حمل مجانًا كتاب:
دُموعٌ
على سَفْحِ الفؤاد
خفق
الجَنَان بشيء من ديوان أشجان
الحمد لله ولي المتقين، وحبيب العابدين، وأشهد
ألّا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أنّ نبيّنا
محمدًا عبده ورسوله، إمامُ الصابرين، وقدوة المهتدين، وقائد الغرّ المحجّلين، صلى
الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين وبارك وسلّم تسليمًا كثيرًا طيّبًا
مزيدًا؛ أما بعد:
ففي ليلة حالمة، لكنها من الأحزان ليست سالمة،
اضطجعت لظهري مثقلاً بهواجس الضمير، قد حاصرتني جيوش الهموم، وتتابعت على قصف قلبي
كتائب الغموم، وقد صعدتُ بطرْفي صُعُداً في سماء ربي، متأملاً لوحة رسمها الخلّاقُ
الجميل سبحانه وجلّت قدرته، فرصّع حرير الليل الأسود الفاحم بدرر ولآلئ من أفخم الجواهر
بأزهى الألوان، فكان البياض والفضة هو التطريز السائد، وكان الياقوتي والأزرق يتماوج
ويتماهى مع الفضة في بعض الأنجم التي سبحت وتهادت على سَرَقَةِ السندس البهيم والإستبرق
الحَسِينِ والسِّيراء الأخّاذة، فتلك تتلألأ كأنما توشك أن تشرق منها شموس، وتيك قد
رنت لأختها كأنما تعانقها في وداع أخير، وتينك تشعّان نوراً كأنما هو قرط الحبيب، الذي
يشاكي الجَوَى على رأس الكثيب، وهذه المجرّة اللبنيّة قد شقّت قُبّةَ فلكنا سارحة سابحة
مسبِّحةً خالقها العظيم، خاضعة خاشعة.
ثمّ توسطَ كبدَ السماءِ قنديلُ الليلِ، وآيةُ
المساء، ومعشوقُ المحبين الغرباء، ففي وجهه للأحبة تذكار واستعبار.. وكم في الأرياف
من نعمة حُرِمها أهل الضجيج والقتامة في المدن!
تَضَوَّعَتْ في ليلتي تلك رياحين البستان،
وداعب نسيمُها خصلات بُنيَّتِي ذات الربيعين «بسمة» وهي بحقٍّ زهرة قلبي وروضة روحي،
وهكذا حال الأب الذي تربّع حبّ طفلته في قلبه وبنى قصر السُّرور حتى صار مرأى
مُحيّاهَا سلوةً وبلسماً، وهي إذ تناجيني تلثغُ لثغةَ الأطفال وما أحلاها وأعذبها،
وترنو إليّ بعينين ذابلتين ساجمتين، وبَسمةٍ جمعت جَذَلاً غامضاً، وشوقاً وامضاً، كالموناليزا
مع سحابة كَدَرٍ لم تخطئها عين خبير، ولم يجتزها قلب الوالد الشفوق الحدوب. لا أدري
ألاعَهَا الغمّ، أم راعها الهمّ، أم أنصفها سِنُّها الصغير فخالت الأتراح أفراحاً،
قد عكس خدّها ضوء البدر، فما أروع البدر إذ يعكس البدرا!
بُنيتي..
إذا سمعت ضحكةً..
من مبسم منكِ انهمر..
فزّ الفؤاد شاديًا..
شم الهوى ريح المطر..
أو زرتِ حلميْ خلسة..
طاب الفؤاد بالزهَر..
ما ثمّ إلا همسة..
أسلو بها بين البشر..
أنتِ ربيع خافقي..
أنتِ العلا بين الدرر..
ويكأنما صغيرتي ترسل لقلبي شعاعاً من عاطر
الماضي، وتنفض غباراً قد راكمه كرّ الجديدين على قلبٍ رابتني صلادته، وقد كان حيناً
من الدهر يافعاً حالماً.. وهكذا الدنيا!
حينها تذكرتُ رحمةَ الله تعالى بأوليائه عند
رحيلهم من الدنيا، إذ تبشرهم ملائكة الرحمة ألّا تحزنوا على من خلفكم، فالله خليفتكم
فيهم. وهل يروع الراحل ويحزنه أكثر من تركه لفلذة كبده وقطعة قلبه وشجنة روحه وبضعة
نفْسِهِ خلفه تلتحف شتاء الليالي وتتوسّد عواصف الأيام؟!
غبتُ لحظتها عن الزمان والمكان، حتى إذا صفا
الذهن وراقت النفس بعد هنيهات الغياب تراءت لي في شريط الذكريات كوكبةٌ من الأحباب
قد رحلوا بماضيهم وأحداثهم، كأنهم لم يُخلقوا!
فصارت تلك المشاهد كأنها حلمُ منامٍ زار
المِهَاد، أو طيفُ خيالٍ سنحَ الفؤادَ، فلم يفارقه حتى تركه في دم شوقه متشحِّطاً قتيلاً..
قلّبتُ ساعتها دفاتر ذكرياتي، ومجلّدات
عمري، فانسلّت من بين زحام الكتب والأوراق صحائفُ أَلِفَتِ السكون والنسيان، حالها
كحال من حُكِمَ عليه بمؤبّدٍ فلم يبال بمن زار، ولم يحفل بمن خرج، قد اصفرّت أطرافها
من طول المكوث بلا تقليب ولا احتفاء، كقلبٍ أحبَّ قلبًا لم يعلم به، فصار كالقانع
الذي لا يجد ما يغتذيه، وليس له بَقيَّةٌ للسؤال، ألا فارحموا أُهَيل تيك المرابع
النادية بدموع القلوب الرهيفة، فالراحمون يرحمهم الرحمن!
هذا؛ وقد بَتَتُّ القصائدَ غير رامق، وفارقتها
غير وامق، منذ زمان ليس بالقريب، وعسى أن يكون خيراً.
وقد خُطّ في طرّة الأسيرة الأثيرة عنواناً
لها جامعٌ وهو: «ديوان أشجان». كنت قد رقمتها قديماً وزهدت فيها، لكن بلا سبب معلوم
أرقَلَتْ تلك الصحائفُ العِتَاقُ سافرةً حاسرةً، حزينة مُعاتبة، قد أبت إلا التربّع
في حجري، والتنفّس من صدري، والإطلال دمعًا من محاجر الأحداق، مبدية عنق صفحتها تقول:
هلمّ فقد طال منك الغياب، أما لنا من فضل وقتك إياب؟! فهلا رطّبت فؤادك، وجمعت أشجانك،
وأرويت ظمأك، وأبديت مشاعرك، وحرّكت سواكنك، وأثرت كوامنك؛ وسقيت بذكر الوداد وروداً
في قلبك المكلوم، كادت سَمُوم الأيام تُذويها، وسوافي الأزمان تذبلها وترميها، فهل
لك بتقليب صفحاتٍ رَقمها يراعك إبّان ماضٍ لك أفرحك وأبكاك، وشقّ مُحيّاك بِشْراً وأرواك،
وأسقم فؤادك وأضناك، وسَفَكَ من عينك دموعاً ساجمات، فاستجلبْ آهات جمجمت في صدرك وزفرات،
علّها تجلّلك الراحة بعد بلابل السَّبَرَاتِ؟
قلت: أي بَلَى وبلى، فدتكِ نفسي، فالأسى يبعث
الشَّجَى، وكرّ الجديدين ينسي العبرات، فهاتي يا غالية صفحاتي، لعلّ الفؤاد الصادي
يكرعُ في جميل الذكريات مع حزين الماضيات، ليعلم أنّ الرحيل يقترب، والبنيان يتقوّض،
ويزهد فيما يستحق الزهادة، ويعمل للحسنى والزيادة، وكلّ هذا عن دار لا تستحقّ العناء،
لدار هي الحيوان لو كنا نعقل!
قصارى هذه الأوراق أن تكون أشجانًا
قاصفة، وأحزانًا عاصفة، وعواطفَ ذائبة، وأحاسيسَ مؤلمة، لا تهدأ حتى تخرج
على شكل أبيات
هاتفات، لعلّ طيّبًا وقف عليها، أو قلّب النظر فيها، أن يجد فيها حكمة محنّكة، أو إضاءة
محكحكة، أو إشارة مُنعشة، أو شدوًا حالماً أخّاذًا، أو وصفاً مُعبّراً رقراقاً، أو تعبيرًا صادقًا صادَفَ
خلجاتِ نفسٍ أديبةٍ قرأَتْها؛ فاهتزّت لمعناه حنينًا أو شوقًا أو طربًا أو لهفةً
أو ذكرى.. وهل صادق القريض إلا حبس المشاعر في قالب منظوم الكلم.
قلّبتُ بَوَاهِتَ أوراقي، وانتخبت منها جملة
يسيرة، وقطعاً أثيرة، صففتها على سابلة الذوق، وقارعة الاستملاح، على علّاتها كما هي،
فبيني وبين كثيرها أكثر من ثلاثين سنة! قد مرّت كطيف منام، أو حلم يقظان.. فاللهم إن
تغفر تغفر جمًّا، وأيُّ عبدٍ لك لا ألَمَّا. سائلاً ربي الكريم ألّا أكون بها شقيًّا
بعيدًا عنه، وأن يجعله من الكلام المكتوب لصاحبه لا عليه، إنّ ربي
كريم لطيف ودود سميع قريب.
فخذ من مليحها ياعزيزي ما صَفَا، ودع عنك
من حشوها ما كدر، فإنّما هي خَرِيدة كريمة، سِيقت لكريم هو أنت، وزُفّتْ لجميلٍ هو
ذوقك، ونبيلٍ هو مُحيّاك، فلن تعدم منك إمساكاً بمعروف، أو تسريحاً بإحسان، ولا تستسمنها
فهي ذات ورم، ولا تتجوّع فما في القصعة ثريد! فعرِّفْ بعضها وأعرِضْ عن بعض، والعذر
عن كرام الناس مقبولُ..
هي مختارات مصطفاة، ومنتخبات مُصفّاة، من
أصول باسقات، أشجانٌ عاصفة، ووارداتٌ قاصفة، وأحاسيس مؤلمة، لا تهدأ ولا تسكن حتى تسيل
حِبراً على كاغد الأحزان، ونغمةً مستلذّة على أوتار قيثارة حبال صوت الإنسان، وقد يجتنّ
في رحم بعض أسرابها حكمةٌ محنّكة، أو شدواً حالماً، أو وصفاً رقراقاً، أو رمزاً مُقَنّعاً
لا يلبث أن يُسفر وجه حسنه، أو يحسر عن هُدبة صونه، فإليه نضعنُ والمسيرُ الأليلُ،
والرفيقُ الأبدرُ.. ويا حادي الصّحب ترنّمْ فقد هجعت الخَفِرَات..
(الفصيح)
"بوصلة
الفكر"
إذا الحياة لغير الله
وجهتها
فطولها في صميم الأمر
نقصانٌ
فدَربُها ضيعةٌ تفضي
لمهلكةٍ
وزادُهَا عَلْقَمٌ
سُمٌّ لِمَنْ خَانُوا
فعش إذا شئت أو فلتمت
كمدًا
فالموت والعيش بعد
اليوم سيّانُ!
......................
"يَا وَافِ أَقْبِلْ"
حمدًا كاملًا أزلًا وأبدًا لربنا ذي الجلال
والإكرام، الكريم المنّان، الذي أمر بالإسلام، ودعا إلى دار السلام، وهَدَى من شاء
إلى صراط مستقيم، وبعد؛ فهذه صفحات سطرتها من باب قولهم: ردٌّ على ردٍّ، وقولٌ على قولٍ، فقد
ردّ الكريم النبيل الأخ الدكتور محمد المسعود، على مقالي "محمد المسعود، والحميّة
الرافضية" بردّ جميل، آثرتُ أن لا أتركه بدون شكر، مع اهتبال هذا الأمر بالإشارة
إلى مشروع الحوار الحقيقيّ لا المجامل الشكلي، مع المنتسبين إلى التشيّع ممّن يحسن
معهم الحوار البنّاء، لبراءتهم من بواقع الرافضة، وأوابد المجوسيّة، ووثنيّات المشركيّة،
وكفريات الجاهليين.
ولي ثلاث وقفات مع كريم ردّك، وقبل إيرادها
يطيبُ لمُحبّك إتحافك بهدية، مع أملي بقبولها من لدن جنابك النبيل.
فلقد طالعتُ مقالك الآنف الشائق، بنفْسٍ مستوفزةٍ
ابتداءً متهيئًا لخَشِنِ كلامٍ قد يقع عند مصاولة الكَلِم إذا لُزَّ الأقران، بل قد
يتشحّط أحدهما في دمه لِمَضِّ طعنةِ قناةٍ صليبة، أو هندوانيٍّ صليت، من لدن لسانٍ
وريشِ مدادٍ، لا سِنانٍ وريش نِبَال! وجرح اللسان كجرح اليد، وكما قال أبو الطيب:
إذا كنتَ ترضى أن تعيشَ
بذلّةٍ ... فلا تستعِدَّنَّ الحُسامَ اليمانيا
ولا تَسْتطيلَنَّ الرِّماحَ
لغارةٍ ... ولا تستجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكيا
فما ينفعُ الأُسدَ
الحياءُ من الطَّوى ... ولا تُتّقى حتَّى تكونَ ضَوَارِيَا
وهذا شأن كثير من الحوارات والمناظرات، فهي
مرتعٌ خصيب لسلطان الاستطالة ووقودٌ جزلٌ للقوّة الغضبيّة، أعاذنا الله جميعًا منها
إلا بحقّها. فالخشونة في الخطاب على خلاف الأصل المحمديّ إلا على وجهه السائغ، كإنكارٍ
على مكابر، أو زجرٍ لمتغالٍ، ونحو ذلك مما جاءت به الشريعة.
ولا
أخفيك أنّي كنت قد اغتنمتُ ساعةَ صفاءٍ قبل رؤية عذب حروفك، فزوّرتُ ردًّا، أُراهُ
قَدْ حَوَى حُتُوفًا، أعددتُه لكلِّ خاتلةِ قلمٍ، ونافذةِ فكرٍ، وصولةِ جنانٍ، وحمْلةِ
طِعانٍ، إذ ظننتُ سلفًا أن الأمر قد يجاوز الزُّبَى، ويبلغُ الحزام الطُّبْيَيْن، فلا
يحسن بالمنادي للنِّزَالِ هروبٌ، بل ليُقبل وبين عينيهِ مُنَاهُ، ولْيكُنْ بعدها ما
يكونُ، فما نفع حذر من قدر، ولا وقى الهربُ الجبانا، وفاز باللذة الجسورُ، بل كحال
العباس بن مرداس:
أَشُدُّ عَلَى الكَتِيبةِ
لَا أُبالي ... أَحَتْفِي كَانَ فِيهَا أَمْ سِواهَا
ولِي نَفْسٌ تَتُوقُ
إِلى المعَالِي ... سَتَتْلَفُ أَو أُبَلِّغُها مُناهَا
فما هو إلا أن طالعتُ حرفَكَ النديَّ، ولفظَك
العذيّ، حتى غمستُ شهابي في ماء بيانه، وأطفأتُ جمرتي بحسن جوابه، وتجلَّلَتْنِي بُرَحَاءُ
الاستبشار والفَرَح، فكررْتُ على أوراقي ممزّقًا، ولحروفي مُذْرِيًا، قد ذهبت سورةُ
الغضب، وحميّةُ الطِّعان! فما لهذا الكريم النبيل، والأديب الجميل إلا الاحتفاء والإكرام،
فلله أنت من أديبٍ لبيبٍ، وخلوقٍ صدوق، ومحاور ثرٍّ، وحليمٍ كريمٍ، وخبيرٍ بِسَلِّ
حَطَبِ الإحفاظ. وأبدلتُ تِيكَ بهذه التُّحفةِ الصادقة، ولْتتقبَّلْها يا صاحبي على
عِلَّاتِهَا، فهي يا محبّ كالخَرِيدَةِ الأعرابية، لم تعرفْ سوى الكحل والحناء، لم
تمسسها لامسة، ولم تُسمعها هامسة، أو كفَرسٍ من العرائبِ العِتاق، لم يستوِ على ظهرها
سوى عصافير الفجرِ طربًا وهزجًا، بَلْ كَنَقْرَةٍ في قُلَّةِ رَضْوَى، سحَّتْ عليها
غادياتُ الدّيَم..
فأكْرِعْ في نميرها عِرَابَ جِيادك المُطهّمة،
وأمرع فيها سوائمك المُسنّمة، ومواشيك المسمّنة، وأجرِ في مضمارها سوابق أفكارك، واسكب
عليها ينابيع أشجانك.
قَدْ سِيقت بعجَلٍ وخجَلٍ، وخفْرٍ وجذَلٍ،
إلى عذب شَجنك، وحلو ذوقك، فارتشفها قبل رشفةِ عصفورِ الصباح وخنساء الرواح..
سكبْتُها ميميّة ستّينيّة، على بديهة ذلك
الشعور الجميل، وشاطئ تيك المشاعر الرائقة:
«يَا وَافِ أَقْبِلْ»
14/ 6/ 1434
تضوّعَ نشرُها نَفَسَ
الخُزامى
وَنَالَتْ مِنْ أَقَاحِيْهَا
المَرَامَا
وَأَضْحَكَتِ الرُّبَى
هَبَّاتُ غَيْثٍ
بِطَيْفِ خَرِيْدَةٍ
تَشْكُو الْغَرَامَا
يَلُوحُ بِثَغْرِهَا
بَرْقًا وَشَهْدًا
أَغَارَتْ فِي الحَشَا
صَلْتًا حُسَامًا
فَمَا لِلصَّبِّ أَحْلَى
مِنْ لِثَامٍ
بِنَظْرَةِ عَاشِقٍ
تَحْكِي ابْتِسَامَا
وَقَدْ سُكِبَ الجَمَالُ
بِوَجْنَتَيْهَا
بِخَدٍّ سَاطِعٍ يَجْلُو
الظَّلَامَا
أَشَاحَتْ بُرْهَةً
كَيْمَا تُدارِي
لَوَاعِجَ مُهْجَةٍ
تَرْعَى الذِّمَامَا
أَرَادَتْهَا دَلَالًا
فَاسْتَحَالَتْ
تَبُلُّ دُمُوعُهَا
طَرَفَ اللِّثَامَا
وَأَرْسَلَتِ السِّهَامَ
بِلَفْظِ دُرٍّ
فَأَوْقَدَتِ الهَوَى
نَارًا ضِرِامًا
فَنَالَتْ مِنْ حُشَاشَةِ
قَلْبِ غِرٍّ
فَقَلْبِي ذَا الصَّبُورُ
غَدَا غُلَامًا
فَقُلْتُ لَهَا بِحُبٍّ
بَرَّحَتْهُ
فَبَعْدَ الدَّعْجِ
لَا أَخْشَى السِّهَامَا
كِلَانَا يَا لُبَيْنَى
طَلُّ شَوْقٍ
فَمَا فِي الْوَجْدِ
يَا لُبْنَى مَلَامَا
فَأَغْضَتْ مِنْ حَيَاءٍ
طَرْفَ نُجْلٍ
بِوَجْهٍ خِلْتُهُ
بَدْرًا تَمَامًا
وَأَشْرَقَتِ الدُّمُوعُ
بِنَاظِرَيْهَا
وَأَسْعَدَتِ الجُفُونُ
المُسْتَهَامَا
أَبَلَّتْ مِنْ حَدِيْثٍ
جُرْحَ رُوحِي
بِثَغْرٍ قَدْ حَوَى
رَاحًا مُدَامَا
فَقَلْبِي يَا لُبَيْنَى
ذَا فُطُورٍ
وَكَبدِي صُدِّعَتْ
مِنْكُمْ سِقَامًا
أَنِيْلِي حَاجَةً
سُلِبَتْ بِخَفْرٍ
وَمَا نَغْشَى عَلَى
كَنَفٍ حَرَامًا
لَبَانَةَ عَاشِقٍ
يَشْدُو بِقَوْلٍ
وَقَدْ كَمُلَتْ بِعَيْنَيْهِ
احْتِشَامًا
فَدَيْتُكِ يَا لُبَيْنَى
كُلَّ لَيْلٍ
أَلِمِّي بِالْجَوَى
وَصِلِي سَلَامًا
لَئِنْ شَابَ القَذَالُ
فَمَا فُؤَادِي
سِوَى طِفْلٍ يُدافِعُ
ذا الفِطَامَا
أَجَابَتْ مِنْ نَهِيْجٍ
حَزَّ عَظْمِي
مُحالٌ فِي الْكَرَى
إِلَّا لِمَامًا
تَمَتَّعْ مِنْ خَيَالٍ
مَرَّ حِيْنًا
وَعَلِّلْ فِي الْكَرَى
عَامًا فَعَامًا
أَحَقًّا مَا أَرَى
بَلْ طَيْفُ حُلْمٍ
كَأَنْفَاسِ الصَّبَا
هَبَّتْ خُزَامَى
أَعَاذِلَتِي أكَاسِرَةً
سِهَامًا
وبالأَسَلِ الظِّمَاءِ
بِهِمْ عَلَامَا
أَمَا وَالله قَدْ
أَغْمَدْتُ سَيْفِي
وَأَشْهَرْتُ المَوَدَّةَ
وَالسَّلَامَا
فَمَا لِأُخُوَّةٍ
فِي اللهِ مَعْنىً
إِذَا كَانَ الصَّدِيقُ
هُو الإِدَامَا
وَهَلْ مِنْ سَاعَةٍ
للهِ تُرْضَى
إِذَا كَانَ الحُسَامُ
لَنَا احْتِكَامَا
وَمَا لِجَسَارةٍ نَعْتًا
صَدُوقًا
إِذَا هَزَّ الوَغَى
وَجْهَ الهُمَامَا
وَقُلْ للظَّنِّ يَحْسُنْ
فِي رِجَالٍ
وَجِيلِ عَزِيْمَةٍ
نَزَعَ اللِّثَامَا
تَرَضَّوْا عَنْ صِحَابٍ
فِي يَقِيْنٍ
وَقَالُوا رَبَّنَا
نَرْجُو السَّلَامَا
كَتَمْنَا دِيْنَنَا
حِقَبًا طِوَالًا
فَهَذَا يَوْمُنَا
نُجْلِي القَتَامَا
خَلَعْنَا شِقْوَةً
ذَهَبَتْ بِوَيْلٍ
وَبِالتَّهْلِيلِ أَيْقَظْنَا
النِّيَامَا
فَيَا ذَا الْعَرْشِ
ثَبِّتْنَا بِلُطْفٍ
فَمَا لِغَدَاتِنَا
مِنَّا انْهِزَامَا
بَرِئْنَا للَّذِي
خَلَقَ البَرَايَا
مِنَ الرَّفْضِ المُحِيقِ
بِهِمْ خِطَامَا
وَخَيْرُ أُمَّتِنَا
الصِّدِّيقُ طُرًّا
بِهِ صَارَ الكَفُورُ
فَرٍ هُلَامَا
كَذَا الفَارُوقُ أَكْرِمْ
مِنْ نَسِيجٍ
بِهِ شَدَّ الإِلَهُ
لَنَا الحِزَامَا
هُمُ الصَّحْبُ الرَّضِيُّ
نُجُومُ لَيْلٍ
فَأَنْعِمْ بِالَّذِي
مَدَحَ الكِرَامَا
فَقَدْ خَابَ المُؤَمِّلُ
غَمْزَ صَحْبٍ
وَأَهْلِ البيتِ أَسْيَادٍ
تَسَامَى
فَآلُ الْبَيْتِ تِيْجَانٌ
وَطُهْرٌ
تَحَمَّلْ يَا مُحِبُّ
لَهُمْ سَلَامًا
وَقَدْ عَادَ الظَّلُومُ
يَنُوءُ حِمْلًا
بِأَوْزَارٍ وَإِنْ
صَلَّى وَصَامَا
وَمَا لِلْخَلْقِ فِي
الغَيْبِ اطِّلاعٌ
وَلِلْوَحْيَيْنِ بَايَعْنَا
الإِمَامَا
فَأَمْسَوا فِي التَّرَضِّي
رَسْمَ رُشْدٍ
وَأَضْحَوا بِالصَّحِيْحَيْنِ
اعْتِمَامَا
فَحَيَّ هَلًا أُبَاةً
فِي سَنَاهُمْ
مُحَمَّدُ فِي الذُّرَى عَلِقَ الوِسَامَا
هُوَ المَسْعُودُ مِنْ
قَوْمٍ كِرَامٍ
وَبِالزَّيْتُونِ قَدْ
بَثُّوا اليَمَامَا
أُخوَّةُ مَعْشَرٍ
تَزْدَادُ صَفْوًا
كَمَا سَاقَتْ عَوَاصِفُهَا
الغَمَامَا
رِجَالٌ أَقْبَلُوا
لِلَّهِ طُرًّا
فَمَا لِحَفَاوَتِي
عَنْهُمْ مَلَامَا
أَلَا مَنْ عَذِيْرِيَ
مِنْ نُفُوسٍ
تَنُجُّ بِسَاحِنَا
مَكْرًا تَطَامَى
يَرُوْمُونَ الدِّيَانَةَ
بِانْتِقَامٍ
وَثَارَاتٍ مِنَ الصَّحْبِ
القُدَامَى
لِثَارَاتٍ أَزَالَتْ
آلَ كِسْرَى
وَأَلْحَقَتِ المَجُوسِيَّ
اصْطِلَامَا
تَغُصُّ حُلُوقُهُمْ
مِنْ ذِكْرِ سَعْدٍ
وَسَيْفِ اللهِ أَشْبْعَهُمْ
رَغَامًا
إِلَهَ العَالَمِينَ
أَرِحْ فُؤَادِي
فَقَدْ حَزًّ النُّصَيْرِيُّ
العِظَامَا
أَفَاضَ الثَّكْلَ
فِي الإِسْلَامِ غَدْرًا
وَقَتَّلَهُمْ سُجُودًا
أَوْ قِيَامَا
وَعَاثَ الأَبْعَدُ
الأَطْغَى زَمَانًا
وَأَكْثَرَ فِي جَوَانِبِهَا
اليَتَامَى
فَمُرْ بِكَتِيبَةٍ
حَمْرَاءَ تَشْفِي
صَدُورَ الصَّالِحِينَ
دَمًا سِجَامًا
وَثَنِّ إِلَهَنَا
بِصَلِيْبِ كُفْرٍ
فَدُقَّ عَمُودَهُ
الأَفْرَى رُكَامًا
وَثَلَّثْ بِالْيَهُودِ
جُنُودَ مِسْخٍ
هُوَ الدَّجَّالُ فَامْتَشِقُوا
الحُسَامَا
إِخَالُ جُمُوعَنَا
والخَيْلُ تَجْرِي
بِنَا نَحْوَ غُوطَتِهَا
الشَّآمَا
سَحَائِبَ جَنْدَلٍ
تَرْمِي بِشُهْبٍ
عَلَى الْكُفَّارِ
مِنْ مَطَرٍ حِمَامَا
أَوِ الْرِّيْحَ الدَّبُورَ
جَرَتْ بِأَمْرٍ
مِنَ الجَبَّارِ تَجْتَثُّ
اللِّئَامَا
أَوِ اللِّيْثَ الهِزَبْرَ
يَهُوشُ جَدْيًا
فَهَلْ يَسْتَبْقِ
لِلْجَدْيِ السُّلَامَى
أو النيلَ الخِضَمَّ
يَسُوقُ بَحْرًا
يَدُكُّ عُرُوشَهُمْ
فَغَدَتْ حُطَامَا
فَإِنْ شِئْتَ البُطُولَةَ
صِحْ بِقَوْمٍ
إِذَا كَانَ الكَلَامُ
لَهُمْ كِلَامًا
أَصِيحُ بَأْدْهَمِي
يَاوَافِ أَقْبِلْ
فَدُونَكَ مَنْهَلٌ
يُرْوِي الزُّؤَامَا
وَصَلِّ إِلَهَنَا
فِي كُلِّ حِيْنٍ
عَلَى مَنْ كَانَ لِلْمِسْكِ
الخِتَامَا
………….
"العزة بالإسلام"
ترفّع عن الكفار إنك
مسلمٌ
عزيزٌ لدى الجبّار
عن كلّ من وَلَى
فبالدّين فَاخِرْ لا
بدنيا دنيئة
إذا فاجرٌ في محفل
الكفر طاولا
ومن يطلب الدنيا يُرَجّيْ
نوالها
فقد خاب سعياً وهو
للغبن مُرمِلا
فسارع عزيزي دونك الباب
مشرعٌ
ولا تنس أن الدار الاْخرى
لمن علا
...............
«البدر»
كم هي جميلة وحالمة تلك الليالي التي تبتعد
فيها عن البشر، وتخلو فيها بنفسك، في ليلة مقمرة هادئة وادعة ساكنة، يداعب خدّك فيها النسيم العليل، ويتوشّحُ كبد السماء فيها
بدرٌ كحيل أسيل، لا تخاله إّلا تاجاً على عروس، أو ملكاً بين الرعايا والنفوس. فإن كان مع هذا هدوء نفس، وصفاء فكر؛ فلا
إخال القصيد حينها إلّا نضيدًا، والأوزان إلا قعودًا، تختار عاليها
ما تشاء، وتدع من نازلها ما تشاء، فما اسْتُجْلبَتْ بُنَيَّات القصيد بمثل المكان
الخليّ، والنسيم العَذِيّ، والخلّ الوفي.
ألا أيّها البدرُ الجميلُ
أسرتني
أسراً لذيذا والصحاري
تشهدُ
كم ليلةٍ عفتُ السُّهادَ
لعلَّنِي
أخلُو إليكَ وقد جفاني
المرقدُ
أَجْمِلْ بمن صاغَ
الضَّياءَ لآلئاً
وتناثرتْ ألماسُه والعسجدُ
يتسامرُ الأحبابُ تحت
سنائهِ
هذا الضياءُ وذا الكثيبُ
الأمردُ
لكنّما القمراءُ منها
بضعة
ما أروعَ اللائي من
اسمك تفردُ
لا أشتهي ليلاً خَلَا
منه الوفي
ما أحلكَ اللائي عن
اسمك تفردُ
كم شاعرٍ كم ناثرٍ
كم عاشقٍ
كم عابدٍ في طول ليلك
يسجدُ
كم من همومٍ أحرقتْ
كبدي التي
بجوانحي لكنّني أتجلّدُ
أوّاهُ دمعي لا تَبُحْ
سرّي الذي
أكننتُهُ قلباً حزيناً
يكمدُ
لكنّما اللّوعاتُ حينَ
أوارُها
تجثوا على القلبِ القوي
فيهمدُ
تتهشّمُ الأضلاعُ من
رجعِ الصّدَى
من أنَّةٍ مكلومةٍ
تتردَّدُ
يا مقلتي ما عدتُ أقوى
صابراً
جودي ببحرٍ زاخرٍ يتجددُ
بحرٌ خِضَمٌّ سُخِّنَتْ
أمواجُهُ
من نار كبدي والضلوعُ
تُقَدَّدُ
يا لائمي زدتَ الجروحَ
بمُهجتي
أرفق بمن فيه الهموم
تجسّدُ
ظنَّ الرفيقُ وقد رآني
ضاحكاً
أنَّ السُّرورَ بمهجتي
يتوقَّدُ
أو ما درى المسرورُ
أن بخافقي
همٌّ ثقيلٌ جاثمٌ يتنهّدُ
قد قلتُ ذلك والمنيرُ
بدربه
ليلٌ طويلٌ والدُّجَى
يتمدّدُ
...........
«إن صاحت النُّوَبُ»
أبشر خليلي فقد أجْلَتْ
لنا الكُتُبُ
نصرٌ من الله في الكفّار
يلتهبُ
أَنْجِدْ أُخيَّ ولا
تلوِ على ضَعَةٍ
واشف صُدوراً شواها
القهرُ والكربُ
أشرق بوجهك قد حانت
بوادره
وعدٌ من الله للأحرار
يقتربُ
تنزيل مرحمةٍ تنزيلُ
ملحمةٍ
تُجنيدً ألويةٍ صَمْصَامُها
النُّجُبُ
نبراسها العلمُ والتقوى
تؤججها
فرقانُها سائق إن صاحتِ
النًّوَبُ
أوّاهُ ما أروعَ الأبطال
إذ حملوا
همّ الديانةِ إن خافوا
وإن سَغَبُوا
ما قال واحدُهُمْ همّي
الحطام فقد
صاغت مبادئهُمْ طه
فما انقلبوا
تناثر العلمُ شهداً
من ثغورهمُ
أكرم به منبعاً للدين
ينسكبُ
إن تُبْلَ معركةٌ تلقى
الكرامَ بها
في ساعة الحربِ دوماً
غِيلُهُم أَشِبُ
إذا المبادئُ لم تُحْمَلْ
مُكرّمة
على الرقاب فلا الآمالُ
تُرتَقَبُ
...................
«سقوط القمم»
٢٠ / ٥ / ١٤١٩
تصيحُ القوافي قُمْ
واقتَحِمْ
ومَا بِيَ وَجْدٌ وما
بِيْ شَبَمْ
ولكنْ بَرَاهَا مُضَاضُ
الفُؤاد
فأجبَرَتِ الكفَّ جَرّ
القَلَمْ
مَللتُ المُكُوثَ وذا
العيشُ هَمّْ
لمّا رَأيتُ سقوطَ
القممْ
فتلك الرواسيْ إذا
ما استحالتْ
ترَابًا بِطَرْفةِ
عينٍ فَثَمّْ
حَنانيكَ رَبِّي ألم
يتّقُوا؟
أمَا مِن حياءٍ؟ أما
من شِيَمْ؟
يكادُ الحليمُ يغادرُ
حِلْمًا
ويغدو جهولًا إذا ما
عَلِمْ
عجبتُ لمن همُ باعوا
السَّناءَ
أَيُعْدَلُ عَن شَهْدِهَا
بالحِمَمْ
أخافُ على القلبِ أن
يُقلبَ
فيا ربِّ عفوكَ ياذا
الكَرَمْ
إذا قدوةُ القومِ أمسى
لئيمًا
وباعَ بأُخراهُ دنيًا
أذمّْ
فكبّرْ وسلّمْ على
أمَّتي
فقبلَ الوفاةِ يكونُ
السَّقَمْ
وعفوًا أُٰخَيَّ فَمَا
مقصدِي
من القول هذا كبار
الهِمَمْ
ففي كلِّ قرنٍ يذودُ
عن الدِّينِ
فردًا وجَمْعًا إلى
أن يتِمْ
أقولُ وقولوا معي يا
أُبَاةُ
بصوتٍ يطولُ أعالي
القِمَمْ
إذا الدِّينُ أضحى
يُنادِي رِجالًا
فلا خيرَ فينا إذا
لمْ نَقُمْ
ولا خيرَ فيمن يصيحُ
به الدِّينُ
صيحةَ غَوْثٍ فلم يَنْتَقِمْ
.................
"أَفَاطِمُ"
أَفَاطِمُ رُدّي قد
بعثتُ كِتَابِيَا
أجيبي فقد تاقَتْ
إليكَ القوافِيَا
أفاطمُ إنّي قد رأيتُكِ
حكمةً
أعينِي برأيٍ مُستفيضٍ
وشَافِيَا
أفاطمُ ما للصَّبِّ
يَشْكُو نَظِيرَهُ
وَقَدْ كَانَتِ الأَرْواحُ
تَشْدُوا التّلاقِيَا؟
أَفَاطِمُ مَا للبَينِ
كلٌّ يذُوقُهُ
وَمَا تنتهِي اللأواءُ
حتّى يُقَاسِيا؟
أَفَاطِمُ مَا للنَّبعِ
قَدْ أجَّ مَاؤُهُ
وقد كان قبل اليومِ
عذبًا وصافِيا؟
أفاطمُ مَا للقلبِ
صعبًا وُرُودُهُ
وإنْ شَرِبَ الضَّمْآنُ
فالماءُ آنِيا؟
أفاطمُ ما للناس لا
يدركونه
أَمَاتَ الجَوَى منهم
أم القلب جافيا؟
أفاطمُ ما للخيلِ
دومًا حنينها
إِلى مرتعِ الأيّامِ
تلك الخَوَالِيا؟
أفاطمُ عذرًا إنْ
نَأَى الفكر أو دنا
فما حيلةُ المحتارِ
إلّا التنائِيا
.......
«اللقاء الأخير»
طَعَنَ الرحيلُ محاجر
الأحداقِ
يا من يداوي لوعة المشتاقِ
يا مهجتي لا تغدرين
بمهجتي
فالروحُ قد نُزعت من
الخفّاقِ
كادتْ تَكَلّم والدموعُ
ترقرقت
فالدمعُ من سُمِّ الهوى
مُهراقِ
جادتْ بدمعٍ كالجمانِ
وأَجْهَشَتْ
ما للملوَّعِ عندنا
ترياقِ
إنّ المنونَ وإن تقاربَ
وِردُهَا
ليست بأبأسَ من قُدومِ
فراقِ
إنّا وإن طال الزمانُ
بِبُعْدِكُمْ
فالشوقُ يا صبَّ الهوى
مُنساقِ
غابتْ وغاب النورُ
من عين الفتى
وسرتْ جنائزُ الأرواحِ
بالعُشّاقِ
.........................
"غربة مريض"
إني وإن حَكَمَ الإلهُ
بغربتي
لكنّ قلبي عندكم مأسورُ
تالله ما جارَ الزّمانُ
وما قَضَى
حكم الإله وكلّنا مأمورُ
فعسى اللطيف بنا يُعجّلُ
بالشَّفَا
نلقى الأحبّة كلّنا
مسرورُ
رعى الله أيّامَ الهَنا
وسعودها
فالقلب من طعن الجَوَى
معذورُ
إيهٍ شريك الروح أنعِم
بالهوى
إيهٍ أمير القلب يا
مذخورُ
الحمد لله الكريم لفضله
نِعماً تزيد وحلمه
موفورُ
لاهُمّ قلبي قد تلوّع
واكتوى
ارحم فؤاداً باللقا
مجبورُ
................
"علّلاني"
علّلاني بمقلة الخِشف
إنّي
من هواها يذوبُ منّي
وريدي
علّلاني بنظرةٍ منه
تشفي
عللاني بطارفي وتليدي
من مُحيّا سقى عيوني
بشرب
علّلاني ثم ازحفا بالبنود
……………
"اعتبار"
ماذا أقولُ وقد تغيبُ
الأَنْجُمُ
يَا سَاهِرًا بَتّ
الفِرَاقَ لِكَاعِبِ
يَا قَاصِدًا ثَبَجَ
البحارِ ألا اْرْعَوِ
فَلَكَمْ تَجَنْدَلَ
في المحيطِ الضَّارِبِ
كَمْ عبقريٍّ جُنَّ
مِن ذَبْلِ اللّمَى
أو شِئتَ شهمًا قد
قَضَى من حَاجِبِ
لَهفِي على عُمْرٍ
تَقَضّى غَافِلًا
وتركتُ للنَّفْسِ السَّفِيهةِ
غَارِبي
يَا صَاحِبِي إنْ جُزتَ
قبرِيَ هائمًا
فانْصَحْ لِنفسكَ واعتبرْ
بتجارِبي
...............
"تساؤل"
أصِرْنا بعصرٍ يسودُ
الجَهولُ
ويُغضي عن الحقِّ شيخٌ
عَقُولُ
والحقُّ يُسحقُ والشرُّ
يُطلقُ
والجهلُ يُطبِقُ فيهم
يجولُ
........
"رحّال"
جَدَّ الرَّحِيلُ فَعَاثَ
فِي حُسْبَاني
ما أصعبَ التّرحَالَ
عن أوطَاني
في لحظةٍ ما كِدْتُّ
أَشْدُوا سَعْدَهَا
إلّا ونادى القومُ
بالأظعانِ
إنْ مَرَّ طيفٌ في
لَبَانَات الصِّبا
شَهِقَ المُحِبُّ
وكان ذا إمكانِ
أوكُلّما أَذْكَرْتهَا
حَتْمَ النّوَى
سالت دموعُ القلبِ
بالأجفان
...
«وانقلب القارب»
مَا لِلصَّبَايَا الغانياتِ
تَوَدُّدٌ
إلّا وقصدُ المكرِ
أوّلُ دافعٍ
يا سالكًا تِيكَ القِفَار
أما جَرَى
بالعين دمعًا هاطلًا
بتدافعٍ
يا قاتلي ذابَ الجَنَانُ
ومَا دَرَى
بالخفقِ قلبًا قاسيًا
بتمانُعٍ
أغرُب أيا بدرَ التَّمَامِ
ولا لقاء
ما الحبُّ إلا قاتلٌ
بفجائعٍ
...
"أسف"
ماذا أقولُ وقد تغيبُ
الأنجمُ
يا ساهرًا بَتَّ الفِراقَ
لِكَاعِبٍ
كم عبقريٍّ جُنَّ مِن
ذَبْلِ اللَّمى
أو شئتَ حُرًّا
قد قَضَى من حَاجِبٍ
أَحْمِقْ بمن بذلَ
السنينَ تلهُّفًا
وتَوَجُدًا مِن جِيدِ
أَغْنَجَ راعِبٍ
يا قَاصِدًا ثَبَجَ
البحارِ أَلَا ارْعَوِ
فَلَكَمْ تَجَنْدَلَ
في المحيط الضَّارِبِ
لهفي على عُمْرٍ تقضَّى غافلًا
وتركتُ للنَّفسِ السفيهة غارِبِي
لِلرَّبِّ حَمْدًا
لم يُجِزْ كشفَ الغِطَاء
لَاهُمَّ يا سِتِّيرُ
فاسترْ عَائبي
يا صَاحِبي إنْ قَدْ
سمِعْتَ بمصرعي
فانصَحْ لنفْسِكَ واعتَبِرْ
بتجاربي
..........
«يا صاح»
يا صاحِِ مَا هذا حَسَنْ
تُروِي الصَّبَابةَ
بالعفنْ
ما هكذا يُرقَى الشَّجَنْ
تُطْفِي اللَّظَى زعموا
بفنْ
يا صاحِ هذا الصُّبح
لاحْ
قُمْ للمعالي وللفلاحْ
واغنم سُويعَاِت الصَّباح
فالرِّزقُ يا هذا حَزَنْ
أتُراكَ مِن عُشَّاقِهَا
أعني الدُّنَا وفُتَاتُها
ما بالُهُم عبّادُهَا
جزِعُوا إذا حُطّ الكفنْ
إنّي أرى الدنيا صغيرة
وهُنَيْهَات يسيرة
ونِهايات مريرة
فاغتنمها قبل أنْ
قبلَ أن تسْكُنَ لَحْدَكْ
وتُوارَى فيه وَحْدَكْ
وتُنَاقَشْ فيمَ عِنْدَكْ
آهِ مَا أَدْهَى الفِتنْ
يا ابنَ الكريمةِ مَالَكَا
أفَخِفْتَهُم عُذّالكَا
أفْرَحتَهم حُسّادكَا
أذْهَبْتَ مِن عينِي
الوَسَنْ
أنسيتَهُ الجَبَّارَا
أوَ قد أَمِنْتَ النَّارَا
أوَ مَا تخافُ العَارَا
عُدْ يا حبيبي قبلَ
أنْ
...................
«لَحْنُ الخُلُودِ»
أقبلتِ الرَّوَاحِلُ
أدبرت الرَّوَاحِلُ
تَكابَرَتْ في العَيْنِ
تَكَاثَرَتْ للبَيْنِ
تَقَافَزَتْ أَشْبَاحُهَا
تَنَاثَرَتْ أَشْلَاؤُهَا
مَا تِلْكَ سِوَى أَجْسَادٍ
تَحْمِلُ أَرْوَاحَ
البَشَرِ!
....................
"الفرج بعد الشدة"
يا صاحبِ الكَرْبِ
لا تنزعج
فعمّا قليل يكون الفرج
فما في سديم الدُّنا
من ظلامٍ
إلا ومنه يكون البَلَج
...............
«ارحل»
3/ 7/ 1421
إيهًا أيا نجمَ السَّمَاء
إيهًا أيا بدرَ الأُفُقْ
أَغفُوا وأصْحُوا
بينمَا
نجم الثريّا في الألقْ
في جَنْبِ عَذباتِ
الحِمَى
قد عشّش القُمْرِيْ
وَرَقّ
ما زالَ قلبي بعدمَا
طارَ اليمامُ بما سَرَقْ
هجر السعادةَ بعد ما
غابَ الحمامُ مع الشَّفَقْ
قطعَ الوتينَ وما درَى
هذا اللعوبُ بما سَحَقْ
حتى حُشَاشَة قلبه
صارتْ بذيّاكَ الرَّمَقْ
ما أضعفَ الطفلَ اليتيمَ
إذا تَوَارَى بالغَسَقْ
لا مرضعًا تحنو عليه
ولا لِحافًا يستحقّْ
كَسَرَ القلوبَ بحُزنِهِ
أبكى العيونَ بكلِّ
حقّْ
إنْ نامَ قامَ إلى
السُّرَى
إنْ قامَ ساوره القَلَقْ
لا صاحبًا يحلوا له
لا رَاحِمًا قد يَرْتَفِقْ
یا وَیلَهَا ما غيرَهَا
أولى بتمزيقِ الحدَقْ
لكنْ لها قلبُ رِضًا
يُنسِي مَرَاراتِ الأرقْ
ولها شعورٌ وَامِقٌ
هو للمدائحِ يستحقّْ
يا ليتَهَا تسلو بدارِ
الأُمنياتِ فنفترِقْ
ارحلْ أيَا قلبَ الهَوَى
تَجِدِ الجَوَى فيمَا
أحقّ
ارحل لساحاتِ الوَغَى
أسرِعْ فهاماتي تُدَقّ
عَجَبِي لِصَولات الصِّبَا
ما بالُ خوفي قد بَرَق
أتُرَى الدُّنَا صارت
لَدَى
قلبي منارات الغَسَقْ
أم صارَ يُلهيهِ الذُّرَى
أعني ذُرَى مجدٍ سَبَقْ
مهلًا أيا قلب الضَّنَى
ليس النعيم بذي الأشَقّْ
ربَّاهُ فاغفرْ زَلَّتِي
لاهُمَّ يا ربَّ الفلقْ
ربّي وأحْسِنْ مِيتَتِي
بشهادةٍ في يومِ حقّْ
أو ساجدًا أو صائمًا
واجعل رباطي في الغَسَقْ
...............
«ذَلّتْ نواصيها»
الله أكبرُ قد ذَلّتْ
نواصيها
وأرغمَ اللهُ دانيها
وقاصيها
الله أكبر لا قلّت
لهم إحنٌ
ولا أطالَ أمناً في
نواحيها
حقٌّ على الله ما نالت
علاً أممٌ
إلا وأوضعَ بعد العزِّ
عاليها
وراية الكفر إن طالت
سلامتها
لا تيأسنّ فإن الكسر
لاقيها
وكلُّ صوتٍ بها يهذي
بملحمةً
أقول صبراً فيوم القدس
نرويها
والحمد لله إذ قد ذلَّ
عاديةً
وأبدلَ الكأس مرّاً
بعد حاليها
لكم أذاقت بلاداً ألف
مظلمةً
وكم أبادت شعوباً من
أهاليها
كم من بريء أحالت رأسه
قطعاً
وكم قتيلٍ إلى الدَّيانِ
يشكيها
ذلَّ الصليبُ ومن تحت
الصليب بدا
خوفُ الربيبةِ إذ قد
خاف حاميها
رأس الصليب وسيف الكفر
أجمعه
قد أصلتَتْهُ زماناً
علّ يجديها
جيشٌ من الكفر مهزومٌ
إذا صَدَقَتْ
نيّاتُ قومي إلى أعلى
أعاليها
نمشي حفاةً على الرمضاءِ
تأسرنا
فردوسُ ربّي فلا الدنيا
تدانيها
نسعى بعزمٍ وفي الأنفال
شرعتنا
يا أبلغ الله أجناداً
أمانيها
..............
«لوعة»
9/ 5/ 1419
يلاطفني الليلُ الطويلُ
بنسمةٍ
ولكنَّ عينِي قدْ
عصتْ ناصِحَ الكَرَى
وعاتبني البدرُ المنيرُ
بنظرةٍ
هلّت بهَا العينانِ
بالدَّمْعِ أَنْهُرَا
وإنّي لغضبانٌ وما
بَينَ أَضْلِعِي
يَكَادُ لفَرْطِ الغيظِ
أنْ يَتَفَجَّرَا
وإنّي لَحَيرَانٌ
وما لِيَ حيلةٌ
فَيَا أَسَفاً كيفَ
النّبِيهُ يُغَرَّرَا
فيا لَهْفَ نفسي كم
أَحِنُّ لخالدٍ
وسعدٍ ومقدادٍ خُلَاصَاتُ
مَن شَرَى
همُ السلفُ المَهْدِيُّ
مِن خيرِ أُمَّةٍ
وهمْ خيرُ مَنْ زَكَّى
وصلَّى وَكَبَّرَا
فَيَا أُمَّةَ الإسلامِ
ويحِكِ أَقْبِلِي
أَمَا آنَ مِنْ قيدٍ
غَلِيظٍ تَحَرُّرَا
أَمَا حانَ موجٌ مِن
بِحَارٍ عظيمةٍ
أَمَا آنَ للعِلْجِ
الحقيرِ غَضَنْفَرَا
أَمَا قامَ قُوَادٌ
لِجَمْعِ كَتيبةٍ
بها وجهُ موتٍ قد أطَلَّ
وزَمْجَرَا
ألَا ليتَ شعري والمصيباتُ
جَمَّةٌ
فهل يَا ترَى لاحَ
الصّباحُ وأسفرَا
أَيا صاحبَ الإسلام
وجهُكَ شاحبٌ
أبِنْ لي جَوَابًا بِالفِعَال لِمَنْ سَرَا
تَصَبَّرْ رعاك الله
يا صاحب الحِجَى
فللمجدِ غاياتٌ لِمَنْ
كَانَ أَصْبَرَا
وللسِّلْمِ عَادَاتٌ
وللحربِ دولةٌ
وللأمنِ ساعاتٌ لِمَنْ
كان أَحْذَرَا
أبشر بيوم النصر
والعزّ والعُلا
فقد بشّر القرآن فوزًا
وأشْهَرَا
أيا نفس جِدّي فالحياةُ
ضئيلةٌ
وفي النشر للدَّيانِ نسيانُك الورى
....................
"حوار مع دمعة"
كَفْكِفِي الدَّمعَ يا عينُ فَقَدْ
حَرَّقَ الخدين سَيلُكِ الدَّفَّاق
بَضَّت الدَّمعَةُ كالطَّلِّ وقالت
هَبْنِي كففتُ فكيف بالخفّاق؟
.......
"طائر الشوق"
ألا يا طائر الأشواق والأشجانِ
هلّا بَلَغْتَ محمدَ السّفياني
وإذا هبطت الدار في هام الشفا
عجّل وقبّل رأسه بحنان
ذكّره بالأصحاب عَانَوا فقدَه
ماذا جرى للدّار والإخوان
قل يا أبا العباس أين رُبَى مِنَى
ذكّره بالنَّفَحَات
والإيمان
مرَّت سنونٌ مشرَفِيَّاتُ القَنَا
حَتْم الفراق على الأحبّة دان
ذكّرْ أخانا بالمودّة والصَّفَا
فلقد يذوب تطاول الأزمان
يا ابن الأكارمِ قدْ تَقضّى عمرنا
ما لَلدُّنَا عَجَبًا وللخلّانِ
مهلًا أبا العباس مالك والجفا
فلقد خسرتُ بكم سباقَ رِهان
قد قلتُ ذا وأنا المُقَصِّرُ نحوكم
لكنْ شؤوني قرّحتْ أجفاني
فَلَكُمْ سلامي واعتذاري والشّجَا
ولكم عبير القلب والأردانِ
..................
«الخلفة»
أقِلْنا أقال عثرتَكَ الإلهُ
وأجرى في نواحيك الرُّوَاءُ
فناقتك الرّدومُ حَلَتْ بعينِي
ولكنْ نفس والِدُنَا ظِمَاءُ
قد رآها تظنّ بِحَلْبَتيهَا
فعافَ بقاءَها وَلِهَا الْتِوَاءُ
.........
«رثائية خطّاب»
البائية، رثائية القائد
خطاب «سامر السويلم» رحمه الله تعالى (131بيتاً)
لا شكّ أن الخطب جلل بموت خطّاب، فقد رُزنت
الأمة بفقده، ولكن الله تعالى بحمده ولطفه لم يجعل نصر أمة أحمد صلى الله عليه وسلم معلقٌ
بمخلوق مهما علا قدره ودينه وعلمه وولايته، بل جعل نصرها منوط بربها ومعبودها الخالق
الناصر والحقّ المبين، فقد وعدها النصر والسّناء والتمكين والرفعة، لكن
لابد من دماء (ويتخذ منكم شهداء)، وقبل الولادة يكون المخاض عسيرًا، لكن يعقبه راحة وفرح بميلاد من يحب. وهكذا أمّتنا المرحومة
المجيدة، فمع نزيف دمها الذي صُبَ صبًّا نقول: لابد للمجد من جماجم يسير عليها حتى يصل غايته
السامية ورغيبته الفُضلى، وطريق الزهور على حلاوته فغايته الفشل والخيبة،
إن كان تنكُّبًا لجهاد الكافرين.
هذا؛ وإنّ فقيدنا "سامر السويلم" الملقب
بـ"خطّاب"، وإخوته المجاهدين، قد قدّموا أرواحهم قرابين لربّهم الأعلى، درَجًا
لمجد أمّتهم، وسلّمًا لنصرها، ولبنةً لإعزازها - ولا نزكيهم على الله تعالى ـ، ولكم
عشتُ مع روعة انتصاراته وأخباره زمانًا يانعًا حتى جاء ذلك الخبر الذي نزل على رأسي
نزول الصواعق، فطال الحزن بلا اختيار، بل كنتُ أَُذُّكِرُ نفسي القضاء، وأُلزِمها الرضا عن الله تعالى، فكل أمره خير وحكمة
ورحمة ورفق ورشاد، علمنا أم لم نعلم (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو حير لكم وعسى أن
تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) وقال صلى الله عليه وسلم:
"عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ
إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ
ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له". رواه مسلم (2999). وأغبط كل شهيد صادق،
فله الحمد أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، فكل قضائه خير، ولقد بقيت زمانًا لم أذرف عليه دمعة،
ربّما لحرّ الفراق والألم وعمق الفجع وكبر المصاب، حتى سلوتُ دهرًا، ومرّت الأيام والشهور وفي القلب
حرقة مكبوتة، وفي العين دمعة محبوسة، وفي الأحشاء شوكة حَرَّا؛ حتى أراحني
الله بهذه القصيدة:
على مثلِ ذا فابكِ
إن كنتَ باكياً
على مثل خَطَّابٍ تذوبُ
المآقيا
ففي مثل خطاب تُعزّى
أمة
فيا عينُ سِحّي ساجماتِ
اللآليا
فتًى نسألُ الرحمنَ
يسبِغْهُ رحمةً
ويا أسعدَ الرحمنُ
روحاً تساميا
فيا أعينَ اللاهين
ويحك فاخجلي
ويا أعين الباكين لا
لا تباليا
ونعذُرُ صدقاً كلَّ
عينٍ تهاملتْ
لفقد هُمَامٍ للجهاد
مناديا
ينادي بقولٍ والفِعَالُ
صوادقٌ
جهاداً بمال الله رُخصاً
لغاليا
لقد هجر الأوطان للحرب
يافعاً
لسبعِ سنيٍّ بعد عشر
تواليا
يقول لئن خلّفت أهلاً
وعِشْرةً
وطلّقت عيشاً مستلَذّاً
ورائيا
وأبدلتُ أصحاباً ينامون
في الضُحى
بأصحابِ عزمٍ يُدلِجُون
اللياليا
وفارقت إلفاً لذي العين
سكرةً
بدارِ غرورٍ صبُّها
في النواهيا
وباعدت أرضاً قد درجت
بها صِباً
وخلّفتُ روضاً ناضراً
في الضواحيا
فحِلّي وترحالي أريد
به المنى
بأن يكسر الكفارَ صدقُ
عِرَاكِيا
وأصبحت في الأفغان
طُرّاً بغربةٍ
وأَذكُرُ في الأحساء
خلّاً مُصافيا
أسوق لحرق الكفر نيران
مدفعي
وأزرعُ ألغاماً لنسفِ
الأعاديا
فهمّي رضى ربي بقتلي
لكافرٍ
برمي رصاص الحقّ جمراً
غواشياً
لئن قرّب الأبرارُ
في العيدِ أنعُماً
وَضَحَّوْا لمولاهم
بعيراً فَما ليا؟
فيا ربِّ فاقبـلها
قرابينَ راحتي
فئاماً من الكفار أضحتْ
بَوَاليا
يظنّ بي المغرورُ ظنَّ
سفاهةٍ
ولا عجباً فالكنز في
القلب خافيا
سيعلمُ من قد فاز فوزاً
ورفعةً
إذا جُندلَ المخذولُ
تحت السّوافيا
لئن عرف الشيشان للحرب
قائداً
فأكرم بخطابِ الجنانِ
العواليا
لكم علّم الشبان فقهاً
وسنةً
وأشبعَ جوعى ثم قد
باتَ طاويا
لقد رفع التوحيد أسّاً
وغايةً
ومن كان ذا دوماً فللحقِّ
هاديا
ومن ثمّ سلّ السيف
بالنصر موقناً
يحارب تحت الشمس والليل
داجيا
ويمضي صدوقاً للإله
معظِّماً
كذا الظن في المحبوب
والله واليا
وطار إلى الأفغان والطاجِ
بعدها
ومن ثمّ داغستانَ واللهُ
قاضيا
ولمّا دعاه الحقّ هبّ
مظفّراً
يريد رُبَا الشيشان
قبراً مواتيا
فضاقت صدور الروس غمّاً
وأُرعِبوا
فما الشجب كفواً للحسام
اليمانيا
وضوحاً بكل القول بدأً
وآخراً
فلا السلم للكفار بتّاً
عدائيا
وأضحت جموع الروس شعباً
ودولةً
يريدون كيدَ الليثِ
قُرباً وقاصيا
لقد ذاق منه الكفرُ
صاعاً مضاعفاً
فقد كان للإسلام سيفاً
مُداويا
وما كان أمر قبل أمر
إلهنا
فإن أذكرِ المقدورَ
زالَ حذاريا
فما فرّ خطابٌ من الزحف
هارباً
ولا دمعتْ عيناهُ خوفاً
وشاكيا
وقد كتب الرحمن مُذْ
شاء خلقه
عليه حِمامَ الموت
تِيكَ اللياليا
لقد سَمَّ خطاباً أثيمٌ
منافقٌ
عليه من الجبّارِ رِجْزًا
مُوافيا
لقد مات مسموماً كما
مات أحمدٌ
شهيداً نبيّاً بل رسولاً
وهاديا
وقد مات سيف الله بالأمس
خالدٌ
وقد خاض زحفاً بل حروباً
ضواريا
وقد قال قولاً يقدحُ
النور في النُّهى
فلا نامَ من أمسى جباناً
وساليا
فيا ليت شـعري أين
ميتة من ثوى
قتيلاً كليلاً من قتال
البواغيا
ومن مات مثل الكلب
من شبع بطنهِ
وقد مات خوّاراً جباناً
ولاهيا
فمن ذا يبيع المستهام
جنانه
فقد نادت الفردوس من
كان ساميا
فإن مات خطابٌ فما
مات ربُّنا
فمن أوجد الخطاب إذ
كان فانيا؟!
لئن فقد الإسلام للحرب
قائداً
فلن تُعقم النسوان
إنجاب ثانيا
لئن مات خطابٌ فقد
مات قبله
أُسُودٌ لدى الصولات
طِبُّ الدواهيا
لئن رحل الخطاب عن
دار غربةٍ
فربَّ شهيدٍ في الجنان
العواليا
ألا لا نُزكِّي فَتَانَا
وإنّما
تجيش شجونٌ في الصدور
القواليا
عسى جدثٌ يحوي تراباً
لحِبِّنا
رياضَ جنانٍ مترعاتٍ
سواقيا
لقد كان خطابٌ كألفٍ
تكاتفوا
ورئبالُ غيلٍ من أشدِّ
الضواريا
فإن كان خطابٌ شرى
الموت بالبقا
فساوم بذاك البيع إن
كنت شاريا
لقد أبرد الأكباد حقّاً
بفعله
فقد كان خطابٌ ثِمالَ
الصواديا
جزى الله شيخاً حبّبَ
الشبل للعُلى
جنانَ نعيمٍ لم تُعَبْ
بزواليا
لك الحمد يا رباً عظيماً
نوالهُ
بِبَعْثِكَ جُنداً
في زمان التهاويا
وكم من ولي للإله قد
ارتوى
ثرَى الأرض من كَلْمٍ
له ويقاسيا
يقوم فيدعو والأنام
بغفلةٍ
ويصبح صنديداً هصوراً
مصاليا
جَهَلْنَا له اسماً
ما عرفنا مكانه
وقد عَلِمَ المنّان
وهو المكافيا
ومات وما نعلمْ له
من علامةٍ
سوى وجهِ بدرٍ مستنير
وداميا
وتُفتحُ أبوابُ السماء
رضاً به
ويبكي تراب الأرض من
فقد داعيا
يطير ويهنا في الجنان
مخلّداً
ويزهو بحورٍ من حسان
الجواريا
لئن نثر الكفّار كلّ
سهامهم
فما ينصر الإسلام غير
إلهيا
فلندعونّ الله ليلاً
وبكرة
وليصدقنّ اللهَ في
الحرب لاقيا
ومن صَدَقَ الجبّارَ
يجبر كسره
ومن نَصَرَ المولى
له النصرُ ساعيا
فيا قوم قوموا فاصدقوا
في لقا العدا
فمن كَذَبَ الرحمنَ
فالقصمُ ماحيا
فيا فارس التوحيد مالَكَ
لا تُرى؟!
فبادر وكن للدين حصناً
وحامياً
وأبشر أخا الإيمان
فالفتح قادمٌ
وإن أجلب الشيطان كلّ
النواديا
أيا ثابتُ اسمعْ من
وصايايَ عِبْرةً
وكن ثابتاً في الدين
كالطود راسيا
زمانك لو تدري زمان
زعازعٍ
فكُنْ صادق الإيمان
صلباً وحانيا
فصلباً على الباغي
رحيماً بمؤمنٍ
كثير النّدى سمحاً
وللمال حاثيا
فمن كان صلب الدين
صحّ فؤادهُ
ومن كان رُخواً فهو
للدّون ساعيا
اذكر نعيم العدن واذكر
لظى لظىً
واحذر فقد يلقيك من
لا يباليا
واسكب من العبرات دمعاً
سواجماً
فما أقرب الغفران إن
كنت باكيا
واسجد سجود الذل واطلب
نوالهُ
فإن إله الحقّ يُحيي
البواليا
واعلم بأن الدّين توحيد
ربنا
فوحّد وكن دوماً حنيفاً
وداعيا
ولا تنس أن ترضى عن
الله دائماً
فقد فاز عند الله من
كان راضيا
وسابق إلى الطاعات
تُعطى رضاءهُ
ومن يرض عنه الله حاز
المعاليا
أبُنَيّ عظِّم في الجَنَانِ
لسنُّةٍ
وأبشر فنور الله نعم
السنانيا
وادع إله الحق يمنحْكَ
ميتةً
بكبد الوغى شعثاً صريعَ
العواديا
بعيداً ونائيْ الدار
في أرض غربةٍ
خرَجْتَ سليمَ القلبِ
تتلو المثانيا
فمن يطلب العليا يبيت
مسهّداً
وليس بميْتِ القلب
للّهو ساريا
ويصبح صوّاماً كثيراً
دعاؤهُ
إلى الله يمضي وهو
للّهو قاليا
يحُنُّ تراب الأرض
من صدق دمعهِ
ويُشبهُ حين الوتر
إحدى السواريا
سخيّاً بذي الدّنيا
ضنيناً بدينه
سحاباً كما الأجبال
سوداً غواديا
ولا تكسلنْ حبي عن
العلم ساعةً
وما فات ولّى في ليال
خواليا
وسارعْ إلى القرآن
حفظاً وفكرةً
ومن ثمّ فاعكف للأحاديث
جاثيا
واسأل إله العرش يحييك
عالماً
فمـن ذاقَ شَهْدَ العِلْمِ
عافَ الغَوَانِيا
أيا سامعاً فافهم هُديت
مقالتي
وأَرْعِ لها سمعاً
من القلب صاغيا
احجز لنصر الدين بالنفس
مَقْعَداً
فقد قام سوق للشهيد
مناديا
قومي همُ الإسلام لا
شيء غيرهُ
سواء أجادوا الضاد
أم لا فماهيا
قومي إذا ما الضيمُ
حلّ لقيتَهم
أسود الشّرَى في مدلهمّ
العواتيا
ومن حارب الإسلام فالهدمُ
هدمُهُ
ومن ناصرَ الإيمانَ
سادَ الروابيا
أقولُ وإن شُدَّتْ
بقومي هجمةٌ
فإنّ شباباً منهمُ
قد بدَوا ليا
شباباً بروضات العلوم
تذاكروا
وتاقوا لمرضاة الإله
المكافيا
يريدون بذلاً للنفوس
وقد سَمَتْ
لهم هممٌ نحوَ الجنان
العواليا
يقولون ثَبِّتْ يا
عزيزاً قلوبَنا
فيا رب لا نَقْلَى
إذا كنتَ راضيا
لقد هبّت الأرواح نصراً
ونجدةً
فحيهلاً بالحرب زادت
شعاعيا!
فئيهٍ حماة الدّين
جاء عدوّكمْ
يريدُ بكم كيداً عظيم
الدواهيا
فإن تستجيبوا للكفور
فخبتمُ
ألا حَبّذَا قرماً
عن الدّين حاميا
أيا أمّة الإسلام جِدُّوا
وأدلجوا
فإن عَرِينَ الليثِ
قد بات خاليا
لئن كان للإسلام قومٌ
ودولةٌ
فهذا أوانٌ للنُّهوض
بداليا
أيا مبتغي الفردوس
عجّل بصارمٍ
وكن صادق الإقبال عند
التلاقيا
فإن تحيَ عشت العز
في كل لحظةٍ
وإن كانت الأخرى ستلقى
المراقيا
فلِلعبد إن يصدقْ ويُمسي
مجندلاً
شهيداً فقد فقد فاحت
دماءٌ زواكيا
وينكح أبكاراٌ حساناً
ويرتوي
برشف اللمى طَوْراً
وطوراً تَنَاجِيا
عَرُوباً يفوحُ المسكُ
من مسّ خدّها
ضَحُوكاً يضُوعُ العطرُ
جذلانَ هاويا
لئن قرّب الرّحمن عبداً
وأنت لا
فأعظِمْ بِهِ خُسْراً
شديداً وكاويا
أترضى قعوداً يا جبان
مع النساء
وقد صاح صوت في الرّجال
مناديا؟!
تذكّرْ هداك الله يوم
قيامةٍ
به النار تُذكى من
لحوم الطّواغيا
أما عرف المسكين شدة
حرّها
فيا ويحَ واخُسْراً
لمن كان عاصيا
صَحَى القلب من ذكر
الصبابة والجوى
نأى القلب عن حسن عن
الله لاهيا
أيا طولَ يومي ثمّ
يا طول ليلتي
إذا هيْعَةٌ ثارت وما
كُنتُ راميا
ففي القدس ثارات وفي
السند مثلها
وأفغاننا أضحى لها
الذئبُ راعيا
وشيشاننا ضمّتْ رفاتاً
نحبّه
فلله قبرٌ ضمّ خطابَ
نائيا
فيا ربِّ ياذا الجُود
والطَوْل والندى
ويا رَبَّ أملاكاً
عِظاماً ثمانيا
ويا كامل الأوصاف هبلي
شهادةً
وختِّم حياتي بالسرورِ
الموتيا
ويا ربّ علّمني وزدني
تعلّماً
وأخلصْ همومي يا عليماً
بحاليا
ويا ربّ قطّعني وفرّق
مفاصلي
بجوفِ طيورٍ أو بُطُونِ
العَوَافِيا
ويا ربّ حاسبني حساباً
ميسّراً
ولا تشوينْ وجهي بذات
الصواليا
ويا ربّ عاملني بما
أنت أهلهُ
فذنبي عظيمٌ والرّحيلُ
دَنَا ليا
ويا ربّ فارفع لي مقامي
إلى العلى
فأنت كريم فاجزلن لي
نواليا
ويا ربّ إنّي من عبيدك
خاضعٌ
وقد ذلّ منّي كلّ خافٍ
وباديا
ويا منتهى حبّي وغاية
مقصدي
أغثني إله الحقّ غيثاً
يمانيا
ويا ربِّ فاغفر لي
ذنوباً عظائماً
واجبر إله الحقّ كسر
الجنانيا
أعنّي إله الكون في
كل لحظةٍ
واستر إله الخلق ذنباً
أماميا
أعزّ إله الناس أمّةَ
أحمدٍ
فقد سامَهَا الكفارُ
ذُلًّا مُصَالِيا
فلا حولَ عندي يا إلهي
وقوّةً
ومن أنزل الحاجات بالله
ناجيا
أيا قارئ الأبيات عُذراً
فإنني
لفرطِ انصداعِ القلبِ
شِعْرِي كَبَا بِيا
ولا لاعتراضٍ قلتُ
بعض مقولتي
ولكنّهُ خطبٌ يُهِيجُ
البَواكيا
فأسأل ربّي أن تكونَ
منيّتي
بعيداً عن الأوطان
للشّرك غازيا
فخذ من دمائي يا سميعاً
لدعوتي
فما أطيب الآلام إن
كنت راضيا
لئن عَزّ ديني واستبيحت
جوارحي
فأين مقام العزّ إلا
مقاميا؟
وصل إله الناس ما مات
مسلمٌ
على خير من أرسلت للكفر
ماحيا
عليه سلام الله في
كلّ ليلةٍ
وفي كلّ يومٍ من جديدِ
الزّمانيا
تمّت وأدعو الله يرحم
غربتي
إذا كان تُرْبَ القبرِ
قَسْراً وِسَاديا
...............
"جمالٌ تشربه
العيونُ صِرْفًا"
7/ 10/ 1433
محمد وعبد العزيز:
سلام الله عليكما..
يا من لنجدٍ سريتما..
ولجرحِ سالٍ نكأتُما.
أبا أسامة وليغفر لك
الله: قد علمتَ ما قلمي إلا ابن لبون، فعلامَ تُقْحِمهُ سبْقَ البُزْلِ القَنَاعِيسِ؟!
ثم لم تقنعْ حتى أتيتني بفحلِ البيان ابن مسعود!
أبا أسامة، ويحك! هلّا
أقلت العثار، أو هل نسأت الخيار..
فلي فؤادٌ جريح.. بل
بالمآسي ذبيح..
يرى بمقلتيه شؤونًا..
سَحَّتْ شؤونًا لديه..
تمسي الكُماةُ وتُصبح..
تروي قناها وتنضح..
كيما ضباها تُطوّح..
فقد ملكت فأسجح..
أعبدَ العزيز، مالَكَ
ولِي؟! دعني ففي الأحشاء من وجع السنين ما يكفي..
مات قيسٌ ونَبِيهٌ
والمرقّشُ وعروةُ بعد أن شرب الحب نَقِيِّ عظامهم..
وأسلَمَهُم لنائبات
المنايا..
فدع السَّالي يمرُّ
رويدًا، يركب الطيف بأحلام الزمن.
أما علمتَ يا بن الأكرمين
أن خيرًا للمُدنِفِ أن يسلو..
ففي السلوان عن ذكر
المنازل نصفُ راحة..
أرأيتَ عينًا للبكاء
تُعارُ؟!
لك الله يا عبد العزيز!
لا تعد لمثلها فقد أوجعتني..
وأقولها صادقًا؛ فإني
كلما قصدت لذيّاك السبيل: تهيج في صدري أمورٌ لا أطيقُ لها دفعًا، تضطرم وتفور.. كالقدر
استجمعت غليانًا..
فتمور بي المشاعر كأني
قاربُ صيّادٍ غشيته أمواجٌ كالجبال..
قد درّتِ عليه السماء
ُكأفواهِ القرب برعود واجفة، وبروق قاصفة..
فلا يملك رُبَّانُهُ
حينها إلا الدعاء بالسلامة، وانتظار الفرج..
هذا مع شوبٍ من نصولٍ
وقَنًا وأَسَلٍ تدقُّ معاليق الفؤاد.. وتهشم عُوجَ الحنايا..
فتثور من ذلك المحتدم
سحابةٌ بيضاء تُعْتِمُ البصر والبصيرة..
فلا تنجلي الغمامة
حتى تنبجسَ المقطوعةُ أيًّا كانت..
بعد أن تطرح أباها
صريعًا!..
وكلُّ حيٍّ هالك!
يا صاحبي: إن في رقيق
الأدب شعرًا ونثرًا أيًّا تَوَجَّهت ركائبه خيطَ إبرَيْسم..
أَرَقُّ من شُعاعٍ
في عينِ طفلٍ فرح بقدوم والده من غربة..
وأصفى من دمعة عاشقٍ
على جَدَثِ صاحبته..
بيد أن ذلك الخيط يجرُّ
معه عُجَرَ الذكرى وبُجَرَ الآهات الماضيات..
وقد ظنَّ الملوّعُ
وكَذَبَ الظنُّ طَمَّهنَّ في قعر الأطلسي..
فإذ بها تعود شابّةً
لعوبًا ضحوكًا.. غادرة!
بينا يسير القلبُ في
ستارةً من تيسير، قَنِعًا بخفقةٍ من فؤادٍ رغيبٍ، قد تجلّد للغِيَر، وتلفّع بالرِّضا،
وهجَرَ الكواعبَ رقيقاتِ الحواشي، من ربات حجال الأدب..
أَعْنِي بهنَّ الخواطرَ
شعرًا ونثرًا..
اللاتي يشغلكَ جمالُ
نثرِهِنَّ عن حسن نظْمِهِنَّ..
ويُنسيك لطف شِعْرِهن
عن شهد نثرهن..
فتُمسي من شُغْلٍ بهنّ
ونسيانٍ لغيرهن خارجَ المعقول!
غِيَابًا لا كالجنون،
ونشوةً لا من قهوة ابن كلثوم..
فتغيب عما حولك زمانًا
ومكانًا..
يودُّ خليلُك لو رآك
حينها: فناءَ العاذِلِ، وبُعْدَ الكاشح..
كيما يسرقُ معك رقيقةً
من رقائق أحلام أهل الهناء..
أيها الخاطِر الخَطِر،
ما دهاك حتى تَحُلَّ عِقَالَ عقلي؟!
بينا فؤادي قد سَلَا
عن رُعودِ خفْقِ الأفئدةِ؛ إذ بك يا غفر الله لك، ترمي سويداءه بسهم قد عَجَمَ عودَهُ
بيانُ الصاحبِ وابنِ العميد، وراشَ نبلَهُ ابنُ معمرٍ ولبيد، وَحَدَّ نصلَهُ المسعود،
فرميتني وقصدت السويداء..
فليهنك صيدك، ولك العزاء
فقد استسمنتَ ذا وَرَمٍ، ولو وفّرت سهمَك لغيرِ فؤادي لأوشكت أن تحظى بِفَرَا، ولكن
هيهات هيهات! فقد نفذ نصلُكَ الفتَّاك لقلب المُضنى العليل، وسبق سيفُك عَذْلي، وصولُك
هَرَبي، فمرحبًا بكما على شطء الأدب، وحياكما في بستان المحبين، وخُذَاهَا تحفة النزول:
لهفي على شدوٍ قديمٍ
قد أفلْ
يحكي بِلُبِّي سهمَ
ناعِسَةِ المُقَلْ
هلّا تَرَفَّقَ فالجوى
بلغ المحلْ
بُح أو فَمُتْ متشحّطًا
والدمّ طَلْ
خذاني معكما لنركب
زورق الأمل، تسوقنا أطراف أنامل هبّات الصَّبَا.. فلها أسرارٌ لا تبوحها لسوى أهلِ
ذيَّاك السبيل..
أعني النسيبَ الرقيق
المحتشم.. والأدبَ العالي المحتدم..
أحيانًا كرموز الأحباب،
لا يفهمها سوى من تجرّعَ العذابَ العذْبَ من المِقَةِ..
أو مَلَكَ «شيفرة»
البديع تذوقًا أو إنشاءً..
وأخرى نراها جزْلَةً
سهلةً ممتنعة، يرومُ بَدْعَها من شاء..
حتى إذا مَدَّ يمينَه
لتناول كَفِّها ابتعدت كهالة البدر في ليلة إضحيان..
تتماوجُ بين عينيه
كمُحَيا صبيّةٍ تنظر في غديرٍ أترعَهُ صوبُ غادية..
وثالثةً كغرامِ رسائل
كنفاني لغادة..
أو ابن زيدون لولّادة..
صادقةً باكيةً آسيةً..
يا صاحباي: ألا يُذِيبنَّ
بالجَوَى فؤاديكما مشهدُ ذاك القمريُّ ينوحُ لقمريّته وهي ترنو اليه بخَجَلٍ وجَذَل..
وتُسارِقُ مقلتيه بعينين كادتا أن تذبلا حنانًا وحبًّا ولهفًا..
ويكأنَّه ينشدها قول
الأول وهو يهتزّ لنشوة الذكرى الرغيبة:
عيناكِ شاهدتان أنَّكِ
من ... حَرِّ الهوى تجدين ما أَجِدُ
بِكِ ما بِنَا لكن
على مَضَضٍ ... تتجلّدينَ وما بنا جَلَدُ
وَلِمَنْ يفتلِ عند
ذكر الأدب شِدقه، ويلوي عن محاسنه كشحه: دعْ قارب أفئدتنا يُبحر رخاءً ويسير هوناً،
كمشوق إلى لقاء مشوقة، وأنثارُ وبل إلى كبد يبابٍ صادي..
ألا وإن بعض من بَسَطَ
المداد في تيك السابلة، قد جاوز الغاية في التّهتّك وخلع العِذار، لكني من خطل ذلك
على حذر..
فإن لم يكن الأدب رافدَ
عفاف، وموقد شرف فلا كان..
وجملة الكلام: لعل
قُصارى هذه الكلمات أن تُذهب عن نفس المُعَنَّى قتامَهَا..
وهل تسير قوافل الأدب
إلّا على رواحل الخيال؟
وخلف سجف الحقيقة يكمن
أبداع الذائقة..
فدعني أُعْنِقُ في
خيالي بلا طِوَلٍ.. فما استروحَ أهلُ النبل والرهافة إلا بعد أن كرعوا في ذلك المشرب؟
ومن رام رقَّة الطبع فليأخذ بسبيل ذلك المرتع، وليتجول بخاطره في ذلك المنتجع، فما
لذة اللبانات إلا وصل ما هنالك..
إن طيف الخيال يا عبل
يَشفي..
وكأني بفقيه أهل المدينة
عبيد الله بن عتبة بن مسعود، وهو يخاطب نفسه بجلال وصبابة:
ألا مَنْ لنفسٍ ما
تموتُ فينقضي ... عَناها ولا تحيا حياةً لها طعمُ
أَأَتْرُكُ إتيان الحبيب
تأثُّماً ... ألا إنَّ هُجران الحبيب هو الإثمُ
فذُقْ هجرَها قد كنت
تزعم أنه ... رشادٌ ألا يا ربَّما كذب الزعمُ
ووقفت امرأة على عُروة
بن أذينة، وهو من فقهاء المدينة وعُبّادها، وكان من أرقّ الناس تشبيباً، وأحلاهم منطقًا،
فقالت له: أنت الذي يقال فيك الرجل الصالح وأنت تقول:
إذا وجدتُ أُوارَ الحُبّ
في كَبِدي ... غدوتُ نحو سِقاء الماء أَبتَرِدُ
هبني بردتُ ببرَد الماء
ظاهرَه ... فَمن لنارٍ على الأحشاء تَتّقِدُ
والله ما قال هذا رجل
صالح!
وكذَبَتْ، فلم يكن
مُرائياً، ولكنه كان مَصْدوراً فنَفث..
وقيل لابن المسيب:
إن قوماً من أهل العراق لا يرون إنشاد الشعر!
فقال: لقد نسكوا نسكاً
أعجمياً!
عَلِّلَاني بمُقْلَةِ
الخِشْفِ إنّي
من هواها يذوب مني
وريدي
عللاني بنظرةٍ منه
تشفي
عللاني بطارفي وتليدي
من مُحيّا سقى عيوني
بشربٍ
عللاني.. ثم ازحفا
بالبنودِ
يا صاحبي: ثَمَّ مستوى
من الكَلِمِ يحوي شرايين يتدفَّقُ فيها نوعٌ عزيزٌ من متعةِ الأنْفُسِ..
لا يُشَمُّ ولا يُمَسُّ
ولا يُرَى..
لكنه يسمو بعطفيك للأعلى
برفقٍ يَبُزُّ الوالدةَ الحنون..
وشذىً يحكى أرجَ الربيع..
ولطفٍ يربو على رَخْصِ
كَفِّ الرضيع..
ونعومةِ نهدِ المُعْصِر..
تقرأها ويقرؤنها في
«زمكان» متّحد، ولكن..
ويكأنك تقرأ من بينهم
لغةً أخرى!
فتهتف بنفسك الظمأى:
أنِ اجرَعي راح البيان المترع بمعاني السحر الحلال..
قد نُسجت من سندس اللفظ
البليغ..
فانبجسَ من عين صفائها
سلسللُ نثرٍ برَّاق..
وانفجر من معدن حكمتها
جلجلُ نظمٍ دفّاق..
فغدا مزيجُها لونٌ
لا نظير في عين الأديب لجماله..
وَدَّ هنيهةً لو اسطاعَ
حبسَ الزمن..
أو فليكُنْ بسجنهما
دهرًا يرتشفُ حلاوته شيئًا بعد شيءٍ، ومعنًى بعد لفظٍ، وصورةً تلو نبضٍ.. وأَجْمِلْ
بأبكار الزمان!
إن توافقا أمست بناظره
وأذنه كألذّ ما سجعت به بلابل الأقلام..
وصدحت خلاله خرائدُ
الأفهام..
فترتشِفُهُ رقائق الأسماع..
وتطربُ لرحيقِ سُلَافِهِ
هشاشاتُ القلوب..
إذا جرت نفثاته في
الأفهام؛ قالت: أهذه بنت فكرة، أم بنت كرْمة..
كيف إن كانت من شفتَيْ
من هجم خيالها على قلبك الآن..
أيدري الدمعُ أي دمٍ
أراقا؟!
آهٍ من دبيبِ راحِ
الفِكَرِ في تجاويف الفؤاد..
ليهنِكَ يا من تذوّقت
الجمال..
قد ذاب شهدُهُ في حرارة
جوى الصَّبِّ الملهوفِ لعناق أبكار المعاني..
وضمِّ خرائد المباني..
ونجوى خودِ الأَخيلَةِ..
فاستوى أمامه السطرُ
النوراني على سابلةِ العاشق المتيّم..
يهديه قصدًا للثمِ
الشفةِ العطشى له..
قد ذبلت لترويه..
وازدانت لتسقيه..
ولا تذهب بعيدًا يا
رفيق فؤادي، فما ثَمَّ منها سوى المعاني!
أما الحقائق فدونها
ضرب يدمي النواصيا!
ألا ما أشدّ ما يقاسيه
القلم إن هفَتْ رئته لنوع من المعاني لا يتأتّى إلا كمجيء نوعٍ نادر من طيرٍ مهاجرٍ،
كأن ريشه من نسج شمسِ الأصيل..
وصدرَهُ كندف غيمِ
الصباح..
وعينَهُ كطلِّ قطرات
النَّدى على وجنةِ زهرةِ خزامى على كثيب الدهناء..
إن المعاني تارة تكون
أقرب لأَسَلَةِ اليراعِ من قطرةِ مِدَاده..
وأخرى تكون أبعدَ من
السِّمَاكِ الرَّامح..
ثمّة نفوسٌ رهيفة،
إن استقبلت روحك ملأتها انشراحًا وبِشرًا..
ووجوهٌ جميلةٌ، إن
تذكَّرْتَ قسماتها ارتمت ذاكرة الجمال خجْلَى على أهدابها..
وأحاديث حِبٍّ يجتني
التذكار منها ما تمنّى..
ويا من مَرَّ على روضتنا
ولم يفهم المعنى..
يا من لم يمضغ الشيح
والقيصوم، إليك عنّا..
جُزْ بخيرٍ.. جُدْ
بسترٍ.. وامض لشأنك عنّا..
لا تلمنا إن خلعنا
جبة القاضي وبحنا..
بعفافٍ قد سَمَرْنا..
وصيانٍ قد حَرَسْنا..
يا كثيف الطبع عنا..
عن جَنَانَا لا تسلنا..
أحسن الظن ودعنا..
ليس هذا يا مُنانا
نوحُ باك في يتامى..
تلق أرجًا يجتنيه..
ضوع أزهار الخزاما..
يا صاحبي: قديمًا كُتبَ
الأشخاصُ برموزٍ لأغراض شتى، رَهَبًا أو تحليةً في ذهن المنسجم.. تأمل ما كتب الهنود
على لسان الحيوان «كَليلة ودِمْنَة» وفي ذا التلميح غنًى عن التصريح..
لا تقل: كلا، لا ولا
تقل: لم هذا وكيف؟!
فالقصور يلحقه التقصير
عن إدراك ما تتكلّس المعاني بجوهَرِهِ! فيضربها بمعول الفكر وكرّ النظر.. فلا تسمع
لماء عين المعاني رِكزًا!..
فمثلُ تيِك المعاني
تحتاج لقهوة سوداء كالحٌ لونها، مُرّةٍ كالحنظل، عذبةٍ كَسَحِّ الدِّيَمِ، في مكان
خال من الإنس والجانّ..
فما هي إلا هنيهات
حتى يصْفُوَ الذهن بانقشاع سحائب شُعَبِ الهموم..
ويعفو الخاطر بجودٍ
غزير..
فينحدر إليها سيلٌ
جرّارٌ من مشاعر الفؤاد المُضْنَى بأثقال الأشباح..
المفعم بطيب أرواح
الإصباح..
قد صَرَعَ خيالاتها
بشبيبةِ روحه، وكهولة تجاربه..
يمدُّهُ هاطلٌ مدرارٌ
وغيث صدوقٌ من دموعٍ كانت حبيسة الأجفان!
قد أَبَتْ عِزَّةُ
أنفِهِ قبلها إلا تيك القَسوةِ الممضَّةَ بخنجر الأسر العذب المعذب.. هذا حينًا..
وحينًا آخر تطول تلك
الزفرات فتسري في اللجَّةِ ليلةً بتمامها..
بعدها تجري الرياح
اللقاح بفكرِهِ مع الغيوم السابحات حتى يأذن الله بأمره..
فبينا ذهنه يسبَحُ
في بحر ساكن؛ إلا ورنت مقلته لضياء أدفأَ جوانحه التي لحقها بردٌ من نسيم السَّحَرِ..
إنه برد له خصوصية
لدى أهيلِ الأدب..
لا يحس بلذيذ لذعه
أهلُ الكثافة.. فإن صادفوا مثله انقلب جليدًا مُحْرِقًا..
أما هنا فهو لذع يدب
رويدًا على أطراف الجوانح..
ثم يفيض شذًى وعبقًا
حتى يُرى ثَمِلٌ وما ثمّ شرابُ جسد..
لكنه شراب نفس لم تملك
أن غرقت في لجة نشوتِهِ..
فنطقت بعد عِيِّها
بحروفٍ لم يزُرْهَا سحبانُ وائل..
ولم يحملها فؤادُ ابن
الملوّح..
إيهٍ يا بن مسعود..
يا سليل البديع يا باسق البيان: إني مُنبيك عن عينٍ ماؤُها أحلى من عذب المطر..
وشذاها أرقُّ من فتيت
المسك والعنبر..
تنساب بنعومةٍ على
رَضْرَاضٍ كياقوت عُمَان..
قد حفّتها أزاهير الأقحوان..
وخلطتها ورود العرار
وشقائق النعمان..
تجري بجوارِ كثيبٍ
كأنّه خَدُّ عذراء..
قد جرَفَ الماء أسفله
فنحت على ذراعه خَتْمَ الحسن..
وضَوَّعَ من عَذِيِّ
رَمْلِهِ عَبَقَ النقاء..
ثم جرى ماء الحياة
حتى هوى من عليائه بوهج شلالِ نورٍ يشعُّ جمالًا وألقًا وبهاءً..
لقد كاد من فرط جماله
أن تشربه العيون صرفًا!..
لِصوتِه نَغمات يتصاغر
لجرسها بيتهوفن وموزار..
وقَسَماتٍ وألوانٍ
تمنَّى لو رآها دافنشي وأنجلو..
إن رمت ذيّاك المكان
فأرعني فؤادك أفتّش لك في زواياه عن مكان لتلك الرغيبة التي لا تُرى سوى بعينِ أديبٍ..
وما أُراكَ إلا هو..
فلقد تذوّقت من عذب
تغريدِ يراعتك ما قد علمت أنك من أهل ذيّاك المنزل..
فلِقُطّانِهِ لغة لا
يتناولُ عقيقها وزمردها من لم يذق من نِيلِها وفُراتها..
يَرِدُ الجُموعُ حوضَها
فيصدُرون رُواءً لحظة شربهم منها..
لكنّ مَنْ أَعْمَقَ
دلوَهُ حتّى لامَسَ عينَها؛ فإنه يصدُرُ منها أشدّ عطشًا منه قبل الورود..
فيعودُ كيما يكرعُ
فيزداد لها ومنها وبها ولعًا..
فلا يسلو عن حبها..
ولا يروى من رشفها..
حتى يُسلِمَ الروح!
وواهًا ثم واهًا لغربة
الأديب في صحراء الجفاء..
...................
(القسم الشعبي)
"أيا وجودي"
أيا وجودي وَجد مِن
مات غاليه
ولا بِه شريدة مِن
عمام وخوالي
تقاطعت صكّات بقعا
علابيه
وضجّت خلوج الفقد ماضٍ
وتالي
حزنٍ يحدّر به وهمٍّ
يصاليه
فقرٍ وحربٍ والجنايز
تشالي
عليك يا وقتٍ صفى من
بلاويه
لا بِه قطيعة بَيْن
ولا به ضلالي
ما هو بمثل اليوم شِقّت
سِمَارِيه
وامسى صغير الناس واف
السّبالي
وقتٍ ظَهَر به خارجي
مع مخازيه
يبغى جهاده مير يا
همّلالي
هذا يكفُّر من يعيّي
يجاريه
وهذا بسيفه يذبح أمٍّ
وخالي
عزّاه يا شيبَ الهَدَب
من تواليه
عزاه يا صدرٍ به الغمّْ
طالي
يا صْبَي عيني خذ من
العلم صافيه
واترك مذاهيب البشر
والجدالي
احفظ نبا جَدّك عن
ادنى مشاريه
واكْرِم نِمَا وجهك
لعِزّ الجلالي
من لا حفظ في بِيض
الايام واليه
بتبكي عيونه دمّ سُودَ
الليالي
ومن لا زرع في طينة
العمر حاليه
تحصد يمينه حنظلٍ في
التوالي
ومن لا شرح صدره بذكرٍ
يواليه
يسكن جبال الهمّ عقب
السهالي
ومن لا دِمَحْ زلّات
ربعه تلاقيه
مثل الوَحَش في البِيد
صيد التلالي
ومن لا رفع بنيان ربعه
ذواريه
يلقى القطيعة والعنى
والجفالي
قرايبك محزم رصاصٍ
تناديه
اقدح سنا ضوّك بروس
الجبالي
كلٍّ بيلبس ما يِفصَّل
بَيَاديه
واعرف ترا النوماس
صعبَ المَنَالي
خَلِّك ذَرَا للملتِجِي
من ضواريه
يسكن ويشبع مهتنٍى
في الظِّلالي
صبر الفتى في ساعة
الكرب تاليه
عزّ الظّفَر مع طيب
ذكرٍ يقالي
ومن لا حشم عن ماقف
الشين طاريه
يمسى وعرضه للخلايق
مفالي
ومن لا تبع في ساعة
السِّلم هاديه
يلقى الخَوَر بالقلب
وقت النزالي
لا لا يلوم الناس وقت
المشاريه
منهو يكذّب قولته بالفعالي
جلّل خفوقك بالحيا
والرجا فيه
ونوّر طريقك بالهدى
والعدالي
ولا لوّثت غربان حسدٍ
مساقيه
طهّر بخوف الرب نبع
الزّلالي
في الآدمي علّةْ وطبٍّ
يداويه
علّته ذنبه والفتى
ما يبالي
يمشي بغفلة والمنايا
تباريه
حاسب ضميرك كان تبغا
العلالي
وامّا دوى سُقمه بوصفٍ
يراعيه
فاعلم تراها توبةٍ
ما تِزالي
من تاب للرحمن طَيَّب
نواحيه
يهدم صروح ابليس لو
هي جبالي
بعض البشر في مطعمه
ما يباليه
هو من حرام الرزق والا
حلالي
ناسٍ حسابه يوم تعرض
بلاويه
واعزتا له فيه واعزتا
لي
رب العباد العدل يا
ويل عاصيه
يا ذا تجمّل دام للعمر
تالي
اذكر منامك يوم تذري
سوافيه
تحت النصايب في الخلا
وانت بالي
اشكر فضل مولاك تَنمي
حسانيه
واحفظ صلاتك قبل رمسك
يهالي
أدّب لسانك واحرسه
من بلاويه
وحقّق سمين الهرج دون
الهزالي
ابسط يمينك بالسخا
وانت ناسيه
حذراك تترك للخلايق
مجالي
قلايد المعروف ذخرٍ
لقانيه
البِرّ دَينٍ والعطايا
تكالي
عرّب خوال ابنك وعطّر
مجانيه
خلك تنومَس فالعرب
بالعيالي
وان كان ما تلقى عشيرٍ
يكافيه
فامسك خفوقٍ في العَوَض
له مجالي
ومن لا رفع بالفعل
من قدر غاليه
يصبح بيومٍ يبصر الحب
زالي
ويا مغلي المقفي ترا
الصدّ شاريه
عنه القدم سقها وِاذا
القلب سالي
قُربَ الرّجا يِِسقم
وبِعدِه يداويه
قانون حبٍّ فيه مرٍّ
وحالي
عنك الهوى يا ناعس
الطرف حاديه
ربٍّ وَعَدنا والقدر
ما يطالي
كم مومنٍ يرحل وفي
الصدر ما فيه
حقٍّ على الدنيا نكدها
متوالي
والخاتمة لله حمدٍ
نواليه
عليه حسبي دايمٍ واتكالي
وصلاة ربي عِدّ رمل
بواديه
وعداد ما نبت الوعَر
والسهالي
وعداد ما سِيقَ الوَدَق
من مناشيه
وعداد ما دِعيَ الولي
بابتهالي
على رسول وفّق الله
مساعيه
في ملّةٍ كمْلت جلال
وجمالي
هبايب النُّود العذيّة
يِمَانِِيه
والّلالَ الاشهب من
مطرها يسالي
.................
«ورحلت نورة»
14/ 4/ 1424
إلى من لا أراه في العام إلّا مرة إن كانت،
ورُبّ أخٍ لا أراه إلّا قليلًا؛ هو أحبّ إليّ ممّن أراه كل يوم، وبعد: فسلام
الله عليك ورحمته وبركاته، وأسأل الله تعالى لي ولك الثبات حتى الممات على الحق والهدى،
إله الحق آمين.
أخي الحبيب، وصديقي الحَفِيّ: قد أعجبني
جَلَدُكَ وصبرُك لفقدِ زوجِك رحمها الله تعالى. ولكني عندما شاهدتك بأخرةٍ في حوقان،
وَشَتْ لي محاجرُ عينيك عن حزن كظيم، وأوْمَأَ شحوبُ وجهك بفقدٍ قديم! فإلى متى، وعلام!؟
فالجنة ميعاد المحبين من المؤمنين. فيا أُخَي: دع عنك هذا فهو ماض لن يعود، ودوام
الحزن لأجله غير محمود، وابدأ حياتك من جديد، بقلب بالله فرح، ووجهٍ بالتفاؤل مَرِح،
واشتمل سيف الصبر والعزم، وارتدِ ثوب الرِّضا، وأبشر؛ فلا يضيع عند الله شيء ( وما
عند الله خير وأبقى). والدرب سائر، والربّ ينظر كيف نعمل، والجنة هي الملتقى للمحبين
المتقين، جمعك الله بمن تحب في دار كرامته ورضوانه، وكفى بمصيبتنا في رسول الله صلى
الله عليه وسلم مصيبة، ولَعمر الله للصبر عليها والرضا بالله فيها وحمده وشكره وإحسان
عبوديته حيالها أثمرُ عديدًا ومديدًا من بكائها الأيام والليالي. والحمد لله على
كل حال. أخيرًا: عذرًا فقد قلت على لسانك هذه الأبيات:
مرحومٍ يا نجمٍ تلالا
وتعلّى
مرحومٍ يا روحٍ بروحي
يطِيفي
العام عيني من جمالك
تملّى
واليوم دمعي في ثيابك
ذريفي
عليك خوفي في زمان
تولّى
واليوم ما موت لغيرك
يخيفي
لوكان عبدٍ على عمره
يولّى
لا شكّ عمري لوجد روحي
بضيفي
دوم اتريقد علّ طيفك
يِطِلّا
وانْعَم بشوفك لو بحلم
كِسِيفِي
يا قلبي اصبر وبعد
نورة تسَلّى
لا شكّ عيشٍ بعد عيشك
كليفي
.................
«كيف النداوي»
عِزِّي لقلبٍ لوّعَتْه
المقادير
ما هو بعَلَى فرقى
المواليف قاوي
سلامٍ أعذى من طلول
النواوير
في خايعٍ ما داج فيه
المعاوي
هبت نسايم نجدنا بالتباشير
ريح الخزامى والعرارة
يداوي
زعَجْت صوتي يا سليل
المناعير
يا صامل الهدّات يوم
اللقاوي
ما رَفّ جفنك كيد حمر
الطوابير
والهقوة انك فوق ذيك
الهقاوي
عطني جوابك في كثير
التفاكير
لا عاف راسه طيّبات
القهاوي
تلهب عظامه صارمات
المناشير
وتصلى فواده مزعجات
الشقاوي
لولا يقينه بالفرج
والتدابير
كان النهاية مثل موت
العطاوي
يشوف صَلْوَ الحرب
طال المغاوير
ما كنكنوا لا يبس ريق
الهواوي
هي السعادة في دلال
مباهير
خَطْوَ العرين اللي
نَخَلْه متساوي؟
والا السعادة في نياقٍ
مغاتير
في عِبْلةٍ ما قلقلوها
الشواوي؟
والا السعادة في جيادٍ
مظامير
خيلٍ عرايب مطربات
الشفاوي؟
والا السعادة في حبارٍ
مذاعير
لهدّف القرناس ما هوب
ياوي؟
والا السعادة مع شباب
مسافير
رفقة نِقَى والطِّيْب
معهم يخاوي؟
والا السعادة في مسيلٍ
بغادير
تُرْبِهْ عَذِيْ في
جَرْهِدِيٍّ خلاوي؟
والا السعادة في حنين
المواطير
عَشِّقْ دِبَل والا
فياجراً سماوي؟
والا السعادة في القصور
المظاهير
مع الغَضِي في مستراح
النداوي؟
والا السعادة في الحريم
المجاوير
قرّات عينٍ ضافيات
الغطاوي؟
والا السعادة في قدوم
المسايير
رِكْزَتْ عصاهم عند
بابٍ حفاوي؟
والا السعادة عند راع
المناكير
دربه حرامٍ غارقٍ في
البلاوي؟
والا السعادة في طراد
الغنادير
حبايل الشيطان والشر
ناوي؟
والا السعادة في غَنَاةَ
المعاسير
يسرح بدون أزواد والخير
ضاوي؟
والا السعادة في جهاد
الطوابير
ضرب الرصاص معجلات
المثاوي؟
والا السعادة عند نثر
المعاذير
في سجدةٍ بالليل وقت
الشكاوي؟
دوِّرْ عليها في صحيح
التفاسير
وعجّل بردك يا صريح
العزاوي
.................
«فِلَّ الحجاج»
١\٢\١٤٢٨
ليا ضاق صدري وقلبي
من الحزن هاجي
قمت اتعبّر واسوق ابيات
واهديها
أشوف حزنك يالغلا دوم
منساجي
واصبح خريف العمر يجلب
طواريها
بِشَّ الجميل وفلّ
منك الحجاجي
دنياك ياغالي فانيتن
حلاويها
دنياك لو تلبسك سيفين
مع تاجي
مع النخل والحدايق
في مساقيها
مع داعج العين وخصره
كنّه العاجي
سَودا الذوايب على
دلّ يحلّيها
مهي بكفوٍ لحزن منك
وهّاجي
لو نصف ساعة محدّرةٍ
هقاويها
من خالط الناس بيذوق
التلعّاجي
ما به سلامات لو انّك
تداريها
بعض البشر لا نظرته
طبّ وعلاجي
وبعض النفوس الثقيلة
سمّ عانيها
والعبد ليا سلْم دينه
عندنا ناجي
ولو فارق الناس مبغضها
ومغليها
مير الغبن لاصبح الميزان
محتاجي
واقفت وفود الكريم
وخاب راجيها
يومٍ من الألف منهم
واحدٍ ناجي
يا الله طلبتك بلّ
اكبادنا فيها
...........
«سر يا نديبي»
٤ / ١٤٣٦
سلام واسترحام للراحلينا
ومثله مع استغفار للّي
عنيناه
يا راكبَ اللي في نَحَرْهَا
الحَنينا
سوّاقها في البِيد
حُرٍّ خبرناه
يطوي سفرها طيِّ برقٍ
يبِينا
ليلٍ طويلٍ للمعنّى
سريناه
أصبِح على مرقاب شيخَ
القِطِينا
وازعَج بعالي الصوت
يا اللي زهمناه
قل له ترانا من عناكم
عنينا
واللي بلاكم في الضماير
حويناه
لو الله اللي باح منّا
الوِنِينا
ولَا عَاد في المكنون
سرٍّ قويناه
اشوف لي دخّان يا
السالمينا
وجمرٍ يزيدِ اشعال
لاهل المعاناة
النار تحت السّاس يا
الغافلينا
ما رمّدت مِن شَبِّ
ناسٍ بتكناه
الحرب فاوّلْ شانها
كلمتِينا
هرجة سفيهٍ واثمرت
ما جنيناه
والعين للرجّال شورٍ
تعينا
عِزّي لقومٍ راسهم
ما دريناه
إن كان للعِقّال دِينٍ
يِزِينا
كبيرهم ما خاب منهم
بدنياه
رايِهْ على الروس الكبيرة
رِكِينا
قَدْرِه على كثر التجارب
عرفناه
قل له ترى المنعور
صاف الجِبِينا
يطلب وحنّا بالمواجب
شفيناه
أعوذ بالمولى من امرٍ
يجينا
باسباب قطعٍ للمواصَل
سمعناه
البارحة يا طيب جوّك
علينا
واليوم يا الملهود
سرّك فهمناه
يا ما حكوا بالطيب
وياما حكينا
وهرج الزلايب بالقفا
ما طلبناه
ما جاش في الخاطر بفعلك
يِبِينا
يا ما بلعنا مِن خَطَاك
ودفَنَّاه
ويا ما طوارٍ في الضّماير
وطَينا
باسباب وصلٍ في القرايب
بِليناه
فرقى القرايب شاب منها
الجِنينا
ذنبٍ وحربٍ من سقاها
بيسقاه
جاكم رسول ابليس يا
العارفينا
دلّك على ساس الرّدَى
خبثِ مَجْنَاه
من لبس ثوبٍ للخيانة
يِبِينا
ومن قبلكم جرّ الفحل
فِعْلِ يمناه
طارت به الغربان يَمَّ
السّخينا
ومن صاحب الانذال معهم
حَرَيْناه
الوجه الاصبح للقرايب
يِلِينا
والقلب الاسود بالنميمة
كشفناه
والعُود الازرق بالسّماحة
شرينا
والسيف الاملح للمعادي
ذخرناه
والفعل الابلج بالجمايل
يِعِينا
والمكر الاكبر بالفشيلة
خبرناه
سلّم على من بالصّمد
يستعينا
ولا مدِّ للمخلوقٍ
يِمْنًى بتشناه
يصبر ويصلِح كلّ وقتٍ
وحينا
ما يفترق عنده بعيدٍ
عن ادناه
يفقع بفعله نونِ عينَ
اللِّعِينا
ويُحمد بفضله لين كلّ
تمنّاه
يصلِحْ بحِكمَه بالهدى
مستبينا
ويحتسب لله كواسير
مبناه
ربٍّ كريمٍ رازقٍ للجنينا
ومن لاذ بالوهّاب يبشر
بمغناه
من خاف ربّ البيت يا
المسلمينا
يمسي ويصبح في البشاير
بحسناه
مِدُّوا يديكم يا عرب
ذي يدينا
جرحٍ قديمٍ يا النّشامى
كويناه
وامشوا عدالٍ سِكّةَ
الغانمينا
يا زارع المعروف بكره
بتجناه
وازكى صلاةٍ عِدِّ
مَرِّ السِّنِينا
على رسولٍ بالمحبّة
صحبناه
............................
ريم الفلا ـ رحيل
في أوائل عام (١٤٢٢) كان العم: سليمان بن
محمد الدميجي رحمه الله تعالى نازلًا أمريكا للاستشفاء والعلاج، وكنت على اتصال به، ثم
تلف الجوال، وانشغلت عنه شيئا، فأرسل لي ابنه عمر أبو ريم - وكان في معيّته - عتبًا
رقيقا كأن عمي قد استبطأني، وكان رحمه الله تعالى واسع الصدر، عظيم الحلم، وافر العقل،
رحمه الله تعالى، وأمطر قبره شآبيب رحماته، فبعثت له أسلّيه بقصيدة
(ريم الفلا) فلاقت استحسانه، وحفظ بعض أبياتها، وأوصى بالمزيد، ثم كتب إليّ بقصيدة
وقال: إنها أولى وآخر قصائده وهي بعنوان (مهيضة الأشجان) ومنها:
وانا مشتاق
لوميمتي بالحيل بالحيل
الله يردنّي لها
سالم وتِرْجِهِنّه
واقبّلْ كفوفها
وخشيمها الزّين
واكحّل عيوني
بشوفها ويا سعدهنّه
ثم لم يلبث قليلًا حتى مات، ولحق أباه وعمّه وأهله الأموات، نسأل
الله تعالى أن يجمعنا بهم ووالدينا وأهلينا وأقاربنا وأحبابنا وإخواننا المسلمين والمسلمات
في جنات النعيم، إنه هو البر الرحيم العفو الغفور. فلما رحل كتبت (رحيل).
«ريم الفلا»
28/ 2/ 1422
يا ريم يا مزيونة الخدِّ
والعين
يا ريم لا تِبكِين
خالك وداعة
وش جاك يا ريمه علامك
تونّين
اقري عليّ خطٍّ كثير
البراعة
يا ريم دلّيني على
ابوك ذا الحين
ووصّلي خطّي زعول القطاعة
يا صاحبي ما لي من
العذر تبيين
ولا عندي غير الهمّ
وقلّ السناعة
ما قصدي هجر ولا نويت
التهاوين
ومجرّد التفكير فيها
بشاعة
عمّي غلاته من
زمانٍ وذا الحين
يا كثر شوقي للغلا
واجتماعه
يا كثر تقصيري من شهور
وسنين
والمشتكى لله في
كلّ ساعة
هذاك عمّي خَذْ من
الصبر حظّين
ومن نافسه في الحلم
ظفّف شراعه
الله يعوضه بالرّضا
والبساتين
في جنة الفردوس دار
الرفاعة
يا عمّ صبرك والمقادير
بتزين
باذن الولي سُقمِك
ثوابٍ وطاعة
دنيا النكد ما تسوى
لو نظرة العَين
والرابح اللي باعها
بالبضاعة
بضاعة الرحمن دارٍ
بها العِين
وانهار خمر وغيرها
من متاعه
يا الله غوثك يا مغيث
المحيلين
ويا كاشف البلوى توَمِّنْ
مَرَاعه
يا من شفيت ايوب عقب
الطواعين
تشفي مريض طال عنا
انقطاعه
في الرياض ربعه ذاقوا
الهمِّ والبِين
وأم الجميع تمدّ كفّ
الضراعة
يا رب واحبابه من اجله
حزينين
هو الحبيب اللي يا
زين اجتماعه
وصلاة ربي عدّ اذان
المواذين
على رسولٍ فوزنا في
اتّباعه
.........
«رحيل»
4/ 10/ 1422
الحمد لله كلّ ما
دِرْسِت قبور
والحمد
لله طول ما مرّت ازمان
الحمد للي مِنزلٍ سورة
النور
ربٍّ لطيفٍ بالمخاليق
رحمان
الحمد للي قدّر الـكون
في دور
لو دامت الدنيا بقى
سِيد عدنان
نشكي على الله حزنِ
ضاقت به صدور
يا الله فرّجْ كربةٍ
زادت احزان
مِن صابته فرقا المنايا
ترى الشّور
عليه يذكر فَقْدَة
اغلى من اخوان
يا الله يا عالِم مكاشيف
وستور
ارحم ضعیفٍ جاك ضاقت
به اکفان
أنهكته امراضه من
ازمان ودهور
منها طواعينٍ يثيرِنّ
الاشجان
أمطِرْ سحايب رحمتك
ذيك القبور
ولمعالي الفردوس عبدك
سليمان
يا الله نوّر قبره
انعام وسرور
واجعله روضة من بساتين
وجنان
آمين يا ربٍّ
خَلَق حاجب النور
لو يكشفه حرَّقْ مِن
أنواره اكوان
يا عين هلّي دمعك سنين
وشهور
وليا قضى دمعك ترى
تعينك اجفان
رحل حليمٍ بين الاجواد
مذكور
رحل حكيمٍ
في العليّا له اركان
راح الرِّضِيّ الّي
تلذّذ بمقدور
انا اشهد انه نادرٍ
بين الاقران
رحل حنونٍ بين الأفذاذ
مشهور
يبكيه جيران وبالحيل يتمان
رحل صبورٍ في المِلمّات
مشكور
يا واعساه من المخاليق
ربحان
کم دمعة سالت على خدّ
مكسور
تبكي حبايب في العلَيّا
وحوقان
يبكيه قلبي قبل عيني
من شعور
ابكي ولا ادري والحشا
صار حرقان
تبكيه تَرْفَات الصبايا
من خدور
ومن لا بكى غاليه ما
للوفى صان
يا كثر بُغضه للنصارى
من بكور
لا عادت امريكا ولا
عاد يرفان
من لام ابو فيصل على
بكاه مثبور
من عاب دمع العين غلطان
غلطان
يا غالي اصبر والبشاير بميسور
وامسك خفوقٍ بالحشا
لَوْ بِه اطعان
الحمد للي نعمته دايم
بحُور
ومِن يعتصم بالله يبشر
بجبران
أوصيك لا تنسى مصيره
ترى الدور
لا بد ياصل وان تعدّاك
لفلان
يطردنا موتٍ طردةَ
الليل للنور
والعمر ساعاتٍ تِسَابَق
بنقصان
الرابح اللي دايمٍ
يبذل مهور
يسترخص الدنيا
طموعٍ برضوان
واما الشقي يلهث بدنياه
مسعور
مسكين والله ما لقى
غير خُسران
غرّه شبابٍ بالأمل
صار مخمور
ما يعتبر بفراق خلّان
واخوان
يمشي ورا الدنيا صريعٍ
ومسحور
ما اصغرك يا دار النكايد
والاحزان
العاقل ادنى هِمّته
ضَمَّةَ الحُور
بجنان عدن وفِكْرِته
دوم في شان
حوريّة فيها الحسن
جاك منثور
ریّانةٍ تشفي عليلٍ
وظميان
مِن كَثرِ صومه يبشر
بلثمة ثغور
ومن يسكب العبرات يبشر
بغفران
الزم صلاة الليل تَقْدَحْ
لك النور
في ظلمة الاجداث لا
صرت ورطان
داوم على التسبيح يِبنى
لك قصور
ومن يطلب التقوى يزيَّن
بالايمان
احذر من الغفلة ترى
القلب معمور
ما دِمت دايمْ ذكرِ
في سرّ وإعلان
الموت وان بَدَّا حبايبك
بيزور
يا الله غوثك يوم بالرّيق
شرقان
لحظتها تظهر حسرتي
كنت مغرور
ما تنفع الزّفرات دام
القضى حان
هذا يصيح فلان لا باس
ماجور
وهذا يمشّ دموع سالت
على اجفان
وهذي شفوقٍ لاجلها
الفِهْرِ مكسور
من شافها ذابت حناياه
حزنان
تقول ودُّوا خِلّكُم
يَمّ دكتور
والموت ينشر فوقنا
ذيك الاكفان
يا الله عساها اكفان
من طِيب وكافور
من جنَّة الفردوس رَوحٍ
ورَيحان
أبا اطلبك ربّي نجاتي
من شرور
يا الله لا تَصْلَى
عظامي بنيران
يا الله يا ربّي عسى
الذنب مغفور
ما خاب مِن حَسَّنْ
ظنونه برحمان
يعلم خفايانا ولا دونه
ستور
ربٍّ عظيمٍ خالقٍ كلَّ
الاكوان
مِن داج فكره في السّما
عاد مبهور
سبحان رافع سَمْكهَا
دون عمدان
منهو استعدّ للزلزلة
والسّما تمور
مِن يفتكر في اهوالها
صار يقظان
اللي تَعَلّمْ شرعِ
ما عيونه تعُور
العلم نورٍ في الفيافي
والاوطان
دنياك بلوىً فوقها
كتاب منشور
دارٍ ممرٍّ لا
مقرٍّ لسكّان
يا عزوتي بتشرَهْ عليّه
وبتثور
والله ما الومك ولا
اقول غلطان
بتقول ما مثلك لصاحِبْهِ
بيشور
ابدا بنفسك والخلل
منك قد بان
أَنصَحْ وانا قلبي
من الذنب مخفور
أنصَحْ وانا كلّي
عيوب ونقصان
يا سِعْد مِن يسبق
زمانه على ظهور
نجايبٍ تِدرك مسيرات
الاخوان
روحه على كفّه سعيدٍ
ومسرور
يقول وين اقرب طريقٍ
مِن جنان
يرمي شعيلَ النار ويصوّب
ظهور
في ساعةٍ صارت لهيبٍ
ودخّان
عِزِّه بدينه ما هو
بالجهل مدمور
ما همّه اصله من تميمٍ
وقحطان
مع رفقةٍ سالت دماهم
على نحور
والموعد اعلى جَنَّةٍ
عند منّان
هَمِّه جهادٍ ما هو
بالظلم والجور
القلب جامد لو لحاله
بلا أعوان
ما هو برعديدٍ وعَزْمَاته
تخور
يا طير شلوى حَذْرُكُم
قصِّ جنحان
يا عمر فزت بخوّتك
بدرَ البدور
يا ليتني مثلك تعنّيت
نشوان
نويت بذل الكبد للعَود
مشكور
ولا هيْ بكثيرْ وحقّه
اعلى ولو كان
يا زِين فِعْل عمر
ويا طِيْب ذا الشّور
كلّش يهون ووالده راح
ما هان
يا بوي لا تبكي وَرَى
القلبِ مفطور
ويقول لا والله اببكي
سليمان
أحسن عزاك الله ويا
شيخ معذور
في تركتك عكفتك يوم
العصر حان
يا بوي لا تبكي ترى
الرُّوح مشطور
والصّبر منّي ضاع والعزمِ
قد خان
يرحمك يا صقرٍ قِفَى
جِمْلة صقور
يا لله واجعل منزله
ذات الافنان
يا ربّ آنِسْ وَحْشته
بين القبور
وارحم عظامٍ طالما
لبّت آذان
واجعل يمينه تاخذ كتاب
مسطور
واكرم ضيافة مسلمٍ
صابَر ازمان
يا ربّ واجعل سرعته
برقِ في عبور
صراطِ تحته جمرِ يَلْهَب
بنيران
أمِّنْ فزعنا ربِّ
لا نِفخِ في الصُّور
وعطنا صحايفنا بِيَاضٍ
بالايْمَان
كم في المقابر فاجرٍ
ناره تفور
وكم من سعيدٍ بين روضة
وبستان
وصلاة ربّي عدّ قطرات
البحور
وعداد ما كَمْلَ البدر
عقبِ نقصان
وعداد ما رملٍ على
الارض منثور
وعداد وبلَ الغيث سيلي
وهتّان
على حبيبٍ سنّته كلّها
نور
عليه من ربّه سلامٍ
ورضوان
...................
"افرح بشوفك"
أفرح بشوفك فرحة عمر
بالضيف
لاجا المسَيِّر هَشّْ
منه الحجاجي
يطرب لضيفه طربةَ العُود
للكيف
يذبح سمينٍ مهو بيذبح
دجاجي
ما يكفي الدفتر لو
بغينا التواصيف
مَيّهْ قراح ما اختلط
به هماجي
...............
«انتهض»
إلى مِتى يا زيد هجر التّكاليف
حتّى متى والرّوح تتبع جسدها
ما تستوي والقاع رووس المشاريف
واللي يحبّ الطِّيْب نفسِه فَرَدْهَا
........
«مواريث»
ما قطّع الارحام مثل
المواريث
لامِن تأخّرْ قَسْمَهَا
بين أهلها
إنْ طالت المدة تحرّوا
مكاريث
بفتح بابٍ للمفرِّق
شَعَلها
ويِدخِلَ الشيطان جنده
محاريث
لطْغَان ناسٍ هِمِّتِه
في خَمَلْها
يبدَع له اقوالٍ وينقل
لَاحَاديث
ويطير ظنّْ انّ الكبير
انتهبها
وش ذنبْ ناسٍ طولَ
امَدْهُم ملابيث
هذا يتيم وهذي حُرمَة
مِطَلْهَا
الظالم وخصمه تراهم
مباعيث
في يومْ تُوخَذْ كلّ
نفسِ بعملها
الناس عند الورثْ سواةَ
المغاليث
ما كنّ عدلِه كلّ نفسٍ
شِمَلْها!
.............................
"أصدق
وأكذب"
أعذَبْ قصيدَ العرب
في المراثي
واكذب قصيد العرب في
مديحها
واصدق قصيد العرب في
الوصايا
وانْعَم قصيد العرب
في غزيلها
................................
"عزّاه"
ارْخَ الرّسن يا صاحب
الخيل برفوق
مهرتك يا قلب المعنّى
جموحي
لي عزةٍ تِطفي لهيب
احمر الشوق
ماني بعَلى طرد المقفّي
لحوحي
آطِي على قلبٍ كسير
ومحروق
واطوي على عوج الحنايا
طموحي
حتى لو القى الجمر
في محّة المُوق
لَرَدِّد العين العزيزة
تبوحي
اعزّي الشوق بخيالٍ
يجي ذوق
عينٍ على فرقى المحبة
سفوحي
واروّح النفس الحزينة
من العوق
روحي على ذكر المودة
تنوحي
عزاه يا قلب يتوق اعظم
التَّوق
يا صاحبي خلك علينا
سموحي
غضّ النّهد يفداه من
يلبس الطوق
لو كان بالوصل المحبّب
شحوحي
ما شفت مثله في البريّات
مخلوق
خدًّه كما برقٍ شعاعه
يلوحي
لولا الحيا والدين
سقت القدم سوق
وافادي النفس العزيزة
بروحي
واشكي لواعجْ في المحبة
لمعشوق
حيث المواصل بلسمٍ
للجروحي
مير اذكره ربٍّ نهاني
عن البوق
ابغَى المواصَل بالحلال
النصوحي
الفالح الي من خطاياه
معتوق
ربي حفظ لي سلعتي لا
تروحي
ارجِي عسى الله يكتبه
لا ارتَحَل فوق
لا ضاعت الهقوة بعينٍ
تفوحي
..............................
عزاء - المرثية - مرّيت
يختلط في صدري الشعبي بالفصيح، والطريف بالمليح،
والتليد بالجديد، فلا أملك حينها إلا أن أترك لخيل الشعر ميدانها، فإن
فاز الفصيح ببيت القصيد - وهو البيت الذي تبنى عليه القصيدة، ويكون غالباً في
أوّلها ـ فهو فصيح، وإلا فشعبي وليس هو الأحبّ لدي .. ولكن لا خيار!
فللنفس نوافذها.
وهذه القصائد الثلاث "راح المطوّع"،
و"جيت المقابر"، "ومرّيت"، كلها في الفقيد الجَدّ الشيخ: محمد بن سليمان الدميجي (1331 - 1415) رحمه
الله تعالى، وهو المشهور بـ(المطوّع)، رحمة الله تعالى السابغة عليه.وقد كانت
وفاته في 15/ 11/ 1415
«راح المطوّع»
يَا بوي انا قلبي كبارٍ
بلاويه
والنفس منِّي تِبَحَّثْ
خَفَاهَا
والفكرِ ما يفترْ يهوجس
بتاليه
والناس مالي رغبةٍ
فِي لِقَاهَا
يغيب نجمٍ والحشايا
تراعيه
وتغيب شمسٍ يا كثر
مِن بِكَاهَا
راحَ المطوَّع واغربت
شمس اياديه
والناس من عقبه تزايد
خَطَاهَا
يبكيه محرابه وتبكي
سواريه
والكتب تفقد مِن جمعها
وَقَرَاهَا
يرحمك ربي يا بَعَد
كلّ ما احويه
ويرفعك للفردوس ربٍّ
بَنَاهَا
.........
ومما قلته في 26/ 2/ 1420بعد زيارتي لقبره
بعد وفاته بنحو أربع سنين:
"جيت المقابر"
جِيتَ المقابر ليلةٍ
ساعةَ امسيت
عسى العروق الّي بقلبي
تخافي
يا اهل القبور الدّارسة
ما تهنّيت
عِزّي لمن ضاقت عليه
الفيافي
كم روضةٍ تحت القدم
قد توطّيت
ويا هول ما بَسْمَع
ميرَ الله يعافي
وقفْت والخاطر يقول
انّي ابطيت
سلام يا مطوّع لو الله
البلا فيّ
يا ليتني ذا الوقت
للعين ما ارخيت
شفت النّصايب فوقها
ذا السوافي
سلام يا مطوّع لو انك
بعد ميْت
يا الله نَعِّم ذا
العظام الرّهافي
يا ربّ وسّع مدخله
وانزله بيت
في جنة الفردوس فانت
المكافي
ارحمه يا رحمن يا والي
البيت
يا ربّ حنّا لك عبيدٍ
ضعافي
يا بوي ما تسمع كثير
التناهيت
والنوم من عيني تجافَى
تجافِي
لو كان بالمنوة مِن
اوّل تمنّيت
بفديك من سيف الاجل
ذا الموافي
مير العمر ما فيه فِدْوَة
وتفويت
كلٍّ لقبره متّجِه
ومتقافي
وصلاة ربّي عِدّ ما
دفنِ من ميْت
على رسولٍ بلّغ الخير
ضافي
.......
ومما قلته بعدما رأيت
باب بيته مقفلًا بعد رحيله:
"مريت"
مرّيت قصرٍ يَمْ حوقان
مبنيّ
شفت السلاسل فوقها
سود الاقفال
يا سامعٍ صوتي وَرَا
البيت مطفيّ
يا شين ذا الظَّلْما
عقب طِيبَ الاحوال
أوّل مراح الشايب الّي
بعد حيّ
غاب الدميجي والعَلَم
خلّف عيال
ما مات من مثله ولا
هو بمنسيّ
ولا يذكره بالخير غير
طيب الفال
..........
«يسقيك»
25/ 4/ 1422
«يسقيك» في رثاء الجدّ الشيخ: عمر بن سليمان الدميجي رحمه الله تعالى (1337 – 1422)، وكثيراً ما تتهادى أبياتها على قلبي بلا استئذان،
وحُقَ لها، فلا ألفي الفؤاد إلّا مُلقًى على سفوح هذه القصيدة يشدوا بها ملوّعًا باكيًا،
فرحمة الله السابغة على الفقيد.
يسقيك يا قبرٍ حَوَى
ابوي مدفون
يسقيك رحماتٍ كثيرٍ
عَدَدْهَا
ويسقيك مغفرةٍ بها
ذنوبك تهون
ويكرمك بالفردوس ربٍّ
خَلَقْهَا
يرحمك ربي يا بعد كلّ
مضنون
سبحانه ارحم من رحوم
بولدها
يا يُمْ عَلَى كفوفك
ثُوَى ابوي مرهون
يا سعد يمناك بحبيبٍ
وسَدْهَا
ما الوم ابو صالح ليا
طال محزون
ولْيَا بكى مثل اليتيم
ونَهَجْهَا
وما الومِ ماضي لا
ثُوَى مثلِ مطعون
يذكر رفيقٍ للعبادة
عَلَقْهَا
للناس حالاتٍ بها الدّمّ
يبكون
لا شك فرقاهم مقدّم
سببها
كم من صحيبٍ من عطاياه
ممنون
وكم مسلم يذكر كروبٍ
كشفها
وكم من جياع للمخاريف
يَمْلون
وكم من دلالٍ بِنَّهَا
قد حَرَقْهَا
ببكيه يا محمد ولو
قيل مجنون
ولا نِي بجزوع للشريعة
تركها
يا اللي تِدَلُونه
في مَلْحَدْهِ تكفون
ويا من تصفّ اللبن
ويا من جلبها
ويا اللي من احبابه
جونا يعزّون
ادعوا إله الناس ربٍّ
فطرها
ادعوه بالفردوس يا
للي بتدعون
یا الله یا سامع خفيها
وعلنها
يا لله عسى جَدِّي
من اللي يِنَجُّون
من جاحِمٍ يِحرق من
بعيد سَعَرْهَا
يا الله نوّر مَلْحِدٍ
منه مسكون
يا ربّ عافه من جحيم
رهبها
تبكيه بِلْدٍ حالِهَا
صار في دُون
والنُّوق تفقد من سقاها
وحلبها
ويبكيه ربعٍ جونا في
الليل يدعُون
وضلوعهم هشّمْ بكاهم
عوجها
ما الومهم ودّعْ رفيقٍ
يحبّون
أنا اشهد انّه للمحبة
زَرَعْهَا
يا اللي بدنياكم تبيعون
وتشرون
الموت مقبل كم آمالٍ
هدمها
المقبرة نادت عساكم
تِحِسُّون
وش زادكم يا من ذكرتم
لَحَدْهَا
دربٍ طويلٍ ما يَبَى
الكَود والهون
وجنان ربّي فايزٍ
مِنْ عَمَرْهَا
ما ينتفع بالموعظة
كلّ مفتون
مسكينِ غرقانٍ بدنيا
عَلَقْهَا
تلقى حَصِيلَاتِه من
الدُّون للدُّون
ضيّع صلاته والرجولة
حَلَقْهَا
يا الّي تناسيتم تراكم
بتقفون
وتنسونِ دارٍ سِمّها
مِن هزلها
هدّام لذَّاتٍ فيا
ربّي العَون
ما يبصرَ الغيّاتِ
غِرٍّ صَحَبْهَا
الدرب ماشي والعرب
عنه يغفلون
يا غافل انْبَه داركم
بيهجدها
دارٍ بها ناسٍ بالاعمال
يسعون
والاخرى دارٍ للسعيد
ثمرتها
يا رايحين الآخرة
لا تَلَهّون
لا بدّ ما تِنْسَى
السنين وسَعَدْهَا
بيجيك حتفك مسرعٍ
والّا بالهَون
يا عاقل اذكر جثّتك
في نعشها
الموت يلقاكم ولا عنه
تدرون
یا نایمین اصحوا قبل
اصعقتها
وصلاة ربي عِدّ ما
هَلَّت مزون
ولَاحَتْ بروقٍ وارهجَتْ
مِن رعدها
وعداد ما هلّوا
حجيجٍ يِلَبّون
وهبّتْ هبوبٍ مِن شمال
ويِمَنْهَا
على رسولٍ بَلَّغ الدّر
مكنون
شريعةٍ يا فوز منهو
سلَكْهَا
...............
"يا
ثابت"
في عشية 17/ 6/ 1423 كنتُ أدهدِه بِكري
ذي الأربعة أشهر، وأُرقّصه وأرفعه نحو السماء لصغر سنِه وجسده، وبراءة قلبه وعينيه،
وأقول منشدًا:
یا ثابت اثبت على الاسلام
والدِّينِ
واحذر دروب المعاصي
لا تقاربها
أربع شهور هي عمرك
يا نظر عيني
ما دري تتمّ السنة
ولا تروح بها
يا بوك وان طال عمرك
عدّة سنين
كاس المنيّة
لا بدّ الرّاس شارِبْهَا
خلّك شجاعٍ وقَرْمٍ
يا هوى الزّينِ
حذراك تجزع وان كان
جاك لاهبها
ترى الشّجاعة تسرّ
الروح وتعين
واما الرّخامة يداس
بخشم صاحبها
احفظ وصاتي وحذرك تخسر
الدّين
والجنة العالية
علّك تفوز بها
.....
"مناغاة الطفولة"
17/ 7/ 1423
یا ثابت يا حبيب الروح
لا تبكي على شاني
أحبك يا لطيف الروح
وحبك ياكل فوادي
لا شفتك تضحك استانس
وفيكم ينشرح بالي
ولا قطبت ذا الحجان
ضاق الصدر يا مرادي
يزول الهمّ وينسى الغم
وكل الشر ينجالي
إذا ضميتك لصدري واشوفك
تضحك تنادي
عسى ربي يحط اسمك مع
اهل السلسل الحالي
ويرضى عنك ويحبك ويزيدك
لطف واسعادي
........
معجبة ( منقطعة الدفاتر)
23/ 5/ ١٤٢٣
(معجبة) لا يجهلها كبار السن في الخرمة، فقد
كانت حديقة غنّاء، وجنّة فيحاء، فيها النخل باسقات ظليلات، بالثمار طيبات، طلعها هضيم، وتمرها
نضيد، مُدهامّة بالأغصان والظِّلال، زعموا أن الطير إذا طار من جهة لم يخرج إلّا من الجهة الأخرى لالتفاف أغصانها، وفيها زروع
تروق الناظرين، وتؤنس المشتاقين، يتصدّرُها قصرٌ شامخٌ أشمّ، لطالما أُكرم
فيه الكرماء بكلّ أنواع الكرم لحمًا وشحمًا ولبنًا وتمرًا وبُرًّا، وفوق ذا
مُحيًّا باسم مُشرق وضّاح. وقد كان صاحبها يلقبها بمقطعة الدفاتر
لأنها تقضي بإذن الله كل عام ديونه لدى التجار.
لقد كان بستان معجبة مطعمًا ومشربًا للفقراء
والمحتاجين، وإذا أقبل وقت الجَذاذ (الصَّرَام) تكاثرت في جنباتها العشش والخيام،
ليأخذوا ما كتبه الله لهم من رزق وأسباب حياة كريمة هنيئة مريئة، فقد سهّل الله لهم ذلـك حـيـث
جـعـل صـاحبها الجدّ: سليمان بن صالح الدميجي رحمه الله تعالى، ومِن بعده أولاده محمد وعمر مِن أكرم الناس، ومِن أحبّهم للبذل
والهديّة والصدقة والضيافة، رحمة الله على الجميع. ولكن لكلّ بداية نهاية،
ولكلّ حياة مَوَات، ولكلّ عمرٍ وفاة، أبى الله تعالى البقاء إلّا له سبحانه،
فقد كتب الفناء على كل شيء، (كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام)، (كل شيء هالك إلا وجهه). سنة الله تعالى في خلقه. قال أنس رضي الله
عنه: كانَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ناقَةٌ تُسَمَّى العَضْباءَ، لا تُسْبَقُ،
فَجاءَ أعْرابِيٌّ علَى قَعُودٍ فَسَبَقَها، فَشَقَّ ذلكَ علَى المُسْلِمِينَ حتَّى
عَرَفَهُ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: «حَقٌّ علَى اللَّهِ أنْ لا يَرْتَفِعَ شيءٌ
مِنَ الدُّنْيا إلَّا وضَعَهُ». رواه البخاري (2872). وأما معجبة فقد حلّ بها الخراب، وطالها التدمير، كأن
لم يكن بها يومًا منادٍ ومجيبٌ، وطارفٌ وتليدٌ! والحمد الله العزيز الحميد.
وفي إحدى الجُمَعِ من شهر جمادى الأولى من
ذلك العام رافقت الأخ: خالد بن عبد الله بن عمر حفظه الله
تعالى، وليس لي بمعجبة عهد إلّا حياتها وجمالها وروعتها ونضارتها وخضرتها،
فلما أقبلنا عليها راعني مشهدُ خَرَابها، واندثار جمالها، فمشهد موت النخيل وانجعافها
وبترها وسقوطها فيه من مشهد موت الأناسي! فلما أفقت من صدمة المشهد قلت باكيًا:
طَارَ الكَرى والخفوق
اليوم مرتاعي
والرّوح بتفارق الجثمان
مفجوعة
يا خالد افديك ما صدّقت
ذا النّاعي
قال النّخل شَوف
عينك تِلَّت جذوعه
قمت اتهشّم واهلّ الدّمع
ملتاعي
يوم قاطعةْ دفتر الدّيّان مقطوعة
يا معجبة وين عِزّك
اللي ينشاعـي
يا قرّة العين تِلّ
القلب مِن قوعه
كم من ضعيف يقول القصر
مهزاعي
لا داج في معجبة راح
الظّما وجوعه
تنصاك ناس عَكَفْها
الوقت جيّاعي
لا قيّض الحَرِّ صِرتي
فيه ينبوعه
لا صَدَّرَوا حَمَّلُوا
من تمرك اشباعي
يا الله جزاء الآخرة
في جنان مرفوعة
المشتكى للذي ما عنه
مفزاعي
يا الله رحمتك لاهل
القصر وربوعه
يا قصر وين اختك اللي
تِثْقِل الصّاعى
قال امّكم زارها طويل
مذروعه
وتقول عقب الاحبة عفت
ذا القاعي
راحوا قِطيني وكلٍّ
يلحق ربوعه
هذي هي الدّار ما تبقى
لِجَمّاعِي
من طال عمره لا بدّ
الموت بيصوعه
عشنا وشفنا وصار املنا
خَدَّاعي
ما كن عُمري بطول سنينه
اسبوعه
يا قَصْرِنا وين
عزّك جالك الدّاعي
اقفيت عنّا وصرت اخبار
مجموعة
يا ما درج فيك من نشميّ
مطاعي
ويا ما من احسان منه
الروس مرفوعة
كم خَيِّر وخَيِّرَةً
يوم عِزَّكُم ذاعي
عاشوا زمان الهنا واحقاد
منزوعة
يا ما حلا نغمة الترتيل
والدّاعي
يا ما سجد مسلم يسقيك
بدموعه
ورى «المِجَبَّب» مع
«سحيران» صِدَّاعي
و«مرَبَّعَة» تذكر
الخلّان مجزوعة
«مصباحنا» و«العلالي»
فيه مهجاعي
و«عشاشِ» فيها الطرايف
دوم مبدوعة
مع «غَمْيَة التّمر»
يا حلو اللي ينباعي
ومن يطلب الزاد ما
هي بممنوعة
كَرَم وطيبة وحسن اخلاق
ما تباعي
اخلاقهم فطرةٍ ما هي
بمصنوعة
عسى خبر هدَّكُم مِن
كذبة السّاعي
يا شين حوقان كَانِه
هِدِّ مِن قوعه
يا قصرنا قِدْمِنا
السكران ملتاعي
قام يتوجّد ويقول ابيات
مسموعة
يا سامع النصح جعلك
بالعقل واعي
ما صاب ربعي بيجيك
منه قرطوعه
وين الجميلة لقطها
الموت بسراعي
حتى العرين العريض
يكسَّر فروعه
حذراك تتبع ضعيف
الدين منصاعي
ابا الفيت ما يفرق
الكرسوع من بوعه
يا صاحبي وين زادك
قرَّبَ الداعي
عساه بيعجلك لجنان
مزروعة
ساعتها كل امخبور منك
قد ضاعـي
لا حشرجت في الصدر
ثم حَنَّت ضلوعه
وصلاة ربي مع التسليم
للداعي
حتى النخل من حنينه
حَنَّت جذوعه
..........
«رسالة»
12/ 1418
(رسالة) كنت قديمًا مدرّسًا في الجديدة من قرى محافظة العلا - في منطقة المدينة النبوية
- حيث لا هاتف، ولا أسفلت، والماء شحيح، والبيداءُ قفرٌ أهلها مُسنِتُون، والمدرسة
في قرية على ضفاف وادي الحمض الكبير، واسمه التاريخي وادي إِضَم ويعتبر وادي الحمض مختلفاً عن جميع أودية تهامة
الأخرى حيث أنه الوادي الوحيد الذي لا يبدأ من الحافة الغربية لهضبة شبه الجزيرة العربية. إِضَم هو الوادي الذي فيه المدينة، يسمى من
عند المدينة القناة، ومن أعلى منها عند السد يسمى الشظاة، ومن الشظاة حتى البحر يسمى
إضماً، وسمي إضماً لانضمام السيول إليه. وكانت قريتنا الجديدة على ضفافه. وهي قرية صغيرة بحجمها كبيرة بمعانيها
ونبل أهاليها، فيكفي هذه القرية طيب سكانها، وكرم وفادتهم، وحسن معشرهم، وصدق ديانتهم - نحسبهم والله الحسيب ـ، وهذه
الرسالة كتبتها للجدة حصة بنت عبد الرحمن الرشيد (ت: 1428) رحمها
الله تعالى، وهي من النساء الشاعرات وقد دونت بعض شعرها، لكن هذه القصيدة وصلتها متأخّرة
فقد كانت قد عاهدت ربها ألّا تقول شعراً بعد ما سمعت شيخاً يذم الشعر في أحد الأشرطة، ثم يتلو آخر سورة الشعراء،
ولقد وفت عهدها وبرّت موعدتها، لذا لم أظفر منها برد شعري إذ قالت ضاحكة بعدها:
خليت الشعر يا وليدي.
يا الله طلبتك مزنةٍ
تبعد الياس
سيلٍ تحَدّر لين ضَكّ
المسيلة
يا ما حلا يا
صاحبي فَكّة اعماس
على طعوسٍ غاسلتها
المخيلة
يا الله طلبتك يا كريمٍ
بلا قياس
أنت العزيز وكلِّ
خلقك ذليلة
أشكي عليك ومالي شكوى
على الناس
مِن راح للمخلوق ضيّع
حصيله
يا اللهِ لا تتكل فقيرك
على الناس
لا تاخذه بالذنب وانته
وكيله
يا طير يا اللي مبعدٍ
خلف الاطعاس
وصِّلْ جوابٍ مِن
خليل لخليله
بلّغ سلامي عِدّ شوقي
والانفاس
أم سليمان اللي بقلبي
نزيلَه
واقطِفْ معك وردٍ مِن
البَرِّ ما انداس
واحذف عليها زهرةٍ
من مِسيلَة
واخبرها عن حالِه ترى
القلب منحاس
والباقعة ماله سبيلٍ
وحيلة
ثوَاه همٍّ شَيَّبَ
العين والرّاس
تكفين يا يمّه تراها
عليلة
همٍّ بِدَا مع ساقته
راح الاحساس
اقفى سَعَدْهَا وراح
يُومِي شِلِيلِه
ان كان همّه مِن
ورا العجز والياس
فدوَاه يصبرْ لين يبرد
غليله
والا سبب حاله عديمات
الاجناس
مات الشجاع بسيفِ عينٍ
ظليلة
والّا سببْ مِن وَرَّدَ
السّمِّ في الكاس
كاس الرفيق اللي فعوله
جليلة
والّا خلا جيبه من
الدّرّ والماس
همَّ الفقيرِ اللي
لوا عزّتي له
والّا سبب قوله عن
الذنب لا باس
لين افسِدَتْ قلبه
ذنوبٍ ثقيلة
واختامها صَلِّي على
هادي الناس
نبيّنا يا سعد منهو
دليله
...........
«شوق»
يا طير يا اللي في
الجديدة سنحني
بلّغ سلامي للقرايب
والاحباب
وصّل سلامي والدي وابكِ
عنّي
قل له ترانا في الوَعَر
بين الاغراب
كان الزمن يمشي عليكم
فكنّي
وقتي وقف في ساعته
والزمن غاب
ليا شفت طيرٍ فوق الاشجار
حَنّي
كنّ الخفوق يجاذبه
ساقي النّاب
لي ونّةٍ مثل النّجر
حين دَنّي
ونَّة كسيرٍ بين الاخصام
منصاب
لو سمعها حِبّ الضنى
كان يجنِّي
يا الله دعيتك واللي
يسألك ما خاب
لو سمعها الطير الحَدَبْ
ما يغنّي
باسباب شوقٍ في الضماير
له أسباب
أخايل البرق الجنوبي
واظنّي
مع شاعِق الصبح القريب
اطرق الباب
واشمّ ريح الشاذليّة
واثنّي
وابرد غليلٍ فالحشا
يلهب لهاب
واكحّل العين بشِفَاتي
واهنّي
نورَ العيون اللي عليه
الوَلَه ذاب
الوالدة مثل السحايب
وكنّي
جدب الصحاري واللهايب
لها انشاب
اطلب عسى الله بالفرج
وارجِهِنِّي
والزَم رجول الوالدة
والزمن طاب
يا الله طلبتك بالبشاير
يجنّي
واحسن ختامي يا رجا
كل طلّاب
واسْعِدْ وداعي واجتهادي
وظنّي
واحسِن جوابي في القبر
تحت الانصاب
...........
«بثّ»
قالوا تصيح وقلت يا
ناس اباصيح
من يوم غارت فيّ طعون
الرّماحي
امنوّل اخفي عِلّتي
بالتواشيح
واليوم يا سالم ترى
السَّدِّ باحي
العام صدري شرحْ واوسع
من السّيح
وذا الحين شَدَّتْ
فرحتي وارتياحي
الصدر ضاق ولا حصل
له تباريح
يا حمود لا تعجب ترى
الموت لاحي
ياما جرى يا صاحبي
من تجاريح
اسامر الجوزاء وانا
ارقب صباحي
يا حمود خبّرني وعجّل
بتصريح
وش علّة المكبود لانْهَج
وناحي
.......
«عشم»
7/ ١٤١٦
يا حسين حالك مِحْرِقٍ
قلبي احراق
كما سعيرَ النار من
فوق بركان
منك بيذوب القلب حسرات
واشفاق
ولا ظنّتي به نار من
دون دخّان
الهاجس المحتار عَشَّمْ
ولا راق
ترى الزمن دوّار لا
شكّ يا فلان
ودّي بحظّك للنواميس فَتّاق
عِزِّي لمن فِكره زعازيع
واحزان
اشوف قلبك للهوى دوم
منساق
ينوح نوح الطير لاجَرِّ
بالحان
اذكُرْ تهاويلك ليا
قيل مِن رَاق
واحسِنْ ثواك بتوبةٍ قبلِ لا كان
كم قطّعت داركْ مِن
القلب معلاق
ما سالم الفجعات لا
اْنْسٍ ولا جَان
دوك المثل يا الحُرِّ
والعين تشتاق
وهذا المثل يا خوك
والدِّين ميزان
......
"سِرْ يا قلم"
سِرْ يا قلم واكتب
جميل الكلامِ
وريّح ضميرٍ هدّه الوقت
هدّاه
مِن شوف عيني واكثير
الملامِ
ولسان فعلك حَدّه الوقت
حدّاه
اليا امتلى المكيال
فاض الكلامِ
وافطَرْ على الخَوَّان
قبل يتغدّاه
علامةَ الدَّيجُورِ كثر الظّلام
والظّلم له رِجْزٍ
ما حَيٍّ تعدّاه
ولكِلّ مِن وحَّد كثير
السلامِ
ويا سِعْدِ منهو طاع
ربّه وبدّاه
.........
«بعيد الشجر»
١٤٢١
لا أعلم هل سيسمح لي صاحبي أن أبيّن سبب
هذه الأبيات أم لا، لكني لن أوضّح كلّ الوضوح ولن أتركها سارحة، ومن عايش الحدث سهل عليه فك رموز القصيدة. وقد ردّ صاحبي بقصيدة، لكنّه كتب عليها (
سرّي ) لذا فهي باقية على شرط صاحبها، والسلام.
يا ابو محمد عسى ملفاك
للجنّة
ربّك حكيمٍ مدبّرْ
خالقَ الكونِ
كم واحدٍ سَبَّلَ العينين
مع وَنَّة
واثْرِ القدرْ يا حزين
القلب له زينِ
الحمد للي له التصريف
ما اظنّه
الّا يسوق البَخَتْ
للِّي يِعَزّونِ
يطيب كيفي من الهيلة
على بِنّه
واما بعيد الشجر لامَاه
مِن دوني
كلٍّ مِن الناس عنده
ما حدٍ حَنِّه
يا بو محمد عساك من
اللي يرضونِ
يا خَي تِصَبَّر عسى
حيلك يردنّه
لعلّ خيرٍ كِتِبْ لك
وانتِ محزونِ
الغيب ما يعلمه غير
صاحب المِنّة
سبحان ربي عظيم الشّان
في الكونِ
ليا وَفَّقَ العبد
حَسّنْ منه ما ظَنّه
منه العَوَض والعطا
والخير والعونِ
.......
«أم الاشراف»
في العمة
الغالية الصالحة العابدة الحكيمة الصابرة المحبوبة فاطمة
بنت سليمان الدميجي (١٣٣٣
- 1423) رحمها الله تعالى.
يا ضيق عيشٍ خالطه
همّ واکدار
وان جا يتنعّم شتّت
الموت شمله
يقطعك يا دارٍ بها
الكاس يندار
لا من سكن قلبه عناله
وتَلِّه
اعلم ترى الدنيا طواريفها
سكار
ولا صحّ ناقهها رحى
الموت شَلَّه
يا حظّ من خاوى
مقاديم الابرار
ربِّه قِبَلْ سَعيه
وزاده رضًا له
كم ضفَّفَتْ بقعا من
اخيار واشرار
أحدٍ من اسقامه وقومٍ
بلا علّة
يا قرب منزلهم ويا
بعد الاسفار
زادٍ سهل والدّرب كلٍّ
يدلّه
العام ننظرهم ونفرح
بالاخبار
واليوم ما نقوى ولو
ربع طَلَّه
يا موت غيّبتْ الحبيبة
عن الدار
ما تدري انّ الرّوح
هي منزل له
لا شفت انا الدمعة
تذكّرت الاخيار
ما كنّي يا خالد سوى
والدٍ له
والله لو بنسى طويلات
الاعمار
ما انسى الحبيب اللي تباعد محلّه
فضايلك يا عمّتي
زينةَ الكَار
بنت سليمان مجانبة
كلّ زلّه
كم للولي صامت وقامت
من امرار
وكم في السَّحَر مِن
بَكْيِةٍ خَشْعَةٍ له
كم علّمتْ ذكرٍ وكم
حذّرت نار
جَعَلْهَا ربّي
باكرٍ تحت ظلّه
يرحمك ربي كلّ ما مرّت
إعصار
ويجعلك من زمرة كليمه
وخلّه
والحمد للرحمن كشّاف
الاضرار
ما يَبْسْ مِن غصنٍ
بلطفه يِبِلّه
وصلاة ربي عدّ قَطْرَات
الامطار
على رسولٍ كلّنا تابعٍ
له
........
«سحابة»
سِر يا قلم مع وِدّْ
قلبٍ سَرَا بِه
مِن بوحْ قلبٍ للتجارب
عَبَرْهَا
ارسل تراحيب المطر
للسّحابة
شيهانةٍ صيدَ الحباري
مَهَرْهَا
لا هدّها الصَقَار
ينسى عذابه
عديمةٍ طرْحَ الحَبَارِي
ظِفَرْهَا
طير العمر حَتْفَ الخَزَزْ
لادرا به
یا قرّ عينك يا
التّميمِ بخطَرْهَا
صقرٍ يهيض الجاش شوف
انصبابه
كم لبِّةٍ للصيد طيرك
فِجَرْهَا
برقٍ يهول القلب خِرْب
سطا به
هدّه كما شهب السما
في سفَرْهَا
دمَّ الحَجَلْ مثل
المطر في انسكابه
لَهَدَّفَ القرناسْ
مجّتْ نَحَرْهَا
لي صاحبٍ حشوَ النّقى
في ثيابه
كم لحيةٍ يوم الحرايب
نصَرْهَا
صقرٍ يهدِّ الطير كلّه
مهابه
كلّ المراجل والظِّفَرْ
ما قصَرْهَا
.........
"عجايب"
وانشد صحيبي عن عذابٍ
لِذِيذي
يكوي بجوفي مِشعلات
اللهايب
كلٍّ يسايرْ دام غِيمِه
رِذيذي
وليا تجهّم شاف منه
العجايب
من ذاق برده صار غرسه
جذيذي
مع المطر تشعف زيوف
الهبايب
لو كان قلبه في الحشا
يِستعيذي
لَامَاه تِطفِي ساخنات
الهبايب
.......
"براغ"
أهلًا وسهلًا بالغلا نسل الاحرار
يا مرحبًا بالّلي خَوَاله عَمَامِه
من عندي ارسل لك تحية ومقدار
تسلم ويسلم لك طريق الكرامة
سلامٍ انعش من رحيق بالازهار
للظّافر الي حشو قلبه قَرَامَة
سلامْ يِثنَى ويتجدّد بتكرار
لاهل المعالي والسِّطَر والزّعامة
حنّا نزلنا ديرةٍ شينة الدّار
نطلب من الله رحمته والسلامة
أهل الفواحش
والخنا سرّ وجهار
وابليس عزّ الله تبيّن وَخَامِه
كلّ الكنايس دندنت وقت الاسفار
واما المساجد في الخَفَا بلا علامة
الحمد للّي يَسِّره دينَ الابرار
كرامةٍ يا كبرها من كرامة
يا ربّ جنّبنا مسالك هَلَ النار
عِذْنَا بوجهك من رجيم وسهامه
وصلاة ربّي عدّ ما دارت اقمار
وعداد ما هلّ المطر من غمامة
على الحبيب المصطفى خالص الدار
أحيا به الاسلام واعلى مقامه
.......
«الحمد لله»
لا لي ولا لك في المقادير تخيير
كلٍّ يقابل في العمر ما كتب له
أدري لو ان لك في المقاسيم تدبير
كان المرض باطراف سيفك تِشِلِّه
سَلّمْ لربّك واشكره في المقادير
واسأله مغفرته وعفوه وظِلِّه
........
"بان الغلا"
1424
في الحبيب
الغالي والصديق المصافي والجار الوفيّ الوافي شجاع بن عبد الله الشريف (ت: 1424) رحمه الله
تعالى.
لا والله الّي بَيَّنَ الله غَلا الغالي
ما كنت اظنّ المحبة ذي تواليها
يا شين ذا الدنيا عُقُبْ سيحةَ البالي
سافر وحنّا بالعواري نقاسيها
شجاعِ قفّّى بالذّكر والتِّحِمْدَالي
كسّابِ للجَزلة مَبَاعِدْ مساويها
يرحمك ربي يا قِصِيرٍ تَهيّالي
تبكيك هجرتنا وتبكي
نواحيها
.....
«صدمة»
خلّ الحصيني وادخلِه مَاكَرَ الذّيب
إن حدِّتِك بقعا بشرُّ ونِكايد
لا ذايقٍ نفعه ولو عينك تشيب
ولا سالمٍ مِنّاتِ شينِ العوايد
لا تنخدع يا حُرّ بزينٍ المراقيب
كلّ الرَّخَم زبّالِ لو هي صوايد
احذر تذلّ الرّاسِ يا وافي الطِّيب
وانهج سبيل الدِّين لو هي شدايد
علّق رجاك بعالِمِ السّرّ والغيب
والّا استحقّ ما جاك وابلع زوايد
........
«درب العَود»
أرحب يا راع الطيب ساس الوفاء والجود
ظَفْرٍ على الكايد ما هو بملّالي
راع السّطَر والجِيد سنّاد درب العَود
حُرٍّ عزيز الصِّيت ما هو بمذلالي
لطّام وجه الذيب حَمّاي
زين الخُود
ريفَ العرب في
الوقت لا شهّب الّلالي
وهّاب زين الذّود يشبه
هبوب النّود
يا اللي تردّ الصّوت بهديك مرسالي
شيّال
همّ الدِّين باب الوفا المقصود
وش عاد
لو كثروا في مَاقَفَ التالي
ان داحمك صيّاح وصار النِّعِم منقود
أبشر ترى بنَاخِيك شيّال الاحمالِ
وان باح راع السِّر واضحى السِّدَد مفقود
يا كاسرٍ قفله لا تلومِ قوّالي
........
«يا هيه»
يسلم لسانك لانفاقٍ وتمويه
عدّيت حقٍّ يا عزيز المقامي
مِن لا يودّك وش تفيدك حكاويه
اقطع حباله واهد معها السلامي
مير البلا لا صار بالقرب حاميه
اصبر ولو خالط سحابه جهامي
لا لِيعْ قلبك من قريبٍ يلاويه
غمّض عيونك كَنِّ ضيمه منامي
احلم عسى الايام تصفي وتكويه
للظلم يومٍ بين شارَة ورامي
فالآخرة ميزانْ عدلٍ يكافيه
والخاسر الي بالظلامه يلامي
.......
«طار الغراب»
طار الغراب وعقّبه كَمْ غرنوق
يا ربّي احسِنْ خاتمة شايبٍ لك
يا ربِّي الرحمن عَدّه عن العوق
بيّض جبينه واكتبه
تحْت ظلّك
يا عبد سابق للعبادات بالشّوق
صحّح مسارك قبل
موتك يتلّك
...............
وصلى
الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان، والحمد لله رب
العالمين.
حمل مجانًا كتاب:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق