله كانوا سراقًا ولصوصًا» (يوحنا 7: 8).
قلت: وهناك فقرات مشرقة قد تكون سالمة من التحريف مثل: «أنا هو وليس إله معي» (تثنية 32: 39)، «ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله وليس آخر» (الملوك (1) 8: 6)، «أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي» (إشعيا 45: 5)، «أنا الله ولا يوجد إله آخر» (إشعيا 45: 37).
2ـ آيات من الكتاب المقدس تصرح وتنص على وقوع التحريف فيه:
كما في سفر إرميا «كيف تدّعون أنكم حكماء ولديكم شريعة الرب بينما حولها قلم الكتبة المخادع إلى أكذوبة» (إرميا 8: 8).
كذلك: «فأخذ إرميا درجًا آخر ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب فكتب فيه عن فم إرميا كل كلام السفر الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار وزيد عليه أيضًا كلام كثير مثله» (إرميا 36: 32)، فبأي حق يزيد الكاتب أو غيره في تلك الأسفار المقدسة؟!
كذلك «أما وحي الرب فلا تذكره بعد... إذ قد حرفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا» (إرميا 8: 8، 23: 36).
وقد قال الله تعالى عنهم في القرآن الكريم: ﴿ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [البقرة: 75].
3ـ ذكر موسى | بلفظ الغائب:
مع نسبة الأسفار الخمسة الأولى لموسى | وأنها هي التوراة المنزلة عليه، إلا أنا نراها تذكره بلفظ الغائب بل وتذكر موته ودفنه وأحداثًا وقعت بعده! فمنها:
«فسخط موسى على وكلاء الجيش» (عدد 12: 3).
«ومات هناك موسى عبد الرب» (تثنية 34: 35).
«ولا يعرف شخص قبره حتى يومنا هذا» (تثنية 34: 6).
وقد سبقت أمثلة أخرى في الفقرة الأولى.
4ـ انقطاع السند:
فلا توجد نسخة كاملة متصلة السند بالعصر الذي كتبت فيه، بل لا توجد نسخة أصلية كاملة لجزء واحد من العهدين القديم والجديد قال عنها علماء اليهود أو رجال الكنيسة أنها نسخة أصلية موثوق بها([18]).
قال المؤرخ اليهودي السامري أبو الفتح بن أبي الحسن: «قام عزرا وزوربيل ووضعوا لهم ــ أي للعبرانيين ــ خطًا غير الخط العبراني، وجعلوا الحروف سبعة وعشرين حرفًا، وتطرقوا إلى الشريعة المقدسة ونقلوها بالخط الذي ابتدعوه، وحذفوا كثيرًا من سور الشريعة المقدسة بسبب السورة الرابعة من العشر كلمات، وذكرهم جرزيم([19]) وحدوده فيها، وزادوا وأنقصوا وبدّلوا وحّرفوا»([20]).
وفي دائرة المعارف الأمريكية: «لم تصلنا أي نسخة بخط المؤلف الأصلي لكتبة العهد القديم، والنصوص التي بين أيدينها نقلتها إلينا أجيال عديدة من الكتبة والنساخ، ولدينا شواهد وفيرة تبيّن أن الكتبة قد غيّروا بقصد أو بدون قصد في الوثائق والأسفار أثناء نسخها»([21]).
ولا شك أن من أكبر أسباب انقطاع السند هو الكوارث التي تعاقبت على بني إسرائيل من تشريد وأسر وقتل وتتبع لكتبهم من قبل أعدائهم وإتلافها، كذلك طول الزمان نسبيًا بين الأنبياء المنسوبة إليهم تلك الأسفار وبين تقييدها وكتابتها، وتجديد كتابتها وتراجمها. وإن ننسى فلا ننسى الإخفاء المتعمد من بعض أحبار يهود لنصوص وأسفار لا تتفق مع أهوائهم.
وأشهر مخطوطات النسخ القديمة للكتاب المقدس ست وهي: المخطوط السينائي وهو ناقص ويرجح أنه كتب في القرن الرابع، والمخطوط الإسكندري وهو ناقص ويرجع للقرن الخامس، والمخطوط الفاتيكاني وهو ناقص جدًا ويرجع إلى القرن الرابع، والمخطوط الإفرائيمي وهو ناقص ويرجع إلى القرن الخامس، والمخطوط البيزائي ويرجع إلى القرن الخامس وهو ناقص أيضًا، ثم وُجدت مخطوطات البحر الميت خلال السنوات (1947م ــ 1953م) وهي ترجع إلى (100 ق.م ــ 100م) مع ذلك فهي ناقصة جدًا وتـخالف كثيرًا النسخة المتداولة للكتاب المقدس!
5ـ الاختلافات الكثيرة بين النسخ المتداولة والتناقض الصارخ بينها:
وهذا السبب كاف في إبطال نسبة الكتاب المقدس لله تعالى؛ إذ يستحيل أن تجتمع المتناقضات وتنسب إلى الوحي الإلهي([22])، ومن أسباب تلك التناقضات: أن نصوصها جمعت ودوّنت في عصور مختلفة وأزمان متقطعة، وعلى أيدي أناس مختلفين.
والغريب أنها مع تناقضها الجليّ إلا أن الكنيسة لا زالت تصر على أن كل حرف منها من إملاء الروح القدس.
أما الاختلاف بين النسخ فكثير، لذلك تكثر في هوامش الكتاب المقدس عبارات: «وردت في المخطوط الآخر الموثوق به... حذفت من النسخ القديمة الموثوق بها... إلخ».
«خلق النور والليل والنهار في اليوم الأول» (تكوين 1: 3ــ 5)، تناقض: «خلق النور في اليوم الرابع» (تكوين 1: 14).
«القمر يضيء» (تكوين 1: 14ــ 19) تناقض: «القمر لا يضيء» (أيوب 25: 5).
«رأى الله أن السماوات حسنة» (تكوين 1: 17) تناقض: «السماوات غير طاهرة بعيني الله» (أيوب 15: 15).
«تعب الرب فاستراح في اليوم الرابع» (تكوين 2: 3) تناقض الحق وهو: «الرب لا يكل ولا يعيا» (إشعيا 40: 28)([25]).
«نادى الرب آدم وقال له أين أنت» (تكوين 3: 9) تناقض الحق وهو: «في كل مكان عينا الرب مراقبتين» (الأمثال 15: 3).
«ندم الرب» (تكوين 6: 6، 7) «فندم الرب» (خروج 32: 14) «والرب ندم» (صموئيل (1) 15: 35) تناقض الحق وهو: «ليس الله إنسانً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم» (عدد 23: 19)([26]).
«لوط ابن أخ إبراهيم» (تكوين 14: 12) تناقض «لوط أخ إبراهيم» (تكوين 14: 12) أي بعدها بفقرة واحدة جاء نقضها.
«تزوج إبراهيم سارة لأنها ابنة أبيه» (تكوين 20: 12) تناقض الحق وهو «ملعون من يفعل ذلك» (تثنية 27: 22، لاويين 18: 9، 20: 17)([27]).
«بنو بنيامين عشرة» (تكوين 46: 21) تناقض «بنو بنيامين ثلاثة» (أخبار الأيام (1) 7: 6) وكلاهما يناقض «بنو بنيامين خمسة» (أخبار الأيام (1) 8: 1، 2).
«وكان لسليمان أربعة آلاف مذود لخيل المراكب» (أخبار الأيام (2) 9: 25) تناقض: «وكان لسليمان أربعون ألف مذود لخيل مراكبه» (ملوك (1) 4: 26).
وقد تساءل أحدهم مستنكرًا ــ وحُقّ له ــ: أين (4000) من (40.000)؟ ولو أخطأ كاتب حسابات ودوّن هذا الخطأ لاستحق العقوبة من رئيسه، وليست المسألة إسقاط صفر؛ لأنها كانت مكتوبة بالعبرانية وبالحروف قبل اختراع الصفر العربي.
«أرسل الرب على الشعب الحيّات المحرقة فمات» (عدد 21: 6) تناقض: «رماهم الرب بحجارة عظيمة فماتوا» (يشوع 10: 11) وكلاهما يناقض: «الرب لا يُذل ولا يحزن بني الإنسان» (مراثي إرميا 3: 33).
ومما ينافي العقل والمنطق ما جاء في عمر شاول (طالوت) عندما صار ملكًا «كان شاول ابن سنة، وملك سنتين على إسرائيل» (صموئيل (1) 13: 1)، وهذا أمر لا يعقل أبدًا، مع مناقضته لأخباره الأخرى في الأسفار، وملكه الكبير وأخباره الكثيرة ومنها رفضه تزويج ابنته ميكال لداود |! ولتفادي هذا الغلط عمدت بعض الترجمات الحديثة إلى ترك مكان السن فارغًا، وقد أشارت نسخة الرهبانية اليسوعية إلى مصدر ذلك الغلط وقالت: «وهذا أمر غير معقول، وربما لم يعرفوا عمره».
والسؤال الكبير هو كيف تجتمع هذه الأغلاط والتناقضات في كتاب يوصف بأنه من إملاء الروح القدس؟!
بل إن أول جملة من الكتاب المقدس قد طالتها أيدي التحريف وسيطر عليها التناقض؛ ففي التكوين (1: 1): «في البدء خلق الله السماوات والأرض» ففي العبرانية «الآلهة»! ولكن في الترجمة «الله»، وفي طبعة «السماوات» وفي إسكوفيلد «السماء»! والله تعالى قد جعل معيارًا حاسمًا لقياس واختيار ما ينسب إليه من وحي، فقال في القرآن الكريم: ﴿ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾[النساء: 82]، لذا فالقرآن الكريم يصدّق بعضه بعضًا ويستحيل أن تجد آيتين بينهما تعارض واختلاف تضاد بل وأبعد من ذلك فلا يوجد تضاد بين آية صريحة وحديث صحيح صريح للنبي ^([29]).
ومن تناقضات العهد القديم كذلك:
«يطلب الرب فلا يجده» (أيوب 23: 3) تناقض: «يطلب الرب فيجده» (إرميا 29: 13).
«ينكسر إفرايم في مدة خمس وستين سنة» (إشعيا 7: 8) تناقض: «انكسر في ثلاث سنين» (الملوك (2) 17: 6، 18: 9ــ 11).
|
|
أما في الإسلام فالأمر بخلاف ذلك؛ فمما يميز مصدر التلقي عند المسلمين للوحي بنوعيه «القرآن الكريم»([31])، و«السنة النبوية»([32]) ثبوته القطعي، فالقرآن الكريم قد نقل عبر الأجيال منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنًا من الزمان نقلًا متواترًا([33])، وقد حفظوه عن ظهر قلب وجعلوه أشرف مهماتهم ورددوه ليلًا ونهارًا تلاوة وحفظًا وتدوينًا، ولم يخل عصر من عصور الإسلام من حلق كثيرة في مساجد الحواضر الإسلامية، تـخرج الأجيال الحافظة لكتاب ربها الذي بلغت آياته (6226) آية كريمة، موزعة على (114) سورة متفاوتة الطول والقصر في الآي والسور، فسورة البقرة مثلًا بلغت آياتها (286) آية كريمة، وسورة الكوثر (3) آيات كريمات، وآية الدَّين (البقرة: 282) احتلت صفحة كاملة في خمسة عشر سطرًا بينما آية الرحمن ﴿ﯳ﴾ [الرحمن: 64] تكونت من كلمة واحدة، في تناسق بديع وبيان شاف واف لكل تساؤلات العقل الكبرى، مع ضخّه الإيمان والطمأنينة في نفوس قارئيه وسامعيه. وقد كتبت آيات القرآن في (604) صفحة([34])، مع كل هذا نجد مئات الألوف من أمة محمد ^ في جهات الأرض الأربع يحفظون هذا القرآن الكريم كحفظهم أسمائهم لا يخرمون منه حرفًا! وما هذا إلا لتكفل الله تعالى بحفظه لأنه الكتاب الخاتم للنبي الخاتم ﴿ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾ [الحجر: 9]، ﴿ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [الفرقان: 1].
أما السنة النبوية المطهرة فقد حُفظت كذلك بحفظ الله تعالى لها ﴿ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [النجم: 3، 4]، وقال رسول الله ^: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله»([35]) لذا حفظ أصحاب محمد ^ سنته القولية والفعلية ورددوها في أطراف النهار وأجواف الليالي، وكرروها كثيرًا في المساجد وحلق العلم والمنابر، وحرصوا على عدم اختلاطها بغيرها من كلام الآخرين واجتهاداتهم الشخصية، ثم حمل الراية مَنْ بعدهم فشيّد العلماء مدرسة فريدة من نوعها هي مدرسة الجرح والتعديل، تُعنى بتقويم الأسانيد والرجال وأحوال الرواة للأحاديث النبوية، وتنقية السنة المطهرة مما يعرض لها من شوائب النقل أو التحريف، وقسموا الروايات إلى صحيح مقبول وضعيف مردود، بحيث لا يعتمد علماء الإسلام إلا على ما صح سنده واتصل بطريق الرواة الثقات الأثبات إلى النبي ^، وقد جعلوا لقبول الروايات شروطًا شديدة، فنتج عن ذلك أن وجد عند الأمة رصيد أصيل، ومخزون نقي جزيل، يفصلون على ضوئه ما أجمل في القرآن الكريم حتى عبدوا الله تعالى على علم وبصيرة وثقة وطمأنينة.
وفي المقابل فلم نر في الأمم الأخرى أمة قد حفظت موروثها العلمي الديني وكتابها المقدس كحفظ المسلمين لدينهم وكتابهم، فلا نعلم حبرًا ولا حاخامًا ولا أسقفًا ولا قسًا ولا كاهنًا فضلًا عن العامة يحفظون الكتاب المقدس أو سفرًا من أسفاره. فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق.
6ـ حذف الآيات والأسفار وفقدانها:
تُظهر البراهين أن الكتاب المقدس المتداول الآن كان يحوي في السابق كثيرًا من الأسفار التي لم تعد فيه! فمثلًا كان يوجد سفر مقدس بعنوان (كتاب حروب الرب) كما ورد في سفر العدد (عدد 21: 14) لكنه الآن غير موجود، كذلك (كتاب ياشر) المذكور في سفري صموئيل (صموئيل (2) 1: 18) ويشوع (يشوع 10: 13)، كذلك قد أشار سفر الملوك (الملوك (1) 4: 32) إلى وجود ثلاثة آلاف مثل وألف وخمسة أناشيد لسليمان، مع ذلك فالأمثال والأناشيد في الكتاب المتداول أقل من ذلك بكثير، فأين المفقود؟!
وفي أخبار الأيام: «وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي...» (الأيام (1) 29: 29) فأينها؟!([36]).
وسواء حذفت عمدًا أم ضاعت وتلفت لعامل الزمن فالنتيجة واحدة.
أما الموجود فلم يسلم من التحريف ــ وإضافة لما أسلفنا ــ فإن علماء اليهود من القرن السادس إلى العاشر الميلاديين قاموا بالفصل بين الكلمات الملتصقة في النص العبراني الذي كان لا يفصل بين الكلمات، كذلك أضافوا لها الحركات وحروف العلة التي لم تكن موجودة مما أثر على تراكيب معاني الكلمات.
ومع النقص والبتر والفقد لكثير من النصوص والأسفار فقد اضطر بعض من وضع الأسفار إلى سرقات أدبية مكشوفة من أسفار أخرى، وليس هذا في كلمتين ولا سطرين بل وصل إلى إصحاحات كاملة كما في (الملوك (2) 19) مع (إشعيا 37) فقد تم نسخ الإصحاح بكامله بدون نقص أو زيادة!
7ـ يحتوي على حشو كثير بلا هدف:
وصار أشبه بكتاب أنساب وشجرة سلالات بدلًا من كونه كتاب هداية.
من أمثلة ذلك: «هذه مواليد عيسو الذي هو أدوم.. وهذه مواليد عيسو... هذه أسماء بني عيسو... هؤلاء أمراء بني عيسو... هؤلاء بنو سعيد الحوري... هؤلاء أمراء الحوريين... وهؤلاء بنو شوبال... وهؤلاء بنو ديشان... هؤلاء بنو إيصر... هؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبلما مَلَك مَلِكٌ لبني إسرائيل... وهذه أسماء أمراء عيسو حسب قبائلهم وأماكنهم بأسمائهم...» (تكوين 36: 1ــ 43)([38])، فصار الكتاب أشبه بكتب النسابين وليس لهداية القلوب.
إضافة إلى اشتمال الكتاب المقدس على تفاصيل كثيرة ليس لها هدف تربوي أو ديني ولا علاقة له بالوحي السماوي، مثال ذلك: في ذكره لقصر سليمان |: «والسقوف ثلاث طباق وكوة مقابل كوة ثلاث مرات، وجميع الأبواب والقوائم ربعة مسقوفة ووجه كوة مقابل كوة ثلاث مرات...» (الملوك (1) 7: 4ــ 5)([39]).
وهذه الفقرات هي أشبه ما تكون بوثيقة سكنية أو مخطط لبناء مسكن وليست وحيًا هاديًا.
وفي سفري نحميا وعزرا سبعون آية تمحضت في ذكر عدد الأسر والفرق اليهودية، وعدد المغنين والمغنيات وعدد حمرهم وخيولهم لـمّا عادوا من الأسر والسجن، بحيث صارت قصصًا شعبية وأحاديث أسمار لا علاقة لها بالوحي من قريب أو بعيد.
8ـ اشتماله على العقائد الباطلة والتنقص من الذات الإلهية المقدسة وسب رب العالمين ورسله الطاهرين. تعالى الله عن ذلك ونزه رسله عن مقالات المفترين.
وهذا هو أقوى الأدلة على أن العهد القديم قد دخله الافتراء والمحل والتزوير والتحريف([40]) من قبل عتاة اليهود([41]).
فتارة يصفونه بالتعب: «تعب الرب فاستراح» (تكوين 2: 3).
وتارة بالجهل: «نادى الرب آدم وقال أين أنت» (تكوين 3: 9)، «نزل الرب لينظر المدينة والبرج» (تكوين 11: 5)، «فنزل الرب ليتأكد» (تكوين 18: 20، 21).
وتارة بالندم: «فندم الرب» (خروج 32: 14).
|
وتارة بالعجز والضعف والهوان كما في قصة مصارعة يعقوب لله الذي تجلى في صورة إنسان وتصارع مع يعقوب فصرعه يعقوب وأبى أن يطلقه إلا بشرط أن يباركه الرب! (تكوين 32: 24ــ 29)([43]).
وتارة بالخداع والتضليل: «فقلت آه يا سيد الرب حقًا إنك خداع خادعت هذا الشعب» (إرميا 4: 1).
|
|
كذلك اتهام المرسلين الطاهرين بما لا يليق من أوصاف يترفع عنها البشر البسطاء فكيف بالأنبياء الكُمَّل([44]). فمن ذلك:
أن ابنتا لوط | قد حبلتا منه سفاحًا بعدما سكر وزنا بهما (تكوين 19: 30ــ 37).
وأن إبراهيم | قدم زوجته لمن يعاشرها بالحرام طمعًا في الحياة والغنم والحمير والجمال (تكوين 12: 10ــ 20).
وأن هارون | هو من صاغ العجل لبني إسرائيل ليعبدوه من دون الله تعالى (خروج 32: 1ــ 6).
|
وأن يهوذا بن يعقوب قد زنا بامرأة وكان من نسلها داود | (تكوين 38: 6ــ 19).
وأن داود | زنا وقتل رجلًا لينفرد بزوجته (صموئيل (2) 11: 2).
وأن سليمان | مال في شيخوخته لعبادة الأصنام تحت تأثير زوجاته المشركات (الملوك (1) 11: 4ــ 8)، وأنه ابن زنا (الملوك (1) 1: 11).
لذلك فقد قال أحد علماء اليهود الراسخين([45]) بعد أن هداه الله للإسلام: «لسنا نرى أن هذه الكفريات كانت في التوراة المنزلة على موسى.. وهذا يدل على أن الذي جمع هذه الفصول التي بأيديهم رجل جاهل بصفات الرب تعالى، وما ينبغي له، وما لا يجوز عليه، فلذلك نسب إلى الرب تعالى ما يتقدس ويتنزه عنه. لذلك فقد نزه الله تعالى نفسه في القرآن الكريم عن هذه الافتراءات ونسبها لمن كتبها، وتوعده بالعذاب فقال: ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [البقرة: 79].
وقال تعالى منزهًا نفسه العلية المقدسة عن النقص والعيب ومثنيًا على رسله الكرام الذين أثنوا عليه الثناء الحسن والوصف الأعلى فقال: ﴿ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [الصافات: 180ــ 182]([46]).
9ـ اتهام الأنبياء الكرام بالكذب والنجاسة:
فكيف يوثق بالأنبياء أو يقتدى بهم وهم في نظر الكتاب المقدس كذبة أنجاس؟! ــ وحاشاهم ــ([47]). «لأنهم من الصغير إلى الكبير كل واحد مولع بالربح من النبي إلى الكاهن، كل واحد يعمل بالكذب» (إرميا 8: 10)([48])، «بالكذب يتنبأ الأنبياء اسمي لم أرسلهم ولا أمرتهم ولا كلمتهم» (إرميا 14: 14).
|
10ـ المستوى المتدني للتعاليم الأخلاقية والفحش الفاضح في الكتاب المقدس:
أما المستوى الأخلاقي فقد مر بنا شيء مما نسبه كذبة الكتبة للكتاب المقدس إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الزنا بل إلى نكاح المحارم، كما ذكروا أن سارة زوجة نبي الله إبراهيم | ووالدة إسحاق أنها أخت لإبراهيم |! كما ذكروا نكاح العمة وأن النبي المعظم موسى الكليم كان من نسل نكاح المحارم! «وأخذ عمران عمته زوجة له فولدت له هارون وموسى» (تكوين 20: 12)([49])، كذلك نسبة الخداع والخيانة لأنبياء الله عليهم السلام كافترائهم قصة خداع يعقوب | لأخيه عيسو واستغلاله جوع أخيه الشديد واشتراطه عليه التنازل عن بكورية أبيه كي يطعمه، ثم خداعه لأبيه يعقوب والكذب عليه بأنه عيسو! (تكوين 25: 29ــ 34، 27: 6)، واتهام داود | بالدموية والوحشية: «ضرب الأرض أرض عدوه ولم يستبق رجلًا ولا امرأة» (صموئيل (1) 27: 9).
أما الألفاظ الفاحشة التي يستحي المربي أن يقرأها على ابنه أو ابنته فمثل: «نهد ثدياك ونبت شعرك... ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب» (حزقيال 16: 7، 8)، «وافتقدت رذيلة صباك بزغزغة المصريين ترائبك لأجل ثدي صباك» (حزقيال 23: 20، 21)، وانظر إلى نشيد الإنشاد المنسوب زورًا إلى سليمان |([50])، وهو السفر الذي يعتبره المسيحيون تعبيرًا عن الاتصال الروحاني بين الرب وإسرائيل، أو المسيح والكنيسة، أو بين مريم العذراء والرب الإله!
«ليقبلني بقبلات فمه لأن حبك أطيب من الخمر، ما أجمل خديك بسموط صرة المر حبيبي لي، بين ثديي يبيت، ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة، عيناك حمامتان من تحت نقابك... شفتاك كسلكة من القرمز، وفمك حلو... ثدياك كخشفتي ظبية توأمين يرعيان بين السوسن، دوائر فخذيك مثل الحلي صنعته يد صناع، سُرّتك كأس مدوّرة لا يعوزها شراب ممزوج... بطنك... ثدياك كعناقيد الكرم... عنقك.. قامتك» (نشيد الإنشاد 1: 1ــ 13، 4: 1ــ 11، 7: 1ــ 8).
والسؤال: أهذه التشبيهات المكشوفة والأمثال الجنسية صالحة لوصف العلاقة بين الرب وإسرائيل؟! أو الرب ومريم؟! أو المسيح والكنيسة؟!
قال الشاعر إلياس طعمة: «في العهد القديم ما يخجل من تلاوته الخليع، ناهيك عن أنه يعلّم الفاسق ما يجهل، فحوّل وجهك عما فيه من دعارة بني إسرائيل»([51]).
وقبله قال الفيلسوف العالمي برنارد شو: «الكتاب المقدس من أخطر الكتب الموجودة على وجه الأرض، فاحفظوه في خزانة مغلقة بالمفتاح، واحفظوه بعيدًا عن متناول الأطفال»([52]).
وقال وستن: «إن كتاب نشيد الإنشاد هو عبارة عن غناء فسقي، لابد أن يخرج من الكتب الإلهامية».
وقال سملران: «كتاب نشيد الإنشاد كتاب مصطنع».
وقال مارتن لوثر: «إن اليهود قد أفسدوا الكتاب المقدس من الدفة إلى الدفة».
نعود فنقول: إن كثيرًا من محتوى الكتاب المقدس غير صالح للتهذيب والتربية والاقتداء بشخصياتها المشوّهة. بل إنها بهذه المحتويات الحالية لا تصلح إلا لتدمير القيم وتحطيم المجتمعات وإحباط المؤمنين الصالحين، والغرس في النفوس أنه لا يوجد صالح واحد على ظهر البسيطة! كما يؤدي إلى خيبة المؤمنين في ظنهم بإلـٰههم الذي ضُرب مرة من عبده يعقوب، وأسر أخرى من عدوه الشيطان، ونُكِّل به وبُصق عليه واستُهزئ مرة، وصلب وسُمّر بالحديد في الخشب تارة، ودخل الجحيم ثلاثة أيام!!
|
وقد مضى ذكر أمثلة شنيعة منسوبة إلى رسل الله الكرام([53]) جعلتهم في نظر القارئ أقرب إلى المجان الفساق منهم إلى الرسل المختارين الكرام.
|
|
ومن أمثلة مجون الكتاب المقدس قصة العاهرتين أهولا وأهوليبا وهي من نوع الأدب الإباحي المكشوف وليست قطعًا من الوحي الإلهي المحفوظ: «وكان إليّ كلام الرب قائلًا يا ابن آدم كانت امرأتان ابنتا أم واحدة زنتا بمصر. وفي صباهما زنتا هناك دُغدغت ثُديّهما وهناك تزغزغت ترائب عذرتهما، واسمهما أهولة الكبيرة وأهوليبة([54])... ولم تترك زناها من مصر أيضًا لأنهم ضاجعوها في صباها وزغزغوا ترائب عِذرتها وسكبوا علهيا زناهم.. فأتاها بنو بابل في مضجع الحب ونجسوها بزنائهم.. وكشفت زناها وكشفت عورتها.. وأكثرت زناها بذكرها أيام صباها التي فيها زنت بأرض مصر وعشقت معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيّهم كمني الخيل وافتقدت رذيلة صباك بزغزغة المصريين ترائبك لأجل ثدي صباك...»([55]) (حزقيال 23: 1ــ 21).
أهذه من وحي رب العالمين وإلهام الروح القدس أم أنها إحدى القصص الجنسية المكشوفة التي كتبها ساقط شبق؟!
|
|
وقد قام الدكتور فرنون جانز أحد أكبر علماء النفس الأمريكيين المشهورين بإجراء تجارب على مجموعات متماثلة من طلاب المدارس لدراسة نوعية تأثير قراءة الكتاب المقدس على سلوك أفراد كل مجموعة في الحياة المدرسية، وأثبتت التجارب أن مجموعة الأطفال الذين قُرئت عليهم قصص الكتاب المقدس ظهرت على سلوكهم سمات الانحراف، مثل الميل إلى الخداع والكذب والسرقة والشذوذ الجنسي([57])!
حتى القذارة الحسية لم يسلم من وصفها ذلك الكتاب الذي وسم بالقداسة، فما هو الهدف التربوي والقيمة الأخلاقية التي يستفيدها قارئ الكتاب المقدس حينما يعرف أن الرب قد أمر نبيّه حزقيال بأكل الخراء الآدمي؟! «وتأكل كعكًا من الشعير على الخُرء الذي يخرج من الإنسان تـخبزه أمام عيونهم. وقال الرب هكذا يأكل بنو إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم الذين أطردهم إليها» (حزقيال 4: 12، 13)، «وأمد الفرث على وجوهكم فرث أعيادكم...» (ملاخي 2: 3) تعالى الله وتقدس عن أن يوحي بهذه القذارات.
11ـ قداسته طارئة وليست قديمة:
فالقداسة المنسوبة إلى العهد القديم طارئة، وقد حدثت بعد موسى | بأكثر من عشرة قرون([58])، فأول تقديس لها كان في عصر المكابيين (168ــ 37 ق.م).
قال الفيلسوف اليهودي سبينوزا ــ وهو من الخبراء في نقد نصوص العهد القديم ــ: «فإنه حتى عصر المكابيين لم تكن الأسفار المقدسة قد أقرّت، وإن حكماء اليهود «الفريسيين» قد اختاروا هذه الأسفار من بين بقية الأسفار، وذلك زمن الهيكل الثاني، ثم رتبوها ورفعوها لمرتبة الكتابات المقدسة»([59]) إذن فأين التوراة المقدسة التي قال الله عز وجل عنها: ﴿ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [المائدة: 44]؟ ما أكبر جريمة اليهود؟
12ـ شهادات علماء أهل الكتاب على التحريف والتبديل:
فمنهم العالم اليهودي زالمان شازار الذي قال: «إن أقوال التوراة ليست إلا لفائف من أماكن وعصور مختلفة لرجال وحكام وعشائر وأسباط مختلفة»([60]).
وفي دائرة المعارف الأمريكية: «لم تصلنا أي نسخة بخط المؤلف الأصلي لكتبة العهد القديم، والنصوص التي بين أيديها نقلتها إلينا أجيال عديدة من الكتبة والنساخ، ولدينا شواهد وفيرة تبين أن الكتبة قد غيّروا بقصد أو بدون قصد في الوثائق والأسفار أثناء نسخها»([61]).
وفي دائرة المعارف البريطانية: «لقد أصبح من الواضح أن أسفار العهد القديم لا تحتوي كل الحقيقة، وأنه ليس كل ما تحتويه هذه الأسفار بحق»([62]).
وفي وثيقة مجمع الفاتيكان الثاني المنعقد من سنة (1962م) إلى (1965م): «غير أن هذه الأسفار تحتوي على نقائص وأباطيل، ومع ذلك ففيها شهادة عن تعليم إلهي»([63]).
وفي ترجمة التوراة الكاثوليكية: «لا شك بوجود عدد من النصوص المشوهة التي تفصل النص العبري الأول عن النص الأصلي، والجدير بالذكر أن بعض النساخ الأتقياء أقدموا على إدخال تصحيحات لاهوتية لتحسين بعض التعابير التي كانت تبدو لهم معرضة لتفسير عقائدي خطير»([64])، «ولم يتردد بعض النساخ في تصحيح النص العبري كلما لم يعجبهم لاعتبار أدبي أو لاعتبار لاهوتي»([65]).
وقال القس يوسف رياض: «مع أن أحبار اليهود بذلوا جهدًا خارقًا للمحافظة بكل دقة على أقوال الله([66]) لكن ليس معنى ذلك أن عملية النسخ كانت معصومة من الخطأ»([67]).
وقال قساوسة كنيسة قصر الدوبارة بمصر: «لا يخفى أنه لا يوجد بين أيدينا نسخ الأسفار المقدسة الأصلية، بل النسخ التي نسخت فيما بعد، فمن المحتمل وقوع بعض الهفوات في الهجاء وغيره أثناء النسخ»([68]).
وإذا كان العهد القديم نفسه ينص على إدخال كلام فيه ليس منه فهو كاف في المسألة؛ كما في إرميا وغيره «وزيد عليه أيضًا كلام كثير مثله» (إرميا 36: 32).
«كيف تدعون أنكم حكماء ولديكم شريعة الرب بينما حولها قلم الكتبة المخادع إلى أكذوبة» (إرميا 8: 8).
13ـ يؤصل الجهل والتـخلف، ويحارب العلم والتعليم:
خذ مثلًا على نصوصه تلك وتأمل نتيجتها في واقع المجتمعات؛ ففي علاج البرص: «الأبرص الذي فيه الضربة تكون ثيابه مشقوقة ورأسه يكون مكشوفًا ويغطي شاربيه وينادي نجس نجس. كل الأيام التي تكون الضربة فيه يكون نجسًا، إنه نجس، يقيم وحده، خارج المحلة يكون مقامه... » (لاويين 13: 45، 46).
وإذا برئ من البرص: «يأمر الكاهن أن يذبح العصفور الواحد في إناء خزفي على ماء حي. أما العصفور الحي فيأخذه مع خشب الأرز والقرمز والزوفا ويغمسها مع العصفور الحي في دم العصفور المذبوح على الماء الحي» (لاويين 14: 4ــ 7)، «وإذ االضربة في حيطان البيت.. ويقشر البيت ويطيّن...» (لاويين 14: 33ــ 53) فهل يُعد هذا التهوّك والتـخبط من الطب الشعبي أم من خرافات الدجاجلة والمشعوذين؟!
وفي ذكره للحيض يقرر أن كل من مس الحائض يكون نجسًا، وكل من مس فراشها يكون نجسًا، وعليها تقديم ذبيحة لتكفير سيل الدم النجس! (لاويين 15: 19ــ 30).
فالعهد القديم والجديد ــ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ــ لا يحفل بالعلم ولا يهتم بالمعرفة اللذين هما اللبنة الأولى للحضارة والتمدن والبناء([69])، وكانت النتيجة الطبيعية لتأصيل الجهل وتمكين التـخلف هي حرب العلم والعلماء، وترك الناس في جهل مطبق حتى عن بدهيات العلوم الإنسانية والتجريبية، وقد حمل كبر ذلك رجال الدين المسيحي الذين ما فتئوا يحاربون العلم التجريبي حتى وصل الحال بالعامة أن انفجروا عليهم بالثورات، فنبذ الناس الكنيسة ودينها الزائف، فالكنيسة قد اجتهدت أن لا تدع في العالم المسيحي شيئًا ينبض ضدها، وبثّت عيونها في طول البلاد وعرضها. وأحصت على الناس الأنفاس، وناقشت عليهم الخواطر، حتى قال أحد علمائهم: «لا يمكن لرجل أن يكون مسيحيًا ويموت حتف أنفه» ويقدّر عدد من حاكمتهم محاكم الكنيسة بثلاثمئة ألف أحرق منهم اثنان وثلاثون ألفًا أحياء!! ومنهم العالم الطبيعي المعروف برونو، حينما نقمت عليه الكنيسة آراءه، ومنها قوله بتعدد العوالم وحكمت عليه بالقتل عن طريقه إحراقه حيًا! ولما نشر كوبرنيق كتابه (حركة الأجرام السماوية) منعت الكنيسة ذلك الكتاب وهمّت بالبطش بمؤلفه الذي كان الموت أرحم به من محاكمتهم فمات قبل محاكمته.
ثم ظهر جاليلو جاليلي الذي صنع المنظار الفلكي (التلسكوب) الذي أيّد نظرات كوبرنيق لكنه تبرأ منها ظاهرًا في النهاية بعدما وصل عمره السبعين سنة بعد تهديد محكمة الكرادلة([70]) له بالبطش وتلويحهم بإحراقه حيًا؛ فتاب من وساوسه الشيطانية وفكره الإلحادي كما لقّنوه([71])!
قال مارتن لوثر: «لا تستطيع أن تقبل كلًّا من الكتاب المقدس والعقل فأحدهما يجب أن يفسح للآخر». وبهذا ظهر زيف من يدّعي أن العهد القديم معصوم ومحفوظ من التحريف والتبديل. والذي ثبت هو أنه قد حُرّف وبدّل وغيّر، وإن بقيت فيه ألفاظ سليمة ولكن فرزها وضبطها ليس بمستطاع. والله تعالى قد وصف اليهود بقوله: ﴿ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [النساء: 46، المائدة: 13] أي يتعمدون التحريف والتبديل لأغراضهم وشهواتهم.
14ـ كثير من قصصه منحولة من أمم وشعوب أخرى:
فالعديد من القصص التوراتية انتحلها كتّاب العهد القديم من أساطير الأمم السابقة وفلكلوراتهم الشعبية وبخاصة أمم الهلال الخصيب وشعب النيل، وقد ظهر صدى ذلك واضحًا في أسفار العهد القديم، فالبابليون والفرس وقبلهم الفراعنة قد استضافوا بني إسرائيل سنين عددًا واختلطوا بهم وأخذوا عنهم كثيرًا من العادات والأساطير والحكايات، ومن ذلك ما ذكره سفر التكوين عن مضاجعة نبي الله لوط | لابنتيه بعد ما سقتاه الخمر ــ وحاشاه ــ (تكوين 19: 30ــ 37) فقد انتحلها كُتّاب العهد القديم من أسطورة مصرية قديمة ذكرها شوقي عبد الحكيم في كتابه (أساطير وفلكلور العالم العربي) وتلك الأسطورة هي أسطورة أفروديت.
أما سفر أستير ففيه قصة أستير وابن عمها مردخاي وانتقامها من هامان وزير ملك فارس أحشويرس، فالقصة مطابقة لما جاء في التراث البابلي في ملحمة البابليين والعيلميين، ولكل بطل من أبطال هذه القصة مقابل في الأسطورة البابلية، فأستير هي عشتار([72]) وهامان هو إله العيلميين، ومردخاي هو مردوك البابلي، ومما يؤكد هذا أن التراث الفارسي لم يذكر تلك القصة التي تنسبها لهم تلك الأسفار مع أهمية أشخاصها وأحداثها ــ لو صحّت ــ!
أما المزامير فتتشابه مع الأناشيد والتراتيل المصرية وغيرها، فالعالم أرمان في كتابه (مصدر مصري لأمثال سليمان) أثبت أن المزمور (104) منقول حرفيًا من نشيد أخناتون الكبير، وبخاصة الفقرات (20ــ 30).
وهذا ما أكدته دائرة المعارف الكتابية حيث تقول: «البحث الأركيولجي في بابل وفي مصر قد كشف عن أناشيد متقدمة.. كما أن الكشف عن آداب الكنعانيين في أوغاريت... قد أمدنا بقصائد هامة مشابهة للمزامير من عصر موسى».
والمزمور (29) مقتبس من قصيدة من أوغاريت للبعل مع استبدال اسم البعل باسم يهوه.
والمزمور (19) مقدمته هي نفس مقدمة الابتهالات لإله الشمس.
أما سفر نشيد الإنشاد فيرى ول ديورانت أنه من وضع شعراء عبرانيين تأثروا بالروح الهيلينية([73]) التي وصلت مع غزو الإسكندر.
ويقول العالمان أرمان وبرستيد: إن سفر الأمثال منقول بشكل فاضح من كتاب (الحكم) لأمنحوبي المصري القديم.
أما قصة الطوفان فمنحولة من أدبيات السومريين كما في ملحمة جلجامش.
قال صبري جرجس في كتابه (التراث اليهودي الصهيوني) واصفًا التوراة الحالية بأنها: «لا تكاد تزيد عن كونها مجموعة من الخرافات والقصص التي صيغت في جو أسطوري حافل بالإثارة، مجاف للعقل والمنطق، غاص بالمتناقضات، مشبع بالسخف...».
إضافة إلى التشابه الكبير بين شريعة التوراة الحالية وأحكامها، وبين قانون حمورابي البابلي السابق لها.
15ـ علم الميثولوجيا يثبت تحريف الكتاب المقدس:
ويقصد بعلم الميثولوجيا: دراسة الأساطير، وهي الأمور الخارقة التي هي من نسج الخيال للعامة؛ حيث يؤلفون منها الحكايات ويحوكون الأحاجي ويحبكون القصص ويحكونها في جلسات السمر أو تـخويف الصبية، وقد تسللت تلك الأساطير إلى الكتاب المقدس بعهديه القديم والحديث بشروحه، كالغول، والقنطور وهو كائن خرافي نصفه الأعلى إنسان ونصفه الأسفل حصان أو حمار، والنداهة ــ ليليث ــ وأم الولدان التي تـخطف الصبيان في الظلام وتأكلهم وتـخفيهم، والديك الحية وهو كائن أسطوري نصفه الأعلى ديك ونصفه الأسفل حية، والحصان ذو القرن على جبينه، والرئم وهو حيوان خرافي عملاق وسريع ولا يقهر ولا يوجد في الأرض منه إلا زوج واحد دومًا وهو ضخم كالجبل، ويُذكر أن الملك ديفيد (داود) قابله، وأنه صعد عليه جبل إلى آخر الأسطورة، وهذا الحيوان الخرافي مذكور في (سفر العدد 23: 22) «له مثل سرعة الرئم».
كذلك اليونيكورن واللوياثان وهي حية ضخمة تزعم الأسطورة أن الإله بعل قد قتلها.
أما التنانين فهي أشهر الأساطير عند الشعوب الوثنية ولا زالت تلك الأسطورة حية في شرق آسيا، ولا زال كثير من الناس يحتفي بها، ولها طقوس خاصة، والتنين هو حيوان خرافي زاحف مجنح له القدرة على الطيران، وينفث النار من فمه، وقد يكون له أكثر من رأس، وأشبه الحيوانات به الحية([75])، وقد حفل الكتاب المقدس كثيرًا بذكر التنانين «فخلق الله التنانين العظام» (تكوين 1: 21)، «سبّحي الرب من الأرض يا أيتها التنانين» (مزمور 148: 7)([76]).
واللوياثان الأسطوري «في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحيّة الهاربة المتحوية ويقتل التنين الذي في البحر» (إشعيا 27: 1)([77]).
هذا ومن الأساطير التي وجدت عند الشعوب القديمة وفي منحوتاتهم أسطورة الثعبان الطائر، فيوجد ــ وبكثرة ــ في معابد المصريين وشعوب المايا والفايكنج، أما في أساطير شرق آسيا فلا زالت حاضرة وبشدة حتى اليوم، ففي كرنفالات الصين وعلى جدران معابد البوذيين في تايلند، وفي أساطير اليهود القديمة ومنها تسللت لتجد لها مكانًا رحبًا في ثنايا الكتاب المقدس: «وثمرته تكون ثعبانًا سامًا طيارًا» (إشعيا 14: 29)([78])، فهذه الأساطير إنما هي خيالات القصاص والحكواتيين بامتياز، فكيف تسربت إلى كتاب منسوب إلى وحي الله تعالى؟([79])!
([3]) التوراة ومعناها القانون والتعليم والشريعة، وهي الوحي المكتوب في الألواح التي أنزلها الله تعالى على موسى | هداية لبني إسرائيل (يعقوب |) ويسميها المسيحيون (العهد القديم) مع إضافة أسفار أخرى وكتابات ورسائل لها، وقد أخذوا هذه التسمية من إشارة سفر إرميا «رفع بيت يهوذا عهدًا جديدًا ليس كالعهد الذي قطعته على آبائهم» (إرميا 31: 31ــ 33). وهناك اتفـاق على أن
= توراة موسى لا تتجاوز الأسفار الخمسة الأول من العهد القديم.
وينقسم العهد القديم إلى أقسام ثلاثة:
1ـ التوراة وتسمى الناموس، وتحتوي على أسفار موسى الخمسة وهي (التكوين (أي الخلق) والخروج (أي خروج بني إسرائيل من مصر)، واللاويين (أي الأحبار والعلماء)، والعدد والتثنية (أي تثنية الشريعة) وهذه الأسفار الخمسة هي مقدمة العهد القديم، ولا يعترف السامريون بغيرها.
2ـ أسفار الأنبياء (أي أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى إلى قبيل عصر يوحنا المعمدان (يحيى |)، وهي نوعان: أسفار الأنبياء المتقدمين، وأسفار الأنبياء المتأخرين.
3ـ الكتب (الكتابات) وهي الكتابات العظيمة والمجلات الخمس والكتب.
فهذه الأسفار السابقة معترف بها من قبل اليهود (العبرانيين وهم الذين لهم الغلبة والكثرة الآن) كذلك معترف بها من قبل البروتستانت، أما الكاثوليك فيضيفون سبعة أسفار أخرى مع تبديل في أسفار الملوك.
الجدير بالذكر أن عند اليهود كتابًا يعظّمونه أشد من تعظيمهم للتوراة وهو التلمود، ويزعمون أن موسى | لما استلم كتابه التوراة من ربه مكتوبة في الألواح، استلم كذلك تعاليم التلمود معها شفاهًا.
وقد أعلن البابا جريجوري التاسع عام (1242م) أن التلمود يتضمن كل الكفر والإلحاد والخسة؛ فما هو التلمود؟ وماذا يحوي؟
التلمود هو روايات شفوية تناقلتها الحاخامات حتى جمعها الحاخام يوحناس (أو يهوذا) عام (150م) في كتاب سمّاه المشنا أي تفسير التوراة، ثم زيد في هذا المشنا عام (216م) ثم شرح المشنا في كتاب يسمى جمارا، فمن المشنا والجمارا يتكون التلمود الذي يحتل في نفوس اليهود منزلة تزيد كثيرًا على منزلة التوراة لموافقتها تركيبتهم النفسية الغريبة, إذ قد حوى من الكفر والعظائم ما لا يُتصّور, مع ذلك فهو دستور اليهود الأول إلى هذا الزمان! فهو بحقّ أخطر كتاب على وجه الأرض.
واليهود يقولون: «إن من يقرأ التوراة بدون المشنا والجمارا فليس له إله!» ولعل هذا التلمود هو ما عناه النبي ^ في قوله: «إن بني إسرائيل كتبوا كتابًا فاتبعوه وتركوا التوراة» (رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع 1/409). وقال تعالى في شأن اليهود: ﴿ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾ [آل عمران: 75]. وهذه الآية الكريمة تلخص كثيرًا من تعاليم التلمود. وللمزيد انظر: (يا سائلًا عن بني إسرائيل) للمؤلف.
([8]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «قال تعالى: ﴿ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ﴾ [الأنعام: 114] وذلك أن الكتاب الأول مصدق للقرآن، فمن نظر فيما بأيدي أهل الكتاب من التوراة والإنجيل علم علمًا يقينًا لا يحتمل النقيض أن هذا وهذا جاءا من مشكاة واحدة، لاسيما في باب التوحيد والأسماء والصفات فإن التوراة مطابقة للقرآن موافقة له موافقة لا ريب فيها. كذلك لم يكن النبي ^ وأصحابه ينكرون ما في التوراة من الصفات ولا يجعلون ذلك مما بدله اليهود». درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية (5/222).
([10]) هناك من يقول بأن التوراة قد نزلت باللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) لأنها كانت لغة اليهود حينها لأنهم كانوا يتكلمون بلغة أهل البلاد التي تستضيفهم خاصة مع تقادم زمان استقرارهم في تلك البلاد، فعلى أقل التقديرات فقد سكنوا مصر (215) سنة، وهي كافية للاندماج اللغوي مع أهل البلاد الأصليين (الفراعنة والقبط) وقد ذكر الدكتور فؤاد حسنين في كتابه (التوراة الهيروغليفية) دلائل على ذلك وأقره عليها الدكتور محمد عمارة في كتابه (تقرير علمي).
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن التوراة والإنجيل كلاهما قد نزل باللغة العبرانية، لغة بني إسرائيل السائدة (الجواب الصحيح 5/124)، وكان يسمي التوراة: الكتاب العبري. درء تعارض العقل والنقل (5/77، 78). وهو الأظهر.
وهناك فريق ثالث يرى أن الآرامية هي لغة المسيح | وأن الإنجيل قد نزل بها.
ومما ذكر الفريق الأول القائلون بهيروغليفية التوراة أن اللغة العبرانيـة (العبرية)
= هي في الأصل لغة عربية بلهجة كنعانية فلسطينية مكتوبة بحروف آرامية، وليس من إبداع بني إسرائيل بل قد استعملوها بعد اختلاطهم بالكنعانيين العرب في عهد النبي يوشع بن نون | (يشوع) بعد إطلاقهم من التيه المشهور؛ لأن اللغة العربية القديمة كانت تنقسم إلى قسمين: شرقية وهي الأكدية (البابلية والأشورية) وهي لغة عرب ما بين النهرين والهلال الخصيب، وغربية وهي تنقسم إلى قسمين: شمالي (الكنعانية والفينيقية) وهي ممتدة من شمال جزيرة العرب إلى حوض البحر المتوسط، ويتفرع عنها الموءابية والعبرية والآرامية، وجنوبي (عربي شمالي وعربي جنوبي) وهي ممتدة من وسط جزيرة العرب إلى جنوبها مع سواحل أفريقيا الشرقية والحبشة، وتمتد شمالًا حتى تدخل العراق.
ويقول بعض علماء اللغات، إن اللغة العربية قد مرت بثلاث مراحل: الأولى هي العربية القديمة كالعاديّة والثموديّة والأكديّة والفينيقية. والمرحلة الثانية: هي العربية المتوسطة كالآشورية والبابلية والكنعانية وما تفرع عنها من عبرية وآرامية وجنوبية. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة العربية الحديثة (الفصحى).
وإيضاحًا لذلك نقول: إن أقدم الحضارات المشهودة على ظهر الأرض هي الحضارة السومرية (ويُعتقد أنهم بقايا قوم نوح | الذين نجوا من الطوفان) ويرجح البعض أن أوّل أمرهم كان قبل (6000) من الميلاد، هذا ولم يبق من الشعوب سوى ذرية نوح |، قال تعالى: ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾[الصافات: 77]. فنوح | هو أبو البشر الثاني.
ويقال: إن نسل نوح | هم سام حيث بقي نسله في الهلال الخصيب والشام وجزيرة العرب وشمال إفريقيا، وحام ويُظن أن نسله في جميع إفريقيا ــ خلا شمالها ــ، ويافث وقد انتشر نسله في آسيا وأوربا (مع اختلاط هذه السلالات في كثير من المناطق).
والسومريون يعودون ــ أو غالبهم ــ إلى الشعوب السامية المتفرعة من سام بـن=
= نوح |، وإليهم ترجع أقدم حضارة إنسانية معروفة، وهم أول من شق القنوات الزراعية وأنشأ السدود وصنع بعض الصناعات البدائية، كذلك إليهم تنسب أقدم الكتابات البشرية وهي المسمارية (وهي أنماط منحوتة على الحجر أو الطين أو المعادن) ثم تبعها اختراع الكتابة التصويرية (أي نقش الصور ورسمها لتدوين المراد، كلغة المصريين القدماء) ثم تبعتها الأبجدية الأولى (أي كتابة الأحرف الصوتية اللسانية) على يد الفينيقيين العرب ولا زال معمولًا بها حتى الآن. مع التنبيه إلى تعليم الله تعالى لآدم | أسماء كل شيء، وقدرته على الخطاب، فالموضوع في الكتابة وليس النطق.
ثم نشأت على أنقاض الحضارة السومرية الحضارة الأكدية (3000ق.م) بشقيها الآشوري والبابلي، وما تفرع عنها من الكلدانيين (الذين بعث إليهم إبراهيم |) كذلك الكنعانيين الساميين الذين فارقوا حضارتهم السومرية إلى جزيرة العرب أولًا ثم انتقل كثير منهم إلى حوض المتوسط الشرقي والجنوبي وبعض الغربي وبقي بعضهم في حرّان.
وبالتحليل الجينوغرافي (دراسة السلالات عن طريقة الجينات الوراثية) قامت به الجامعة الأمريكية في بيروت، تبيّن أن 99% من شعوب شرق حوض البحر المتوسط وجنوبه يعودون إلى جين J2وهو نفس الجين الذي يحمله سكان جزيرة العرب.
ومع هجرة الساميين إلى جزيرة العرب استوطن بعضهم جنوبها الغربي وبنوا حضارات مشهورة، كذلك فقد وصلوا للسواحل الأفريقية وتوغلوا إلى وسط إثيوبيا.
أما الفينيقيون الساميون فإنهم انتقلوا من شرق جزيرة العرب إلى شرق حوض البحر المتوسط وجنوبه ــ كما أسلفنا ــ وأسسوا حضارة عريقة وعظيمة امتدت إلى جزر بعيدة في المحيط الأطلسي، بل وصلت تجارتهم لأمريكا الجنوبية كما وجد =
= من بضائعهم مع حضارات القارة الأمريكية الجنوبية القديمة كالمايا وغيرها التي تحمل شعارات الفينقيين وبعض رسوم آلهتهم الوثنية.
وعلى أنقاض الفينيقيين قامت حضارة جديدة ــ غير ساميّة ــ وهي حضارة الإغريق (اليونان) الذين خرّجوا الفلاسفة المشاهير كسقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم، وأسسوا المعابد الوثنية خاصة في أثينا وهي الحضارة الهيلينية، ومن أشهر قوادهم وحكامهم الإسكندر المقدوني.
ثم على أنقاض الإغريق قامت حضارة جديدة آتية من من سهول أوروبا وهي الحضارة الرومانية التي عُمّرت طويلًا واشتهرت بالطغيان والجبروت كحال من سبقها من بعض الحضارات الكبرى، وكانت نهايتها في مصر والشام والعراق وآسيا الصغرى على يد الأمة المسلمة، لكنها بقيت بعد ذلك طويلًا في شرق وجنوب وعمق أوروبا.
والذي جرنا لهذا البحث الطويل نسبيًا أمران: الأول علاقة الحضارات القديمة بالجديدة ومحاولة التعرف على الروابط والفواصل بينها مما له أثر مباشر على البحث كما سيأتي، والثاني هو محاولة الوصول لمنشأ كثير من اللغات وسبب التشابه بينها لعلاقة ذلك بالكتاب المقدس الموضوع تحت مجهر البحث الذي بين يديك.
وعليه نقول إن الفينيقيين العرب هم أول من أبدع الأبجدية المعمول بها حاليًا، وعنهم أخذت اللغات الأخرى أبجدياتها، بل أخذوا حتى أشكال الكثير من حروفها، ذلك أن الفينيقيين كانوا أمة تجارة وتواصل مع الأمم الأخرى واحتاجوا لتدوين كثير من أمورهم فتفتقت عبقريتهم عن تلك الأبجدية الفريدة، ومن أمثلة ما أخذته الأمم عنهم في أبجدياتها ما نراه في اللغة الإنجليزية الحالية، فإن كثيرًا من حروفها يتطابق شكلًا ونطقًا مع الحروف الفينيقية مثل (Y- u- a – B- D- H- K- L- M- N)، وقد أخذوا حروفًا أخرى فينيقية وأبقوا على شكلها مـع =
= تغيير في نطقها مثل (O- Q- R- W- X) مع ترك اللاتينية والإنجليزية بعض الحروف الفينيقية لثقل نطق حروفها عليهم، لكنها بقيت في اللغة الأم العربية حتى زماننا هذا، وذلك مثل (ح ـ خ ـ ص ـ ض) وغيرها، ومع تفرق الفينيقيين في المساحات الشاسعة تغيرت لهجاتهم حتى صارت لغات مستقلة كالعربية والعبرية الكنعانية والفينيقية المعروفة والآرامية، وهذه الأخيرة خرجت من رحمها عدة لغات أخر كالنبطية لكن أشهرها السريانية، ويعتقد أن السريانية هي لغة إبراهيم |، ولا زالت الكنيسة السريانية تحتفل بعيد نجاة إبراهيم | من النار التي أوقدها له أعداؤه، وكان أول أمر إبراهيم | في بابل التي كان مركزها وسط العراق (بقرب مدينة الحلة حاليًا) وعلى هذا فالآرامية (التي يشتهر أنها لغة المسيح |) هي فرع عن الكنعانية الفينيقية العربية القديمة، وعلى هذا فإبراهيم |كان عربيًا حيث أن لغته كانت السريانية المتفرعة من الآرامية، وكان يتكلم مع زوجات ابنه إسماعيل | في مكة ويفهمن كلامه وهن جرهميات عربيات، ثم أخذت اللهجات تتمايز وتتطور مع نحت الزمن لها حتى صارت لغات مستقلة عن اللغة الأم العربية التي تطورت كثيرًا في عهد إسماعيل | كما في مسند أحمد بسند صحيح أن رسول الله ^ قال: «أول من فتق لسانه بالضاد إسماعيل» ثم أخذت تلك اللغة في الرقي والتطور والسمو حتى بلغت المقام الرفيع والسقف الأعلى على الإطلاق في العهد القرشي حيث خلّدها القرآن الكريم فكانت سقفًا أعلى لا يتجاوز لأنها عربية مُبِيْنَة (فصحى) ﴿ﮣ ﮤ ﮥ﴾ [الشعراء: 195]، لهذا فقد كانت قريش تفتـخر ببيانها على بقية العرب العرباء قبل الإسلام، بل تصفهم بالعجمة مقارنة بلغتهم الفصحى، وقد أقرت لها العرب بذلك وحكمتها في أشعارها وبيانها.
ولك أن تقارن اللغة العربية الفصحى بأي لغة عالمية من شرق العالم لغربه فسترى الفرق الشاسع والفارق المبين بينها وبينهن سواء كان في عدد الكلمـات =
حيث فاقت العربية الإنجليزية 400%، هذا عدا الاشتقاقات المختلفة والجذور الدلالية التصريفية، وسهولة التعريب، أو عدد المترادفات للمعنى المتقارب جدًا حتى أن من لا يعرف العربية يظن أن تلك المترادفات تأتي لمعنى مطابق ولكن في الحقيقة أن كل كلمة تؤدي معنى مستقلًا وإن كانت تـخدم المعنى نفسه، ولكن على حسب فصاحة المتكلم تتنوع خياراته ويصيب كبد المعنى برمي لفظه المطابق له.
إذن فاللغات السامية تفرقت وبقيت منها اللغة العربية بلغاتها المختلفة إذ العربية القديمة فرع عن السامية، ولك أن تتصور أن اللغات الإفريقية الأمهرية والهروية والسواحلية أصولهن عربية، ويجتمعن مع العربية السائدة في تراكيب وتصاريف بعيدة الجذور الزمانية حتى صارت لغات مخالفة للفصحى السائدة في الزمن الحاضر.
وهناك من الباحثين من ينازع في كون الآرامية والسريانية تعودان في أصولهما للعربية بل يرجعونهما رأسًا للسامية القديمة، وهذا قول وجيه، والأمر في ذلك واسع، وليس بين أيدينا سواء في تاريخ الحضارات أو اللغات سند أو دليل قطعي يرجح أيًّا من تلك النظريات. والله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بأن علمه البيان والإفصاح عما في خاطره، وسرد ما في خبايا عقله، وفارق بعقله ولسانه الحيوانات المعجمة التي لا تبوح بمكنوناتها إلا بصوت مجرد من حركات اللسان، قال تعالى: ﴿ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [الرحمن: 1ــ 4].
([11]) تُرجمت التوراة والأسفار المصاحبة لها (العهد القديم) إلى اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد في عهد اليونان (الإغريق)، وقد اجتمع لترجمتها سبعون عالمًا من اليهود، لذلك تُسمى (الترجمة السبعونية) وضمت إليها كثير من الصحف المشكوك فيها (غير القانونية/ الأبوكريفا)، وفي القرن الرابع ترجم جيروم النسخة السبعونية إلى اللاتينية، وسمّاها (الترجمة الشعبية) وضم إليها الأبوكريفا مع اعترافه بشكوكه تجاهها.
([13]) أطال المستشار حسين إمام إسماعيل النفس في تتبع الأدلة على وقوع التحريف في الكتاب المقدس بعهديه في كتابيه (العهد القديم ليس مقدسًا) و(عدم صلاحية ضم العهد القديم للجديد)، وقد سبقه لذلك الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه الضخم (إظهار الحق) الذي يبقى ــ حسب علمي ــ أشهر المعاصرين الذين تتبعوا الطبعات الحديثة للكتاب المقدس ونقدوها وفندوا كثيرًا مما فيها، والمؤلفات العصرية في هذا الباب كثيرة.
([16]) ويقال: إن أحبار اليهود لما كانوا في بابل اتفقوا على إخفاء توراة موسى | الأصلية واستبدلوها بتوراة مزيفة وبعضهم ينسبها لعزرا، وعندما عاد اليهود إلى أورشليم اختلفوا، فتفرق السامريون والعبرانيون واحتفظ كلاهما بنسخة من توراة عزرا لكنهم حرفوها وبدلّوا ــ كعادتهم ــ كثيرًا من آياتها حسب هوى كل طائفة حتى عرفت بها، فصارت هناك توراة سامرية، وتوراة عبرانية، واختفت توراة عزرا. ولما ترجمت التوراة في عام (282ق.م) وهي الترجمة السبعونية وقع اختيارهم على نسخة العبرانيين دون غيرهم، ولما أراد المسيحيون إلحاق العهد القديم بأناجيلهم وأسفارهم ورسائلهم احتاروا أي النسخ يعتمدون؟ فأخذ الكاثوليك والأرثوذكس النسخة اليونانية السبعونية واختار البروتستانت النسخة العبرانية، أما النسخة السامرية فلم يأخذ بها أحد سوى أصحابها من يهود السامرة.
([18]) من مزايا الأمة المسلمة حرصها الشديد على نقل نصوص الوحي بالسند المتصل الموثوق، فالقرآن الكريم قد نقلوه على مر الأجيال بالسند القطعي المتواتر، فالكثير منهم يحفظونه كاملًا عن ظهر قلب، ويرددونه دومًا بشكل يومي ولا يخرمون منه حرفًا، ولا يختلفون في مشارق الأرض ومغاربها في ذلك، أما السنة النبوية فقد ابتكر علماء المسلمين علمًا جديدًا لحفظ تراثهم النبوي فأسسوا علم الجرح والتعديل الذي يحفظ متون الأحاديث وينقد رجالها حتى لا يتطرق إليها الشك أو الافتراء، وميزوا بهذا الميزان بين الصحيح المقبول والضعيف المردود.
([20]) التاريخ مما تقدم عن الآباء، أبو الفتح السامري، ص64، 65، كذلك فقد شكّك في مصداقية نسخ التوراة الفيلسوف اليهودي سبينوزا في كتابه (رسالة في اللاهوت والسياسة) ص(283)، كذلك فعل ول ديورانت في (قصة الحضارة) (2/367) وبنحوه قال صاحب كتاب (تاريخ الإسرائيليين) ص(27)، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى فيما يأتي.
([26]) وبذلك يتضح أمران: الأول: أن التوراة الحقيقية قد ضاعت. والثاني: أن العبث قد جرى في إعادة تدوينها وتسطيرها من الذاكرة البشرية والأهواء الوضيعة.
قال د. جراهام سكروجي ــ عضو معهد مودي للكتاب المقدس وهو معدود من أكبر علماء البروتستانت التبشيريين ــ في كتابه (هل الكتاب المقدس كلام الرب؟): «إن الكتاب المقدس من صنع البشر بالرغم من أن البعض جهلًا منهم أنكروا ذلك...»، وفي مجلة (استيقظوا) لأصحابها شهود يهوه ــ وهي منظمة مسيحية ذات أجندة يهودية ــ في عددها الصادر في 8 سبتمبر (1957م): «إن هناك خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس!» قلت: وهذه الأخطاء الـ(50.000) شاملة للعهدين القديم والجديد. وانظر: هل الكتاب المقدس كلام الله؟ أحمد ديدات.
([28]) ومنها «وقد أذل الرب يهوذا بسبب آحاز ملك إسرائيل» (الأيام (2) 28: 19) ومعلوم أن مملكة إسرائيل هي الشمالية أما يهوذا فهي الجنوبية، وآحاز هو ملك مملكة يهوذا الجنوبية، وهو الملك الحادي عشر من ملوك مملكة يهوذا الجنوبية، كما ذكره محرر الكتاب المقدس. فانظر لحال الكتبة وتـخبطهم وخلطهم بين الممالك اليهودية، فما بالك بغير ذلك؟!
([30]) للمزيد ينظر: إظهار الحق، للشيخ رحمة الله الهندي، والفروق بين التوراة السامرية والعبرانية، د. أحمد السقا، العهد القديم ليس مقدسًا، حسن إمام إسماعيل، وغيرها.
وقال حسن إمام بعد ذكره لكثير من التناقضات في العهد القديم بين النسخ الثلاث؛ السامرية والعبرانية واليونانية: «إن تعدد نسخ التوراة في حد ذاته أمرٌ لا يشكل خطورة طالما اتحدت بياناتها، إنما الخطورة تظهر عندما تـختلف محتويات هذه النسخ كما هو الحاصل الآن بحيث لا يعرف القارئ أي النسخ هي الموحى بها! وإذا قلنا جدلًا: إن نسخة ما موحى بها؛ فلا مفر من القول بأن النسختين الأخريين المختلفتين عنها غير موحى بها، وإذا تعذر القطع بأي النسخ الثلاث هي الموحى بها فقد لحق الشك في الوحي بالنسخ الثلاث جميعا». العهد القديم ليس مقدسًا، ص54، وانظر: الجداول المضمنة في كتابه ص74ــ 76.
([41]) ذكر (اليهود) بهذا اللفظ في القرآن الكريم يكون في الغالب على سبيل الذم، أما في غيره فيذكرون بـ(بني إسرائيل) (أهل الكتاب) (الذين أوتوا الكتاب). ويقال: إن أول من لقبهم باليهود هم الفرس، وهذا ــ إن صح ــ فهو دليل على أنهم لم يلقبوا به إلا بعد فساد حالهم، وعلى هذا فلا يصح أن يطلق على أنبياء بني إسرائيل أنهم يهود، وهناك قول آخر بأن أصل الكلمة من التوبة: ﴿ﭚ ﭛ ﭜ﴾ [الأعراف: 156].
وقد جاءت هذه على لسان موسى | لما دعا ربه وتضرع إليه بعد أخذ الرجفة للسبعين الذين اختارهم لميقات ربه تعالى، أو لعل نسبتهم كانت إلى يهوذا رأس أحد أسباطهم وانتسبوا له لشرفه وسؤدده، أو إلى المملكة الأخيرة لهم قبل السبي وهي مملكة يهوذا وإلى هذا أميل. والله أعلم.
الأولى: مدرسة العهد القديم والجديد التي تزدري الأنبياء عندما تجردهم من العصمة، وتصفهم بالأوصاف الرديئة التي يتنزه عنها عامة الناس الأسوياء فضلًا عن المختارين المصطفين من الأنبياء والمرسلين، فالعهد القديم كما نرى بعاليه يصفهم بأخس أوصاف الانحطاط، وأما الجديد فينفي العصمة عنهم ويجعل المسيح وحده هو الكامل لأنه إله! وتجاهل منظّروا هذه المدرسة أن منهج الازدراء للأنبياء قد قاد إلى القول بأن مريم التي ولدت المسيح | هي من نسل خطيئة الزنا؛ فهي من نسل داود الموصوف بالزنا ــ وحاشاه صلوات الله وسلامه عليه ــ وداود هو من نسل يهوذا الموصوف بالزنا كذلك، والذي من نسله توالى أبناء الزنا!
الثانية: المدرسة الإسلامية بوحييها القرآن والسنة: التي تقرر العصمة للأنبياء فيما يبلغون عن الله تعالى وعن كل ما يُنفّر أو يُشين أو يُعاب. وذلك انطلاقًا من التسليم بالوحي وتنزيه الله عن العبثية واتصافه سبحانه بالحكمة والكمال في كل شيء؛ ومن ذلك اختياره واصطفاؤه للأنبياء والمرسلين، واقرأ سيرة إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى عليهم الصلاة والسلام في القرآن والسنة تجد فيها المثل العليا والكاملة للبشر الصالح السوي، الحقيق بالاقتداء والتأسّي.
وانظر: النبوات، لشيخ الإسلام ابن تيمية، والأنبياء في القرآن الكريم والكتاب المقدس بين العصمة والازرداء، للدكتور محمد عمارة.
([46]) قال أحد علماء المسلمين وهو ابن القيم رحمه الله جوابًا ليهودي استهزأ بالمسلمين: «... ويقال لمورد هذا السؤال إن كان من الأمة الغضبية إخوان القردة: ألا يستحي من إيراد هذا السؤال من آباؤه وأسلافه كانوا يشاهدون كل يوم من الآيات ما لم يره غيرهم من الأمم؟! وقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من عدوهم، وما جفّت أقدامهم من ماء البحر حتى قالوا لموسى: ﴿ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ﴾ [الأعراف: 138]، ولما ذهب لميقات ربه لم يمهلوه أن عبدوا بعد ذهابه العجل المصوغ! وكانوا ــ مع مشاهدتهم تلك الآيات ــ يهمون برجم موسى وهارون في كثير من الأوقات. والوحي بين أظهرهم! ولما ندبهم إلى الجهاد قالوا: ﴿ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [المائدة: 24]، وانهمكوا في الزنا وعدوّهم بإزائهم حتى ضعفوا عنهم ولم يظفروا بهم! وعبادتهم الأصنام في عصر يوشع بن نون! وتحيّلهم على صيد الحيتان يوم السبت حتى مسخوا قردة خاسئين! وقتلهم الأنبياء بغير حق حتى قتلوا في يوم واحد سبعين نبيًا في أول النهار وأقاموا السوق آخره كأنهم جزروا غنمًا! وقتلهم يحيى بن زكريا ونشره بالمنشار! وإصرارهم على العظائم، واتفاقهم على تغيير كثير من أحكام التوراة! ورميهم لوطًا بأنه وطئ ابنتيه وأولدهما! وطاعتهم للخارج على ولد سليمان لما وضع لهم كبشين من ذهب فعكفت جماعتهم على عبادتهما!
أفلا يستحي عُبَّاد الكباش والبقر من تعيير الموحدين بذنوبهم؟!
أولا تستحي ذرية قتلة الأنبياء من تعيير المجاهدين لأعداء الله؟! فأين ذريةُ من سيوف آبائهم تقطر من دماء النبيين، ممن تقطر سيوفهم من دماء الكفار والمشركين؟! =
أولا يستحي من يقول في صلاته: «انتبه يا رب كم تنام، استيقظ يا رب من رقدتك» من تعيير من يقول في صلاته: ﴿ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾ [الفاتحة: 1ــ 4].
فلو بلغت ذنوب المسلمين عدد الحصى والرمال والأنفاس، ما بلغت مبلغ قتل نبي واحد، ولا وصلت إلى قول إخوان القردة: ﴿ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾ [آل عمران: 181]، وقولهم: ﴿ﮝ ﮞ ﮟ﴾ [التوبة: 30]، وقولهم: ﴿ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾ [المائدة: 18]، وقولهم: «إن الله بكى على الطوفان حتى رمد من البكاء، وجعلت الملائكة تعوده»، وقولهم: «إنه عضّ أنامله على ذلك»، وقولهم: «إنه ندم على خلق البشر وشق عليه لما رأى من معاصيهم وظلمهم»، وأعظم ذلك نسبة هذا كلّه إلى التوراة التي أنزلها الله على كليمه!...».
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ص302ــ 306 بتصرف.
([53]) هناك عبارة عنصرية يربأ المسيح | أن يفوه بها، وهي تسمية غير الإسرائيليين بالكلاب حينما أجاب المرأة الكنعانية التي طلبت منه أن يعالج ابنها «ليس حسنًا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب» (متى 15: 6، مرقس 7: 27)، فالمسيح أرفع مقامًا من ذلك، ولكن الأليق بهذه العبارة هو التلمود المليء بغرائب يهود وعجائب حاخاماتهم والمحشو بالعنصرية والسادية، وليس من اللائق نسبة هذه العبارة لمسيح الله |، وحديث نبي الله محمد ^: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» (رواه البخاري)، لا يعني أن بقية الرسل والأنبياء ممنوعون من دعوة غير أقوامهم؛ فالسياق لا يلزم بذلك، ولو أن كنعانيًا أو غيره طلب من المسيح | الهداية والإرشاد لم يبخل عليه بدعوته والتسبب في فلاحه وصلاحه ونجاته من النار فضلًا عن أن يبخل عليه بمداواته من مرض جسده، وبلقيس ملكة سبأ قد دعاها سليمان | ابتداءً وهددها وقومها بالحرب حتى أسلمت وقالت: ﴿ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ﴾ [النمل: 44]، إذن فما هذه العبارة العنصرية المتعالية إلا مقحمة من الصهيونية القديمة، وقد انتهجها بولس في بعض مقالاته.
علمًا بأن معيار التفضيل في الإسلام هو التقوى لا غير، فالسلالات والأعراق والأجناس لا وزن لها، قال تعالى: ﴿ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ﴾[الحجرات: 13]، وقال رسول الله ^: «يا أيها الناس كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى» (رواه أحمد/ 22391).
([55]) في بعض النسخ بزيادة كلمة (هللويا) وهي كثيرًا ما ترد في تضاعيف الإنشاد وبداية ونهاية المزامير، ومعناها: سبحوا ووحدوا وهللوا الله. وأصلها (هللوية) بالهاء من العبرية وهي فيها مركبة من الجذر (هـ ل ل) الذي يجانس الفعل هلّل في العربية لفظًا ومعنى مقارب فالتهليل في العربية هو قول: لا إله إلا الله، أي إفراد الله تعالى بالتوحيد، أما في لاهوت الكتاب المقدس فمعناه عندهم شامل للتوحيد والتسبيح والتحميد والتكبير، (هللوا) أي اصبحوا بالتهليل (به) أخذوا أول وآخر حرف من كلمة (يهوه) فصار معنى هذا النحت (هللوا الله) وبالعبرانية المنحوتة (هللويه) أما الفرنسيون فينطقونها بدون حرف (هـ) لأنه غير موجود في لغتهم فيقولون (أللويا) وبعضهم يحذف الهاء الأخيرة فينطقها (هللويا) وهو الأشهر والأكثر.
([56]) أما القرآن الكريم بسوره كلها فلا توجد فيه عبارة واحدة توحي بمثل هذه الرذائل، كذلك السنة المحمدية المطهرة فلا يوجد لنبي الله ^ كلمة واحدة من هذا النوع الخليع وكان يكني ولا يصرّح.
قال المصلح الاجتماعي الإنجليزي توماس كاريل: «كلما قرأت القرآن وجدت أن روحي تهتز داخل جسمي».
وقال المفكر شاعر ألمانيا غوته: «لم يعتر القرآن أي تبديل أو تحريف، وعندما تستمع لآياته تأخذك رجفة الإعجاب والحب، وبعد أن تتوغل في دراسة روح التشريع فيه لا يسعك إلا أن تعظّم هذا الكتاب العلوي وتقدسه».
وقال أرنست رينان: «سوف تسود شريعة القرآن العالم لتوافقها وانسجامها مع العقل والحكمة».
وقال المفكر والأديب الروسي تولستوي: «لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملًا دون تحوير سوى القرآن الذي نقله محمد».
وانظر للمزيد: رجال ونساء أسلموا، د. عرفات العشّي، لماذا أسلم هؤلاء؟ د. أحمد عبد الرحمن، مقدمات في العلوم والمناهج، للعلامة أنور الجندي، القرآن الكريم من منظور غربي، د. عماد الدين خليل.
وانظر: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس، لواء مهندس أحمد عبد الوهاب، ص20ــ 61. وكتابه الآخر: إسرائيل حرّفت الأناجيل، ص87، والعهد القديم ليس مقدسًا، حسن إمام إسماعيل، ص222ــ 225.
([69]) أما القرآن الكريم فقد أبدأ وأعاد وكرر وحث على العلم والتعلم والتعليم ورتب الأجور العظيمة للعالم والمتعلم ونوّه بطلب المعرفة النافعة، بل إن أول آية قرآنية نزلت هي قول الله تعالى: ﴿ﭻ﴾ [العلق: 1]، وقد تنوعت أساليب القرآن الكريم في حث الناس على التعلم والتعليم، فمن ذلك قول الله تعالى: ﴿ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [الزمر: 9]، وقال تعالى: ﴿ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ﴾ [المجادلة: 11]، وقال جل ذكره: ﴿ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ﴾ [طه: 114] في آيات كثيرة تحث على العلم، وفي السنة النبوية كثير من ذلك.
قال الدكتور موريس بوكاي رئيس قسم الجراحة في جامعة باريس: «إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه نصوص القرآن لأول مرة هو ثراء الموضوعات العلمية المعالجة، وعلى حين نجد في التوراة ــ الحالية ــ أخطاء علمية ضخمة، لا نكتشف في القرآن أي خطأ». دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، د. موريس بوكاي، ص145.
وقال أيضًا في كتابه القرآن الكريم والعلم، ص123: «لم أجد التوافق بين العلم والدين إلا يوم شرعت في دراسة القرآن».
وقال البروفيسور جونسون: «القرآن أول مصدر يذكر أطوار الجنين ويصف المظهر الخارجي، والعمليات الداخلية المتلاحقة في الرحم وقد وصفها بوصف دقيق» مجلة الإعجاز (1/26ــ 28).
([79]) علمًا بأن هذه الأساطير التي احتفى بها الكتاب المقدس لا زالت سائدة في شعوب الدول الغربية في أوروبا والأمريكتين، ماثلة برمزيتها الخرافية وخلفيتها الوثنية على أكتاف الجند. وبوابات وشعارات المدارس العسكرية وبخاصة شعار الديك الحية وهو شعار القوات الجوية البريطانية، كذلك نراه في شعارات الأندية الرياضية العريقة لكرة القدم، كذلك في الأفلام السينمائية، وبرامج الأطفال، ومجلاتهم، وطوابع البريد.. وهكذا تسربت رموز الفكر الكتابي المحرف المنحولة من الأمم البدائية الوثنية إلى الحياة الحديثة دون علم الكثير برمزياتها وإشاراتها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق