حبُّ
الأنصار إيمان وبغضهم نفاق
رجال الأنصار الذين اصطفاهم الله على الناس
لنصر نبيّه واحتضان دعوته، وحرب الأحمر والأسود دونه، لهم حق عظيم على الأمة، ولهم
سابقة جليلة لا يُلحقون إليها، وهم شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان
الناس دثاره، وهم من أشجع الناس، وأكرم الناس، وأصدق الناس، وأطيب الناس، قال ابن
عباس رضي الله عنهما في الأنصار رضي الله عنهم: "ما استلّت السيوف، ولا زحفت
الزحوف، ولا أقيمت الصفوف، حتى أسلم ابنا قَيْلَة". يعني الأوس والخزرج. ذكره
في غرر الخصائص الواضحة (1 / 176).
والأوس والخزرج من بني عمرو بن عامر، من الأزد.
وهم من وُصفوا بأنهم يكثُرون عند الفزع، ويقلّون عند الطمع. قال كعب بن زهير
يمدحهم:
من سرَّه كَرَمُ
الحياة فلا يزلْ ... في مِقْنَبٍ من صالحِ الأنصارِ
تَزِنُ الجِبالَ
رَزانَةً أَحلامُهُم ... وَأَكُفُّهم خَلَفٌ مِنَ الأَمطارِ
الباذلين نفوسَهم
لنبيّهم ... يوم الهياج وسطوةِ الجبّارِ
وَالناظِرينَ
بِأَعيُنٍ مُحَمَرَّةٍ ... كَالجَمرِ غَيرِ كَليلَةِ الإِبصارِ
والمُكرِهينَ
السَمهَرِيِّ بِأَذرُعٍ ... كَصَواقِلِ الهِندِيِّ غَيرِ قِصارِ
يتطهّرون كأنّه
نسكٌ لهم ... بدماء من علقوا من الكفارِ
والذائدين الناس
عن أديانهم ... بالمَشْرَفيّ وبالقَنا الخطّارِ
والباعثين
نفوسهم لنبيّهم ... للموت يوم تعانقٍ وكرارِ
وإذا حللت
ليمنعوك إليهمُ ... أصبحت عند معاقل الأعقارِ
وَهُم إِذا
خَوَتِ النُجومُ فَإِنَّهُم ...
لِلطائِفينَ السائِلينَ مَقاري
وَهُمُ إِذا
اِنقَلَبوا كَأَنَّ ثِيابَهُم ... مِنها تَضَوّعُ فَأرَة العَطّارِ
وَالمُطعِمَونَ
الضَيفَ حينَ يَنوبُهُم ... مِن لَحمِ كومٍ كَالهِضابِ عِشارِ
وَالمُنعِمون
المُفضِلونَ إِذا شَتَوا ... وَالضارِبون
عِلاوَةَ الجَبّارِ
ورثوا المكارم
كابرًا عن كابرٍ ... إنّ الكرامَ همُ بنو الأخيارِ
والمشرفية: نسبة إلى مشارف من أرض
العرب، والخطاّر: الرمح حين يهتز لارتفاعه وانخفاضه. والمعقل: الملجأ. والأعقار:
الأسد. وفأرة العطار: حويصلة غزال المسك التي يستخرج منها المسك بعد خلطه بمواد
أخرى. رضي الله عنهم وأرضاهم.
إبراهيم الدميجي
aldumaiji@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق