إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

الأربعاء، 12 أغسطس 2020

إبطال شبهة وجود تعارض بين الكتاب والسنة



الحمد الله العليم الحكيم القائل: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه وأمينه القائل: " أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ.. الحديث". (1) والقائل: "لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ". (2) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى يقول: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت السماوات والأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) ويقول: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).
لقد عاشت البشرية قرونًا من الظلام والجهل والعماية حتى امتنّ الله اللطيف الرحيم عليهم أن بيّن لهم دينه الإسلام الذي رضيه ولا يقبل دينًا سواه الله، (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)  وأنزل إليهم كتابًا كاملًا (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)، وابتعث لهم سيد المرسلين وخاتمهم محمد صلوات الله وسلامه وبركاته، وائتمنه على وحيه، فأنزل عليه الكتاب ومثله معه وهي السُّنة، وقال في محكم تنزيله مؤكدًا هذا الأمر الأصيل في الإسلام: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
ولا يزال أهل الكتاب يحسدوننا على ذينك الشرفين: القرآن الحكيم والسنة المطهرة، ذلك أن كتابهم قد ضيعوه، ثم حرفوا ما تبقى مما منه قد وجدوه، فأضحى حافلًا بالضلال والشرك والوثنية والتناقض ومحالات العقول ورذائل الأخلاق! فيمّم كثيرُهم وجهه عنه إلى مجاهل الإلحاد وأوحال الضياع، إلا من هداه الله سبيله فاتّبع العهد الأخير كتاب الله الخاتم المحفوظ، فآمنوا بالقرآن واتّبعوا سيد الأنام صلى الله عليه وسلم وملائكتُه وصالحو عباده.
ولا يزال الأفّاكون مع تعاقب الأيام يتعاورون شبهًا يحاولون بها تشويه محيّا الحق الأصيل أو تغطية الوحي الجميل، ويأبى الله! (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون . هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
وقد وقفت على شُبَهٍ باردة سمجة روّج لها أشباه الأنعام ممن لا علم له يتبيّن به، ولا عقل له يرعوي به، لكنها شبهات الشيطان الرجيم. وهي حروف كتبتها يد آثمة تبتغى تشويه صورة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم والزعم بوجود التناقض بين القرآن والسنة. ولو تدبر الناس القرآن حقًّا وفهموه ما تناقض فهمهم لدين الله كتابا وسنة، ذلك أن المعين واحد، (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا).
والله لو كانت من الرحمن ما اختلفت   ...   ولا انتقضت مدى الأزمان
شُبهٌ تهافت كالزجاج تخالها    ...  حقًّا وقد سقطت على صفوان
وهذه الشبهة المذكورة عبارة عن محاولة هزيلة للترويج للزعم الكاذب بوجود التناقض بين الوحي الواحد كتابا وسنة، فيزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي جاء بالقرآن غير محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء بالسنة! ويخلص بذلك إلى أن السنة باطلة والرسول صلى الله عليه وسلم باطل، وبالتالي -بزعمه الفاجر-: فدين الله تعالى وتقدس باطل! تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
وشبهته كلها قائمة على أمر واحد يحاول به ختل ذهن القارئ حتى يزعزع به ما استطاع من يقينه بدينه أو يهزّ شيئًا من مسلّمات المسلمين، وهذا الأمر هو أن يأتي بآية لها معنى وسياق، ثم يفتش في دواوين السنة باحثًا عن نصٍّ يخالف ظاهر تلك الآية حتى لو كان سياقه مختلفًا تمامًا ومعناه غير مقصودِ المخالفةِ لغيره.
توضيح ذلك من غير ما نحن بصدده – ولله المثل الأعلى -: لو أن رواية طويلة الأحداث قال بطلها في فصل منها: أنا عطشان، أو قد سافرت للرياض، وفي فصل آخر وَحَدَثٍ آخر قال: قد ارتويت، أو قد سافرت لمكة. فيأتي متصيّد الأخطاء فيزعم أنّ الكاتب تناقض، وأن البطل إذا ذكر العطش فيستحيل أن يشرب أو يرتوي وإذا سافر للرياض فمحال أن يسافر واو في زمن مختلف لمكة ونحو ذلك! وما هذا بتناقض، فما التناقض إلا في فهمه، عوجًا في منطقه، ومناداة على بلادة عقله. وهذا من توضيح الواضحات.  وقديمًا قال المتنبي:
ومن البليّةِ عذلُ من لا يرعَوي ... عن جهله وخطاب من لا يفهمُ
لقد جاء الأمر بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في نحو أربعين آية من كتاب الله تعالى كقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين) وقوله: (وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون) وقوله: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) ونحو تلك الآيات، وهذا كاف في إبطال دعواه، وبالجملة فجميع شُبّهِهِ تبطلها آية فاذّة من كتاب الله تعالى، قال سبحانه وبحمده: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
وهذه المقالة غيض من فيض من حملات ممنهجة ومغرضه وموجهة للمسلمين لصدهم عن دينهم وتشكيكهم بأصوله وثوابته. وهل هناك أخطر وأكبر وأصرح من مراكز الإلحاد التي تشكك في وجود الله تعالى وتبث بين شبابنا وشاباتنا؟! وتجد بأسف من يتلقفها ويتأثر بها.
وهذه المقالة الشنيعة هي من مقالات الطعن في السنة والتشكيك فيها، فالسنة هي المصدر الثاني للإسلام، والطعن فيها طعن في القرآن، لأن الله تعالى يقول: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقال عن نبيه صلى الله عليه وسلم: (وما ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى). وهي من سلسلة حملات تجفيف منابع الخير والهدى والنور. 
وهذه سنة الله تعالى في خلقه، والصراع باق إلى قيام الساعة بين الحق والباطل، وما قيل وفعل بنبينا صلى الله عليه وسلم خير مثال على ذلك حتى قال له ربه تبارك وتعالى: (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) وقال – وتدبرها جيدًا - : (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) وقال: (ولا تكن في ضيق مما يمكرون) وقال: (ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون  . فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين . واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).
ولا تقوى مثل هذه الحملات إلا حينما يرون قوة الإسلام وخوفهم من انتشاره وغزو ديارهم بالحجة والبيان. 
ولقد وعد الله - ووعده الصدق -: (يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) رغم أنوفهم (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
والواجب علينا ألا نستسلم ونقف ولكن: (كونوا أنصار الله) وهو الغني عنا، وحقيقة نصره التمسك بديننا، والعمل به، والدعوة إليه، ونشر العلم، وحصانة أبنائنا وبناتنا، وتقويه الإيمان في قلوبهم. نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق حتى نلقاه.
ثم إن كلامه كله ساقط مرذول مردود، وسأورد كل شبهة له بين قوسين مزدوجين، ثم أتبعها بردّها باختصار واقتصار، لأن إظهار هذا التهافت كفيل بإبطاله.
 وقد عنونها بقوله: (كتابة مثيرة للغاية.... ولكن) ونقول: إنها مثيرة لغيظ المؤمنين، ومثيرة لاستهجان العقلاء، ومثيرة لاشمئزاز الأحرار، ومثيرة لانتباه الناس لتناقض الكاتب وكذبه وجهله وعدم احترامه لعقول القراء.
وسأنسخ كتابته كما هي تاركًا عليها أغلاطها العلمية والنحوية والإملائية والأدبية والأخلاقية..  وكفاك من شرٍّ سماعه!
قال الكاتب: ((مستحيل ان يكون محمد الذي في القران هو محمد الموجود في التراث وكتب الاحاديث
محمد في القران قد يدافع عن نفسه من الاعتداء ولكنه لا يعتدي على الآخرين (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين )
اما محمد السنه فيقول (امرت ان اقاتل الناس حتي يقولوا لا اله الا الله ) صحيح البخاري)).
والجواب: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي في القرآن يبلغ عن ربه تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) هو محمد الذي يقول له ربه في القرآن: (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) وقال سبحانه: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون). فالقرآن كله متناسق يصدّق بعضه بعضًا ولا يتناقض في شيء البتة (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا). (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون) بلى وعزةِ ربنا!
وقال الكاتب: ((ومحمد في القران لا يعرف ماذا سيحدث له او لغيره يوم القيامه (قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم )
اما محمد السنه فيعلم الغيب ولديه القدره علي ان يقول فلان في الجنه وفلان في النار بل بشر عشره بالجنه))
والجواب: أن الله تعالى قال في القرآن العظيم: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا). فالغيب علمه لله وحده، والله تعالى يفعل ما يشاء وله الأمر كله، وقد أخبر نبيّه ببعض الغيوب لحكم سامية؛ منها إقامة براهين نبوته صلى الله عليه وسلم، وهي ما تسمى ببراهين العلم. وقد كان صلى الله عليه وسلم يخبر أن الله تعالى أخبره ولا ينسب لنفسه شيء من ذلك.
وقال: ((محمد في القران ليس من حقه ان يكره احد علي دخول الدين (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
اما محمد السنه فيقول (من بدل دينه فأقتلوه))
والجواب: ليس هنا تناقض، فقوله تعالى: (لا إكراه في الدين) فالمراد أنه لا يكره غير المسلم بالدخول في الإسلام ابتداء، أما أن دخله فيمنع من الخروج عنه لأن الخروج عنه هزء وسخرية به، وهدم للدين من داخل أسواره، لذلك وجب حسم مادة الفتنة بقطع دابرها والتشديد على من أراد هدمها من داخل أهلها.
والردة عن الدين الحق هي في الحقيقة اشد جرمًا مما يسمى بالخيانة العظمى عند الساسة الذين يحكمون بقتله تشريدًا عن متابعته، لأن حق الله تعالى أعظم مما سواه. ومع ذلك فقد حكم الإسلام باستتابته أولًا، فإن أصرّ فيقتل قتلة كريمة رحيمة وهي ضربةٌ بالسيف لا حرقًا ولا صعقًا ولا شنقًا، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة". (3)
وأما قوله تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالمراد هو الزجر والتهديد والوعيد، وليس الإباحة، بدليل سياق الآية وسباقها، قال تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل!
وقال الكاتب الأفاك: ((ومحمد في القران امر ان يصفح عن من اساء
 في حقه (فاصفح الصفح الجميل)
اما محمد السنه فينتقم من شاعره اسمها أم قرفه بصوره وحشيه تتعارض من الرحمه والانسانيه لمجرد انها كانت تهجوه بشعرها فربطها بين فرسين وجري كل منهم في اتجاه فقطعت نصفين (فتح الباري بشرح صحيح البخاري في كتاب المغازي باب غزوه زيد ابن حارثه ))
والجواب: إن ناقل الكذب أحد الكاذبين، فقصة أم قرفه باطلة ولا تصح، وما بني عليها فهو باطل، وقد رواها الطبري في تاريخه وغيره ولا تثبت، وإسنادها واه. ومدار سندها على محمد بن عمر الواقدي وهو متهم بالكذب لدى علماء الحديث. قال البخاري: الواقدي متروك الحديث، تركه أحمد وابن نمير وابن المبارك وإسماعيل بن زكريا (4) وقال أحمد: هو كذاب. وقال يحيى: ضعيف. وفي موضع آخر: ليس بشيء. وقال أبو داود: أخبرني من سمع من علي بن المديني يقول: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب. وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديث الواقدي، ليس بشيء. وقال إسحاق بن راهويه: كان ممن يضع الحديث.(5) وقال النسائي في الضعفاء والمتروكين: المعروفون بالكذب على رسول الله أربعة: الواقدي بالمدينة، ومقاتل بخراسان، ومحمد بن سعيد بالشام. وقال الذهبي: مجمع على تركه.(6) وإذا كان هذا حال الواقدي فروايته باطلة مردودة، فلا ينبغي لمنصف عاقل أن يذكرها في معرض حجاج. وحتى لو تنزلنا وقبلنا الخبر فهذا تصرف فردي لجندي من جنوده في غيبة منه صلى الله عليه وسلم، فلم يك معهم صلى الله عليه وسلم، ومعلوم من سيرته عدم إقرار مثل تلك الأمور، بل كان نهيه عن قتل النساء والشيوخ والذرية شديدًا واضحًا في كل مغازيه صلى الله عليه وسلم.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في الرحمة، ولا يُعلم في بني آدم أشد رحمة منه، وقد شهد على رحمته حتى من كانوا على غير ملته. قال المستشرق الإسباني جان ليك في كتابه (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) كان محمد رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".(7)
وقال الكاتب: ((محمد في القران لا يفرق بين رسل الله (لا نفرق بين احد من رسله) 
ومحمد في السنه يقول عن نفسه (انا سيد ولد ادم ولا فخر))
والجواب: أن الذي قال: (لا نفرق بين أحد من رسله) هو القائل: (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) والقائل: ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) فنفي التفضيل إنما هو نفي التفضيل المفضي للانتقاص من أحد من الأنبياء،  أما ذات التفضيل فالله تعالى هو من  فضّله لا راد لحكمه ولا معقب لمشيئته تبارك وتعالى. وليس أخباره صلى الله عليه وسلم بسيادته ولد آدم لأجل العلو عليهم – حاشاه - ولكن تحدّثًا بنعمة الله الذي قال له: (وأما بنعمة ربك فحدّث). والراسخون في العلم يردّون متشابه الكتاب لمحكمه، ويقولون: (آمنا به كل من عند ربنا) أما أهل الزيغ: (فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة).
وقال الكاتب الهاذي: ((محمد في القران لا يقتل الاسري في الحروب (فأما منا بعد واما فداء )
وعليه ان يعاملهم برحمه (ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما واسيرا)
محمد السنه يقتل اسراه بتوحش كما قتل يهود بني قريظه وسبي نسائهم))
والجواب: إن الحجاج ينفع من ذي علم أو عقل أو مروءة، ولكن أن يأتيك جاهل مركب فيرمي التهم جزافًا، ويظن أنه أتى بشيء جديد بينما حقيقته دجل أو جهل، وكلاهما هاوية ردى. ويعظم الخطب حين يتكلم في أصول الإسلام، فالجاهل البسيط دواؤه السؤال والتعلّم، وهو الذي لا يدري ويدري أنه لا يدري، أما المصيبة فهي في الجاهل المركب الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، هذا إن أحسنّا به الظن، مع عدم استحقاقه له.
قال حمار الحكيم توما    ...   يا ليتني كنت أَركَب
لأنني جاهل بسيط    ...  وصاحبي جاهل مركب
وعليه فأقول: لقد عاتب الله تعالى نبيه في القرآن حينما أسر الكفار في بدر ولم يقتلهم صبرًا، فقال تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) فكيف يزعم هذا الكاتب أن الله منع في القرآن من ذلك، أما الآية التي استشهد بها على خطله ففيها إبطال باطله، ولكنه اجتزأ منها ما وافق هواه وترك هداه، والآية هي قول الله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) وتدبر: (فضرب الرقاب).
وقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين)، وقال سبحانه: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون) وقال تبارك وتعالى: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل).
أما قتله لبني قريضة فلأنهم نقضوا العهد المؤكد بينه وبينهم، بل زادوا على ذلك الغدر بأن كانوا هم من ألّب القبائل الغازية لاجتياح المدينة النبوية رغبة في إبادة خضرائها، ولكن الله سلّم. وهم مع ذلك يعلمون العقوبة من قبل غدرهم، فمن الملوم؟!
أما الآية الثانية التي استشهد بها فليست مما نحن فيه بسبيل، فهي في الترغيب في حسن معاملة الأسرى، ومعلوم أن الإسلام يحض على إحسان معاملة الأسير، ومن ثمار ذلك في الماضي والحاضر دخول كثير من أسرى المسلمين في الإسلام حين رأوا حسن التعامل ورقي الأخلاق وسمو السجايا للغالب المنتصر المسلم.
أما حكم الأسير المحارب في الشريعة فالإمام مخير فيه حسب المصلحة العامة للمسلمين، فله قتله – إن كانت المصلحة تقتضي ذلك – وله أسره وحبسه، وله استرقاقه، وله إطلاقه بفدية، وله إطلاقه مجّانًا بلا فدية. وكل هذه الخيارات منوطة بأمرين: الأول: المصلحة العامة وهي الحكمة. والثاني: الرفق والرحمة.
وقال الهارف بلا علم ولا هدى ولا أدب: ((محمد في القران ليس شهوانيا فكان يقوم الليل متعبدا (ربك يعلم انك تقوم ادني من ثلثي الليل ونصفه وثلثه)
اما محمد السنه فهو يجامع تسع زوجات في ليله واحده واوتي كما ذكرت كتب الاحاديث قوه ثلاثين في الجماع 
محمد في القران ليس مريض بمرض البيدوفيليا او معاشره الاطفال جنسيا فلا يقبل ان يتزوج الا بعد ان تبلغ المرأه الاجل المناسب (تكون ناضجه جسديا وذهنيا) (ولا تعزموا عقده النكاح حتي يبلغ الكتاب أجله ) (فأن أنستم منهم رشدا)
اما محمد السنه يتزوج طفله صغيره عنده ٦ سنوات ويعاشرها جسديا وهي في التاسعه))
والجواب: من الظلم الواضح الحكم على قضية معينة بقطعها عن سياقها التاريخي والبيئي والاجتماعي، والاكتفاء بتسليط الضوء عليها من خلال نافذة دقيقة لا تستطيع رؤية محيطها العام ولوحتها الكبرى.
فأما سخريته من زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو أعف العالمين وأرحمهم وأرفقهم- بعائشة رضي الله عنها حينما كانت بذلك السن فالجواب: أن نساء المناطق الحارة يبلغن سن النضج سريعًا، فقد يبدأ معهن الطمث عند السابعة والثامنة والتاسعة، وقد روى الترمذي رحمه الله تعالى في سننه تعليقًا عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة". (8)
كما تقول الطبيبة الأمريكية "د. دوشني": "إن الفتاة البيضاء في أمريكا قد تبدأ في البلوغ عند السابعة أو الثامنة، والفتاة ذات الأصل الإفريقي عند السادسة. ومن الثابت طبيًّا أيضًا أن أول حيضة والمعروفة باسم (المينارك menarche) تقع بين سن التاسعة والخامسة عشرة".
هذا، ولم يكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو أول الخاطبين لها، بل كانت مخطوبة لجبير بن مطعم، مما يدل على اكتمال نضجها. وأيضًا فلم تكن خطبته صلى الله عليه وسلم لها برغبة منه، بل كانت باقتراح لخولة بنت حكيم ام شريك على الرسول فأشارت عليه بذلك لاعتقادها أنها كانت صالحة للزواج في حينها وسدّ الفراغ بعد موت السيدة خديجة رضي الله عنها، وقد وافقها صلى الله عليه وسلم لمحبته والدها رضي الله عنهما.
وهنا ملحظ مهم، فقد كانت قريش تبحث عن أدنى غميزة تصل بها للطعن في رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ومع ذلك فلم يذكروا ذلك ولو بأدنى إلماحة مما يدل على استقرار الأمر بمناسبة زواج البنت في ذلك السن لديهم.
أما تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم فقد كان لغايات سامية ومقاصد شريفة تتقاصر دونها أفهام من ينظرون للأمر بسطحية وسذاجة دون الوقوف عند حالِهِ أولًا، ثم موقعه من قيادة سفينة المجتمع والدولة الفتية ثانيًا.
 فابتداءً ما عدّد صلى الله عليه وسلم الزوجات إلا بعد وفاة خديجة رضي الله عنها وكان قد بلغ سن الثالثة والخمسين، وهو وقت فتور رغبات الجسد بعد أن طوى خلفه سن الشباب الذي يكون عند الناس مظنة توقّد الشهوة.
 كما تزوج من ثيبات ليس منهن بكر سوى عائشة، بل كانت بعضهن كبيرات السن، فقد تزوج لاعتبارات اجتماعية وتشريعية وسياسية لصالح الأمة:
 فسودة رضي الله عنها كانت متقدمة في السن ولم تذكر بجمال، وزينب بنت خزيمة كانت قد بلغت الستين، وأم سلمة قد تجاوزت سن الشباب حين بنى بها، وتزوج حفصة بنت عمر بعد وفاة زوجها إكرامًا لأبيها، وتزوج زينب بنت جحش لإبطال عادة أهل الجاهلية بالتبني؛ لأن زيد بن حارثة الذي كان قد تبناه كان قد تزوجها وطلقها. وتزوج جويرية بنت الحارث زعيم قبيلة بني المصطلق فدخل قومها الإسلام ببركة ذلك الزواج، كذلك فقد تزوج بأم حبيبة بنت أبي سفيان سيد قريش، تزوج صفية بنت حيي بن أخطب ليصاهر سلالة هارون عليه السلام تأليفا ليهود..  إلى غير ذلك من الحكم السامية والغايات النبيلة؛ كنقلهن لتفاصيل الشريعة التي لا يطلع عليها في العادة سوى نساء الرجل. وانظر ما ذكرته المستشرقتان آن بيزيت في كتابها "حياة وتعاليم محمد" ولورا فاغليري في كتابها "دفاع عن الإسلام" (9) فقد أكدتا سموّ تلك الزيجات النبوية ونقاءهما مما وصمه به أعداؤه المغرضون الكاذبون.
وقال الكاتب: ((ومحمد في القران ارسله الله رحمه للعالمين
ومحمد السنه قال في الحديث جئتكم بالذبح))
والجواب: أنه أرحم أنسان أظلّته السماء وأقلّته الأرض، بل شملت رحمته الحيوان والطير وأخبار ذلك كثيرة جدا، أما قوله: "جئتكم بالذبح" فهو خبر عن مصير بضعة أعيان بخبر الله له، وحتى لو قلنا لقريش فهو خبر صدق لما سيصيبهم في بدر حينها. وقد قالها حينما وضعوا السلا على ظهره وهو ساجد لربه في فناء الكعبة فتمايلوا من الضحك والسخرية فغضب غضبة دينية لأجل دين ربه، فكسر طغيان لحظتهم الفاجرة بقوله الصادق المعجز، فكان كما قال صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحزم الذي أجمع عليه العقلاء، فالرحمة والعفو في موضع الحزم والعقوبة ليست من الحكمة في شيء، وقد قال الأول:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضرٌّ كوضع السيف في موضع الندى
ومع هذا فالأصل المستمر في حياته صلى الله عليه وسلم هو الرفق والرحمة، أما الاستثناء النادر فهو الشدة في حدها ووقتها ومكانها وحينها.
وقال الكاتب: ((ومحمد في القران ليس من حقه ان يشفع لاحد يوم القيامه (يا أيها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خله ولا شفاعه) بل سوف يشتكي امته يوم القيامه ويقول (وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا)
اما محمد السنه فيقول (امتي امتي) ويشفع لامته يوم القيامه وينقذهم من النار (أفأنت تنقذ من في النار))
والجواب: أن الشفاعة قد جاءت في القرآن الكريم على قسمين: شفاعة مثبتة بشرطي إذنه تعالى للشافع أن يشفع ورضا سبحانه عن المشفوع له، قال تبارك وتعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) وقال: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) وقد جمع الشرطين في قوله الأجل: (وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا ألا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) ثم هي ليست خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم، بل الرسل والملائكة والصالحون والشهداء والأفراط يشفعون كذلك. ولكرامته صلى الله عليه وسلم على ربه فشفاعته أعظم الشفاعات، ولكل نبي دعوة مستجابة فاستعجل كل نبي دعوته، وقد ادّخر رسولنا صلات الله وسلامه وبركاته عليه دعوته شفاعة لأمته يوم القيامة، جعلنا الله تعالى ووالدينا وأحبابنا والمسلمين من أهلها، آمين إله الحق.
ثم ختم الكاتب مقالة الساقط بقوله الآثم: ((يا تري من نصدق
هل نصدق وصف محمد في القران الذي وصفه الله بكل الاخلاق العظيمه
ام نصدق محمد السنه الذي كان يقتل ويغتصب ويسب ويلعن ويتغر بنفسه
قارن واحكم سوف تعرف لماذا تركت كل انواع كتب الاحاديث التي حكت عن الرسول وعرفت كل شيء عنه من القران.))
والجواب: أن هذه الحروف دالة على كثافة طبع وضعف علم وخطل أدب وخبل عقل، فكيف يقبل حرٌّ يحترم نفسه وعقله أن ينطق أو يكتب مثل هذا؟!  ونذكره بقول الجبار جل جلاله: (إنا كفيناك المستهزئين) وقوله الأعز الأجل: (إن شانئك هو الأبتر) وندعوه للدخول في دين الله تعالى، ليكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وليعلم أن الإسلام يهدم ما قبله والتوبة تجبُّ الحوبة.
ختاما أقول حامدًا ربي شاكرًا ممتنًّا معترفًا بالقصور والتقصير سائله سبحانه العفو والرحمة والغفران والرضوان: الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك وملائكتُه والصالحون على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
.................................................
1.    أحمد (17174)، واللفظ له، وأبو داود (4604)، والترمذي (2664) وحسنه.
2.    أحمد (23861)، والبخاري في التأريخ الكبير 7 /288، وابن ماجه (13)، وأبو داود (4605)، واللفظ له، والترمذي (2663) وحسنه.
3.    رواه مسلم (1955)
4.    تهذيب الكمال (26/ 185-186)
5.    الجرح والتعديل (8/ الترجمة:92)
6.    انظر مغني الضعفاء (2/ الترجمة 5861)
7.    العرب (43)
8.    الترمذي (3 / 409)
9.    ص: (99- 100)