إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

إليكَ.. وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ..

الاثنين، 11 أبريل 2016

المراء

المراء
المراء داء الفضلاء، فحتى أهل العلم والفضل لم يسلموا من وضر تلك الإحنةِ النفسانية – ومرجعها الحسد – فترى في ردود بعضهم على بعض – مع أهميتها - انتصار ظاهر للنفس وهضم قبيح لحق أخيه وإشاعة لعيبه الذي لا علاقة له بما رُدَّ عليه فيه، وتزَيّد وتكبّر ورتعُ عرضٍ حرام. ولو راجع الفقيه نفسه لرأى أنه منتصر لهواه لا لهداه، والله الحافظ الهادي المستعان.
ومن أكثر ما يفرّق بين الإخوان المماراة، فيقول الأول شيئًا فيخالفه صاحبه، فيدلي كلًّا بحجج تدعم مذهبه ورأيه، ثم يتعصب له وترتفع الأصوات، ثم يتحول محور الحديث لنقد ذات الشخص لا لقوله ورأيه، ثم تُستحضر المواقف البعيدة والقريبة، مع تلوينها بسوء الظنون وإظهارها بأقسى الألفاظ وأوحش التشبيهات، فتكون النهاية المؤسفة الفرقة والقطيعة والتسبب في عدم رفع الأعمال مع حرمان بركة الاجتماع ورحمته.
قال مالك: المراء يقسي القلوب ويورث الضغائن. وقال الآجري: عند الحكماء أن المراء أكثره يغير قلوب الإخوان ويورث التفرقة والوحشة بعد الأنس.
وأعظم من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم ببيت في رَبَض الجَنَّة لمن ترك المِراء وإن كان مُحِقّا، وببيت في وَسَط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسنَ خُلُقَهُ". والمراء: هو الجدال. والربض: هو ما حول المدينة من العمارة ونحوها.


إبراهيم الدميجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق