تحريرُ قَدْرِ الصَّاعِ النّبويِّ
الحمد لله وحده، أما بعد؛ فإنّ المُدَّ بملء اليدين مضمومتين جميعًا يُعتبر
مُدًّا واحدًا، وقد جرى كلام الفقهاء في تحديد مقداره بناء على واحد من مناطين:
الأول: الاكتفاء بظاهر
الأمر النبوي بإجرائه على المُدّ، وهذا يُرَدُّ الى العرف، وهو مُدُّ اليدين
المتوسطتين المعتدلتي الخلقة كأكثر الناس، وهو الأصل، وهو المختار لمن تيسّر له
ذلك.
المناط الثاني: وهو مبني على
الأول تسهيًلا وتقريبًا وتحريرًا، وهو تحديد المُدِّ بناء على الآصع التي وُجدت
بالسند إلى عصر الصحابة رضي الله عنهم، وهي بضعة أوانٍ منسوبة إلى رجال من الصحابة
المرضيين، علمًا أنّ الآصعَ الصحابيّة مفتقرة لإثباتٍ من جهة السند، وأيضًا فهي مفتقرة
لإثبات أنّها دقيقة ومحددة وليست لأجل الكيل فقط، وأيضًا فهي
مفتقرة لإثبات أنّها لا تحوي زيادة متعمّدة احتياطًا وصدقة، فمن الصالحين من يزيد كيلته
لغرض زيادة الصدقة طلبًا للأجر واحتياطًا للقَدر، فربما كان من ذلك شيء، ولو علم الصحابيّ
أنّ مكياله سيكون أصلًا لربّما غيّره، فهذه كلها محتملات، وإذا دخل الاحتمال سقط
الاستدلال، ولكن يستأنس بها من غير أن تكون حجة. ومما يرجح أنها مبنية على غلبة الظن اختلاف كيل ما وُجد منها، فهي
مختلفة الأحجام لا متفقة المكيال، فدل على أن الأمر مبني على التسامح وغلبة الظن
لا التشديد بالتدقيق.
فالراجح والله أعلم: هو القول الأول، أي الاكتفاء بمُدِّ اليد
المعتدلة الخلقة بدون تحديدٍ دقيق للوزن، بل الاعتبار بغالب الظن الأعم كسائر
العبادات كإزالة النجاسة
ورفع الحدث والقبلة وأعمال وأقوال الصلاة والطواف وسائر العبادات رفعًا للحرج عن الامة.
وعليه؛ فتقدير المُدّ داخل في هذا الباب كغيره، فلو قَدَّرَ كلُّ امرئ مُدَّهُ بيديه
إن خَلَتا من صغر أو كبر غير معهود؛ فمُدُّه معتبر شرعًا، كما هي عادة مكاييل السلف من الصدر الأول وما بعده، فكل يقدّر مُدّ
بنفسه، وليس هناك كثير اختلاف بينها أصلًا، لتقارب مقادير كفوف الناس في الجملة، مع
العفو عن يسير الاختلاف، فيُكتفى بأن يمدّ يديه مضمومتين بأربع حفنات طعام. فهذا كافٍ
شرعًا، وليس بحاجة لتدقيق شديد، فضلًا عن حسابها بحبة القمح ونحوها. وإن أخذها
بالتقدير الوزني واعتمدها؛ فهي كافية شرعًا عن إعادة تقديره بأمداد كفّيه في كل
مرة. لذلك قال ابن باز رحمه الله تعالى لما ذكر وزن الصاع النبوي: "لكن باليدين أضبط
من الوزن، كونه باليدين المعتدلتين المملوءتين، كما بيّن أهل اللغة"([1]). أهـ.
فإن أردتها بالوزن: فإنّ كيلوين ونصف الكيلو (2500 جرام) كافية إن شاء
الله تعالى، وهو متوسط الأقوال وأجودها، وإن أخرجتها كيلوين وأربعين جرامًا (2040 جرام)
فهي مجزئة كافية، وإن زدت إلى ثلاثة كيلوات أي: (3000 جرام) فهو زيادةُ خيرٍ وإحسانُ
احتياطٍ، وإن كان غير لازم، وكل ما ذكرته لك فهو عام لكل لون من الطعام، ووزنُ كلِّ
نوع من الطعام تابعٌ لمُدِّه، وهي متقاربة في الجملة، ولأن مقدار الصاع قليل، وبالله
التوفيق، والله تعالى أعلم.
هذا الملخص وإلى التفصيل:
المستقر لدى أهل العلم أنّ الصاع النبوي يساوي أربعة أمداد، والمد
يساوي ملء اليدين المعتدلتين بضمهما معًا وليس بإفراد كل واحدة عن الأخرى. وبما
أنه قد صار مقدارًا شرعيًا لأنصبة الزكاة وغيرها كالطهارة والكفارة؛ فمن المحتّم
تحرير مقداره.
فمن حيث
المعنى: فالصَّاعُ، وَالصُّوَاعُ، وَالصَّوْعُ، فِي اللُّغَةِ: هو مَا يُكَال بِهِ،
وَهُوَ مُفْرَدٌ جَمْعُهُ آصُع، وأَصْوُعٌ، وَأَصْؤُعٌ، وَأَصْوَاعٌ، وَصُوعٌ وَصِيعَانٌ([2]). وأصله إناء يُشرب منه.
والصاع اصطلاحًا:
مكيال يكال به في البيع والشراء، وتقدر به كثير من الأحكام الشرعية([3]).
والصاع قد ذكر كثيرًا في السنة، وقد ذكر أيضًا في القرآن العظيم في
سورة يوسف ﴿قَالُواْ نَفۡقِدُ صُوَاعَ ٱلۡمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمۡلُ
بَعِيرٖ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِيمٞ ٧٢﴾
[يوسف: 72]، قال ابن عاشور رحمه الله تعالى: "والصواع هو لغة في الصاع، وهو
آلة للكيل يقدر بوزن رطل وربع أو وثلث. وكانوا يشربون الخمر بالمقدار، يقدر كل شارب
لنفسه ما اعتاد أنه لا يصرعه، ويجعلون آنية الخمر مُقدَّرة بمقادير مختلفة، فيقول
الشارب للساقي: رطلًا أو صاعًا أو نحو ذلك. فتسمية هذا الإناء سقاية وتسميته صواعا
جارية على ذلك"([4]).
فالصاع في الأصل: هو آلة لقياس الحجم، ولما أرادوا تيسيره والمحافظة
على مقداره قدروه بالوزن. ومن هنا جاء الاختلاف في مقاييسهم. فبالنسبة لتقديره
بالوزن فهو يختلف باختلاف نوع الطعام المكيل، ومن هنا اختلفوا في حسابه بالكيلو،
فمنهم من قدره بـ 2040 جرامًا، ومنهم من قدره بـ2176 جرامًا، ومنهم من قدره بـ3000،
ومنهم من قدره بغير ذلك. وقد قدرته اللجنة الدائمة للإفتاء بما يساوي ثلاثة كيلو
جرام تقريبًا احتياطًا للعبادة.
هذا؛ وإنّ المُدّ
لم يذكر في القرآن الكريم، إلا أنه ذكر في السنة النبوية في عدة أحاديث. وقد وقع
الاتفاق على أن المُدَّ جزءٌ الصاع، وأنّ الصاع يساوي أربعة أمداد، إلا أنهم اختلفوا
في المُدّ كم رطلًا يساوي، وعليه اختلفوا في تقدير الصاع.
وقد كانت القياسات لدينا قديمًا بالميل والرطل، ولازال معمولًا بها في
بعض الدول كأمريكا، ولكن بعد نفوذ البريطانيين في أكثر بلاد العالم صارت القياسات طولًا
ووزنًا بالكيلو، فاحتجنا حينها إلى معادلة ذلك نسبة وتناسبًا. وجادّة المتقدمين هي
الوزن بالرطل. علمًا بأن وحدتي القياس الرطل للوزن والميل للمسافة هما أقدم
من النظام المتري الشائع حاليًّا في الوزن بالكيلو جرام والمسافة بالكيلو متر
عالميًّا.
وعليه؛ فبالنسبة لتقدير الرطل؛ فإنّ الرطل الواحد يساوي
(0.45359237) كيلو جرام (أو 453.59 جرام). وقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الصاع يساوي خمسة
أرطال وثلثًا بالعراقي، وذهب الأحناف إلى أنه يساوي ثمانية أرطال بالعراقي([5]).
علمًا بأن ضبط الصاع بالأرطال في زماننا غير دقيق، لأن أصل الصاع
النبوي وحدة حجم لا وزن، فالصاعَ معيار لقياسِ الحجمِ، أما الكيلو والرطل فهما
معياران لقياسِ الوزنِ، فالصاعُ من التمرِ ليس وزنُه كالصاعِ من القمح أو الشعير
أو الأرزِ أو الذرة ونحوهن، لذلك يختلف وزن
الطعام بحسب جنسه، فالصاع معيار للكمية لا الوزن، أما المكاييل حاليًّا فإنها تُقدّر
بالوزن. ولذلك ينبغي التنبّه عند تحديد الصاع بالوزن إلى بيان وزن كل جنس على
حده، فيقال: الصاعُ من البُرِّ يساوي كذا بالجرام أو الكيلو، والصاع من الأرز
يساوي كذا بالكيلو، والصاعُ من التمرِ يساوي كذا بالكيلو، وهكذا. وقد قال الإمام النووي رحمه الله تعالى قبل ثمانية قرون: "قد
يستشكل ضبط الصاع بالأرطال، فإن الصاع المخرج به في زمن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مكيال معروف، ويختلف قدره وزنًا باختلاف جنس ما يخرج، كالذرة والحمّص وغيرهما"([6]).
قال الشبراوي معلّقًا: "ومن المعلومِ أن ضبطَ الصَّاعِ بالأرطالِ في زمانِنا
متعسِّرٌ جدًّا، حيثُ إنَّ كلَّ شيءٍ تقريبًا أصبح يُقدَّر بالوزنِ"([7]).
والصاع أربعة أمداد،
ولكن هناك خلاف في مقدار المد. فالجمهور على أن المُدّ رطل وثلث، وذهب الحنفية إلى
أنه رطلان. وعلى قول الجمهور فإن المد يساوي ٥٤٤ جرامًا على اعتبار أن المُدّ رطل وثلث،
وأن الرطل مقداره ٤٠٨ جرامات.
قال أبو داود: "سمعت
أحمد بن حنبل يقول: الفَرَقُ ستة عشر رطلًا، وسمعته يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال
وثلث، وهو صاع النبي ﷺ([8]).
قال: فمن قال: ثمانية أرطال قال: ليس ذلك بمحفوظ. قال: وسمعت أحمد يقول: من أعطى في
صدقة الفطر برطلنا هذا خمسة أرطال وثلثًا فقد أوفى، قيل: الصيحاني ثقيل، قال: الصيحاني
أطيب، قال: لا أدري"([9]). وابن أبي ذئب هو
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب محدث فقيه من رواة الكتب الستة، ونسبة
الصاع إليه على اعتبار أنه مشتهر عنه وموجود عنده ومتوارث لديه عن النبي ﷺ. أو أنه كان عنده
صاع كصاع النبي ﷺ فجعل الناس صيعانهم على صاعه فاشتهر الصاع به، ويحتمل أنه كان يصنع
الصيعان([10]).
ثم ذكر الإمام
أحمد أنّ الصاع الذي كان معروفًا لديهم هو صاع ابن أبي ذئب، ومقداره خمسة أرطال وثلث. والصيحاني هو نوع من تمر المدينة، والمقصود بقوله: "ثقيل" أي:
أنه لو وزن منه خمسة أرطال وثلث فإنه لن يملأ الصاع؛ لأنه ثقيل الوزن، وليس مثل التمر
الآخر الذي يكون خفيفًا، وهذا معلوم لدى أهل النخيل، فمن التمور ما تكون كثافتها
أشد من غيرها كنبتة السيف مثلًا فيثقل وزنها لكثرة مائها وشدة كثافتها، ومنها ما
يكون أقل كثافة حتى يقترب من الحشف الخفيف.
والمقصود؛ أن
التمر الصيحاني إذا ملئ منه الصاع يكون وزنه أزيد من خمسة أرطال وثلث. لذلك قال الإمام: "الصيحاني أطيب". أي: أنه إذا ملأ الصاع بالصيحاني الثقيل فهو أطيب، يعني: أنه يملأ منه
الصاع وإن كان يزيد في الوزن عن خمسة أرطال وثلث لكونه ثقيلًا، فإن مقدار خمسة أرطال
وثلث منه أقل من ملء الصاع لثقله، وإذا أتى المؤمن بصاع يملؤه بطعام ثقيل له قيمة لا
شك أنه أكمل وأطيب وأحسن وأشكر. وقوله: "لا
أدري": أي لو وزن أحد من التمر الصيحاني خمسة أرطال وثلثًا ولم تملأ الصاع، واكتفى
بها، هل تكفي أو لا تكفي؟ فهو يشك في كونها كافية؛ لأنها لم تبلغ مقدار الصاع من حيث
الكيل، وإن كانت بلغت مقداره من حيث الوزن([11]). فتردده مبني على معيار الإجزاء لديه؛ هل الاكتفاء بالوزن، أم لا بد من
مراعاة الحجم، والذي جاءت به السنة مراعاة الحجم، لذلك استروح لها وقال:
"أطيب". والله تعالى أعلم.
قال أبو عبيد القاسم
بن سلام: "وجدت الآثار قد نقلت عن النبي ﷺ وأصحابه والتابعين بعدهم بثمانية أصناف
من المكاييل: الصَّاعِ، وَالْمُدِّ، وَالْفَرَقِ، وَالْقِسْطِ، وَالْمُدْيِ، وَالْمَخْتُومِ،
وَالْقَفِيزِ، وَالْمَكُّوكِ، إلا أن عظم ذلك في المُدّ والصّاع»([12]).
وقال في تقدير الصاع: "فقد فسّرنا ما في الصاع من السنن، وهو كما أعلمتك: خمسة
أرطال وثلث، والمُدُّ رُبْعُه، وهو رطل وثلث، وذلك برطلنا هذا الذي وزنةُ مئة درهم
وثمانية وعشرون درهمًا"([13]).
فالرطل: معيار يوزن
به ويكال، والأرطال تختلف باختلاف أعراف الأمصار، وقد كان ذلك مشهورًا كما قال الجاحط:
"الأمراء تتحبب إلى الرعية بزيادة المكاييل، ولو كان المذهب في الزيادة في الأوزان
كالمذهب في زيادة المكاييل ما قصروا، كما سأل الأحنف عمر بن الخطاب الزيادة في المكاييل.
ولذلك اختلفت أسماء المكاييل، كالزيادي، والفالج، والخالدي. حتى صرنا إلى هذا الملجم
اليوم"([14]).
ولهذا؛ فالرطل الشامي
مقداره ٤٨٠ درهمًا([15])،
والرطل المقدسي مقداره ٨٠٠ درهم، والرطل الحلبي مقداره ٧٠٠ درهم، والرطل المصري مقداره
١٤٤ درهمًا([16])، وأقلُّها الرطل البغدادي فإنه يقارب 130 أو 128 درهمًا. والكلام هنا
إنما هو على الرطل البغدادي الذي اعتبره جمهور العلماء أساسًا تقاس به الموزونات والمكيلات
في المعاملات الشرعية. قال الفيومي رحمه الله: "قال الفقهاء: وإذا أطلق الرطل في الفروع فالمراد به رطل بغداد"([17]).
وحتى مقدار الرطل
البغدادي فإنه مختلف فيه بين أهل العلم([18]).
قال ابن الرفعة الأنصاري: "اختلف النقلة في الرطل البغدادي، فقيل: إنه مئة وثمانية
وعشرون درهمًا، وقيل: مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم.. وقيل: مئة وثلاثون
درهمًا"([19]). وقال الخاروف معلّقًا: "والجدير بالذكر أن الفقهاء اختلفوا في تقدير
دراهم الرطل البغدادي فيما بينهم. فالحنفية قالوا بأنه يتركب من «١٣٠» درهما كيلًا
أو «٩١» مثقالًا كيلًا، وأما المالكية والحنابلة فقالوا بأنه يتركب من «١٢٨» درهمًا
كيلًا أو «٩٠» مثقالًا، وقال الشافعية:
إنه يتركب من ٤/ ٧ ١٢٨ درهمًا كيلًا أو «٩٠» مثقالًا. ورغم هذه الاختلافات فإن الرطل
البغدادي يعادل «٤٠٨» جرامًا"([20]).
وفي كتاب الميزان في الأقيسة والأوزان:
أنه توصل بعد بحث عميق ودقيق في هذا الموضوع إلى أن وزن المثقال الذي قدر به الرطل
البغدادي يساوي ٤، ٥٣ جرامًا، وأن الدرهم بناء عليه يساوي ٣، ١٧ جرامًا([21]).
فيكون وزن المثقال= ٣/ ٧ ١ ×٣، ١٧= ٤، ٥٢ جراما تقريبًا. بناء على أن وزن الدرهم
الإسلامي الشرعي يقارب (3) غرامات([22]).
قال الشيخ عبدالله المنيع معلِّقًا على ذلك: "وعليه فإن مقدار
وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن المثقال = ٤، ٥٣ جرامًا يكون = ٤٨٠ × ٤، ٥٣ =
٢١٧٤، ٤ جرامًا أي ٢١٧٥ جرامًا تقريبًا. ويكون مقدار وزن
الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن الدرهم = ٣، ١٧ جرامًا يكون = ٦٨٥، ٧١٤× ٣، ١٧ =
٢١٧٣، ٧ جرامًا تقريبًا.
وقد بحثت هيئة كبار
العلماء في المملكة العربية السعودية مقدار الصاع بالكيلو جرام وكان بحثها معتمدًا
على أن صاع رسول الله ﷺ أربعة أمداد، وأن المد ملء كفي الرجل المعتدل، وكان منها تحقيق
عن مقدار ملء كفي الرجل المعتدل، وتوصل هذا التحقيق إلى أن مقدار ذلك قرابة ٦٥٠ جرامًا
للمد، فيكون مقدار الصاع ٢٦٠٠ جرام.
والذي عليه العمل
والفتوى حسب ما صدر من سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز
بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتي عام المملكة المنصوص عليها في الجزء الرابع عشر
من مجموع رسائله وفتاواه([23]).
وكذلك الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء
برقم ([24])١٢٥٧٢
أن الصاع النبوي مقداره ٣ كيلو تقريبًا"([25]).
قال ابن باز
رحمه الله تعالى: "صاع النبي ﷺ أربع حفنات، أربع حفنات باليدين المعتدلتين، وأما
الوزن هو الوزن.
الحاصل: أنه بالحفنات
أضبط، حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، هذا صاع النبي عليه الصلاة والسلام، وهو
بالرطل خمسة أرطال وثلث بالرطل العراقي والرطل تسعين مثقالاً، والرطل والثلث يعني:
مئة وعشرين مثقالاً، فالمعنى أنه أربعمئة وثمانين مثقالًا، الصاع النبوي على هذا لكن
باليدين أضبط من الوزن، كونه باليدين المعتدلتين المملوءتين كما بين أهل اللغة"([26]).
وقال: "زكاة الفطر مقدارها بصاعنا الآن ثلاثة كيلو تقريبًا؛ لأن خمسة أرطال مثل
صاع النبي ﷺ وهو باليدين الممتلئتين المتوسطتين أربع مرات كما ذكر في القاموس وغيره
إذا ملأ يديه أربع مرات، وهما معتدلتان، وملأهما ملئًا تامًا، هذا عن مد، والأربع عن
صاع، وبالكيلو ثلاثة كيلو تقريبًا، ثلاثة كيلو يشف قليلاً([27])،
فإذا أخرج ثلاثة كيلو فقد احتاط وأخرج صاعًا كاملًا للفطرة"([28]).
وسئل: كم يقدر الصاع النبوي بالكيلو؟ فأجاب: "ثلاثة كيلو إلا شيئًا قليلًا، ثلاثة
كيلو تقريبًا"([29]).
وفي فتاوى اللجنة
الدائمة: "المقصود بالصاع: صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات بكفي
رجل معتدل الخلقة"([30]). وجاء عنها أيضًا:
"إن الذي تحرر لنا في مقدار الصاع النبوي: أنه قدر أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل
في الخلقة إذا كانتا مملوءتين. وهذا هو الذي ذكره بعض أهل العلم كصاحب النهاية والقاموس،
وأما الآصع الموجودة في الأسواق فيختلف بعضها عن بعض وعليه فإن العمدة في التقدير ما
ذكره العلماء بالتقدير بحفنة يدي الرجل المعتدل خلقة، والله أعلم"([31]).
وقال الشيخ محمد
العثيمين رحمه الله تعالى: "صاع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وقد قدر
العلماء رحمهم الله هذا الصاع أعني صاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبر الرَّزِين،
يعني الجيد، وإنما قدّروه بذلك لأن المكاييل تختلف والموازين أضبط، فذلك قدّروها بالوزن
فمن احتاط وأخرجها من البر الرزين كيلوين ونصف فلا حرج عليه، لأن الزيادة خير، ومن
أراد أن يقتصر على الواجب فإنّنا قد حررناه فبلغ كيلوين وأربعين غرامًا، وأعني بذلك
الصاع النبوي. والأمر في هذا واسع، يعني أن الإنسان إن أخرج أكثر من الواجب فلا حرج
عليه، خلافًا لمن قال من العلماء: إن إخراج أكثر من الواجب مكروه، لأنه زيادة عما فرضه
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن الصواب: أنه ليس بمكروه، وأنه لا بأس به"([32]).
وقد أجرى الشيخ خالد السرهيد دراسة عملية بالتعاون مع الهيئة العربية
السعودية للمواصفات والمقاييس فحاول تقدير
الصاع النبوي بطريقة الحفنات المعهودة، فقاسها على أربعين رجلًا معتدلي الخلقة
ومتوسطي اليدين، وانتهى إلى أن هذه الطريقة تعطي نتائج متباينة؛ لأن الأيدي تختلف،
وانتهى إلى أن الصاع يقارب: 2500 مللتر([33]). أي: 2500 جرام.
وبالله التوفيق، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله
وصحبه ومن تبعه بإحسان، والحمد لله رب العالمين.
إبراهيم الدميجي
15/1/1447
aldumaiji@gmail.com
([11])
وانظر: شرح سنن أبي داود للعباد ١٩/١٢ وقال:
"والصاع في هذا الزمان يعادل ثلاثة كيلوا جرامات، فإذا أخرج ثلاثة كيلو جرامات
من الأرز من الرز في زكاة الفطر فإنها بقدر الصاع".
([18])
تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة، عبد الله بن سليمان المنيع،
منشور في مجلة البحوث الإسلامية ٥٩/١٧٣
([25])
تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة، عبد الله بن سليمان المنيع،
منشور في مجلة البحوث الإسلامية ٥٩/١٧٣