(واجعله ربِّ رضيًّا)
الحمد لله، وبعد؛ فإنّ فِلْذَةُ الكبدِ
روحٌ تمشي بين يدي والديها، ويمامة تتهادى بين روحيهما، حقيقٌ بهما الابتهال لربِّها
بصلاحها، وقد كانت دعوة زكريا عليه السلام لولده الذي لم يولد بعد: (فَهَبْ لِي
مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ
رَبِّ رَضِيًّا)، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " رضيًّا: أي مرضيًّا عندك
وعند خلقك، تحبّه وتحبّبه إلى خلقك في دينه وخلقه". (1) وكان يسأل ربه الذرية
الطيبة: (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة)، فأجاب رب العالمين دعاءه بولدٍ نبيٍّ رضيِّ
مرضيٍّ سيدٍ حصورٍ لم يُسمَّ أحدٌ على اسمه قبلًا، (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه
يحيى لم نجعل له من قبل سميا)، (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى). وكان من دعاء الخليل
عليه السلام: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء). وبركة صلاح
الوالد تدرك الولد بإذن الله تعالى ولو بعد حين، (وكان أبوهما صالحا). فذرية المرء
هي رأس ماله الباقي بعده، وهم امتداده بعد رحيله، ومَفْرَحُه في قبره بصلاحهم واستقامتهم،
ويوم القيامة بأمانهم وسعادتهم، والله المستعان. ولحطّان بن المعلى في وصف ولعه
ببنيّاته:
لولا بنيّات
كزغبِ القطا ... رددن من بعضٍ إلى بعضِ
لكان لي مضطربٌ
واسعٌ ... في الأرض ذات الطول والعرضِ
وإنّما أولادنا
بيننا ... أكبادُنا تمشي على الأرضِ
لو هبّت الريح
على بعضهم ... لامتنعت عيني عن الغمضِ
اللهم أصلحنا ووالدينا وذرياتنا
وأهلينا وأحبابنا والمسلمين، واجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا، ربنا وتقبل دعاءنا
وهبنا اللهم لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا
قرة أعين، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، إله الحق آمين، وصل اللهم وبارك
على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
إبراهيم الدميجي
aldumaiji@gmail.com
..............................
1- تفسير
ابن كثير (5 / 214)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق